عماد الدين أديب

يقول المفكر جوستاف لوبون: «لا تكره عدوك حتى لا يؤثر ذلك على موضوعية تقييمك له». معنى العبارة واضح وصريح، وهو أيضاً عميق لأنه يطلب من الإنسان أن ينظر إلى الأمور بموضوعية وتجرد ويرى الحقائق كما هي حتى لو كانت من أكثر الأشخاص عداوة له. مثلاً: لا يجب التقليل من قوة العدو العسكرية، أو المادية لمجرد أنه عدو. مثلاً: لا يجب وصف اقتصاد العدو بأنه منهار تماماً وسوف يسقط عند أول ضغوط عليه لمجرد أنه عدو.

ولا يجب أن نقلل من شأن مخالفات عدونا الإقليمية والدولية لمجرد أننا لا نحبه ونكره كل أفعاله.

الحقائق، والأرقام، والإحصاءات الموضوعية لا تعرف عدواً أو صديقاً، وليست لها مشاعر أو انحيازات، إنها مجرد أرقام حصاد تعكس مدى قوة أو ضعف واقع حال أي طرف كائناً من كان. في عالمنا العربي نفسر الأرقام بشكل إيجابي إذا كنا نحب أصحابها، ونفسرها بشكل سيئ إذا كنا نكره أصحابها.

الوقائع والحقائق الموضوعية لا تعرف انحيازات عاطفية، ولكن تحتاج إلى فهم وتدقيق وبناء تقدير موقف صحيح وواقعي بناء على ما تعنيه. وليس هناك أبلغ من العلامة ابن خلدون حينما قال في هذا المجال: «الحر يدافع عن الفكرة مهما كان قائلها والعبد يدافع عن الشخص مهما كانت فكرته»!