خالد السليمان
شهدت الدرعية، العاصمة التاريخية للدولة السعودية، أمس الأول انطلاق ملتقى الدرعية الدولي الذي نظمته هيئة تطوير بوابة الدرعية تحت شعار «الدرعية عند ملتقى التاريخ والتجارة، دور المنطقة الوسطى في التبادل التجاري»، حيث هدف الملتقى إلى تسليط الضوء على الإرث التاريخي والثقافي المحوري في نشأة الدولة السعودية الأولى وتعزيز التبادل الثقافي والتجاري مع العالم !
تبرز أهمية هذا الملتقى، الذي شهد العديد من الجلسات والندوات العلمية وورش العمل بمشاركة باحثين ومختصين من داخل وخارج المملكة، في تسليط الضوء على المكانة التاريخية للدرعية وتأثيرها النامي في محيطها الجغرافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي من خلال ثلاثة محاور رئيسة، الأول تناول التراث المادي للتجارة من خلال استكشاف الموروثات الأثرية والمعمارية والبيئية، التي تُبرز دور الدرعية والمنطقة الوسطى في الروابط التجارية التاريخية، فيما ركز المحور الثاني على التراث غير المادي عبر تجارب تفاعلية تتيح للزوار الاستماع إلى تسجيلات حصرية توثّق التاريخ الشفوي، والشعر، والأغاني التقليدية؛ للتعرّف على التعبيرات الفنية والتقاليد النجدية التي اشتهرت بها الدرعية كحلقة وصلٍ تجارية، أما المحور الثالث فغطى التراث النصي، عبر تحليل المخطوطات وروايات الأسفار والتحولات اللغوية التي توثق الروايات التاريخية والثقافية في الدرعية والمنطقة الوسطى !
فالدرعية، كما ذكر الأمير فيصل بن سلمان المستشار الخاص لخادم الحرمين ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز في كلمته بالملتقى، تجسد رمزية تاريخية وثقافية لا تمثل الماضي وحسب بل هي محور رئيسي لرسم ملامح الحاضر واستشراف المستقبل، ورمز وطني يعكس وحدة الكيان السعودي !
ومن يتأمل نهوض رمزية الدرعية في الوجدان الوطني منذ تولي خادم الحرمين الشريفين، مع إطلاق مشاريع العناية بأحيائها التاريخية وتحويلها إلى مزار سياحي عالمي ومركز ثقافي وطني، يجد أن تأثير الدرعية في الهوية الوطنية كان بالغاً وعميقاً، انعكس على الاعتزاز بعراقة تاريخ الوطن وعمق تأثيره ومدى إسهامه في تشكيل ملامح المنطقة جغرافياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً !
ولا شك أن الاستفادة من أوراق العمل البحثية التي شهدتها جلسات ومحاضرات الملتقى في المؤسسات الأكاديمية والتعليمية مهم جداً، وأنا على يقين من أن الدارة بالتعاون مع وزارة التعليم والجامعات ووزارة الثقافة، ستجد فيها مادة ثرية تسهم في إثراء التاريخ السعودي والهوية الوطنية ومشاعر الاعتزاز بها، كما دل عليه وجود معرض البحوث الطلابية كمنصة للطلاب لمشاركة أبحاثهم والتفاعل مع الخبراء !
بقي أن أدعو الجمهور لزيارة المعرض المصاحب للملتقى، الذي يحمل شعار «ذاكرة المطايا» ويستمر حتى 15 ديسمبر عن دور الإبل في طرق التجارة والسفر، والتأثير العميق في ترسيخ مكانة الدرعية كمركز للتجارة والضيافة !
التعليقات