عبده خال

لا يمكن جني العنب من الشوك. وتكمن الاستحالة في هذا المثل استخراج حياة من ميت، وسقوط النظام السوري الميت هو الشوك، فمن أين يأتي العنب؟

انتهى نضال إسقاط الأسد، لتفتح الأبواب لنضال بناء دولة وصلت إلى عمق مراحل الفشل.

فمن سوف يبدأ البناء في ظل تكالب دول عديدة تمثل مجموعة اللاعبين داخل الملعب، وتختلف قوى وأدوار كل لاعب تواجد على الأرض السورية، وإن ظهرت علامات كل لاعب وجزء من دوره، وأهدافه.

ويمكن ذكر بعض اللاعبين الفاعلين، كتركيا، وإسرائيل، وأمريكا، وروسيا، وإن تخلف الدور الإيراني إلا أنه لن يكون لاعباً احتياطياً، ولاعب الرئيس هي منظومة (تحرير الشام) التي وضعتها هيئة الأمم على قائمة المجاميع الإرهابية، فأي الصور التي ستتم بروزتها للنظام السوري القادم؟

الخشية استعارة سقوط نظام صدام، وما جاء بعده من فوضى، وعدم استقرار، ومواصلة الحروب بين الذين شاركوا في إسقاط نظام صدام، وهي صورة مؤسفة نتمنى ألا تحدث في سوريا، وبين الأماني لا يجسد إلا الواقع المرسوم لما بعد سقوط النظام، فهل ستكون جماعة (تحرير الشام) هي الصانعة للسياسة السورية، وكيف لو أعادت صورة حكم «طالبان»، وإن فعلت سوف تتكالب دول جديدة لمحاربة حكم متخلف استبدادي، لكي تتسع مساحة الملعب السوري، وإن لم يحدث ذلك، ستظل قضايا تركيا في قسد مثلاً مثيرة لحرب قادمة، كما ستظل مطامع إسرائيل بتوسيع احتلالها أراضي سورية، وماذا عن أمريكا فهي لن تهرول عبثاً، وماذا عن روسيا التي لن تقف متفرجة بعد أن وضعت قدمها في المنطقة، وماذا عن إيران التي فقدت أذرعها في المنطقة، إن التحضير للانتقال من نظام الأسد إلى مستقبل سوريا سيكون محفوفاً بالمخاطر الجسيمة، فثمة فراغات واسعة تمكن إحدى القوى المتواجدة من حمل الراية والركض لتثبيت مستقبل سوريا كما يريد ذلك الراكض، وأكرر أن الخشية أن تجد داعش من الفراغ الحادث أن تكون هي القائدة لمستقبل سوريا.

نعم سقط نظام الأسد إلا أن المستقبل غائم في ظل القوى المتصارعة حول (كيكة) ضخمة يريد المتصارعون الفوز بالنصيب الأكبر من تلك الدولة الساقط نظامها.. السيناريوهات مفتوحة، ويظل الأمل أن نستعيد سوريا كدولة عربية قوية تسعى لبناء نفسها بنفسها، وهذا الأمل مرهون بما تخطط له كل دولة ناشطة داخل الملعب، وإن عدمنا التفاؤل ستكون أياماً طويلة من عدم الثبات.

ويصبح العنب ضامراً بين شتلات الشوك الملتف حول سوريا.