هاني الظاهري
بسقوط النظام الحاكم في سوريا وبدء انهيار منظومة حزب الله الإرهابي في لبنان هل يمكن القول إن محور الشر انتهى، بعد أن عاث فساداً في المنطقة لسنوات طويلة أم أن الشيطان يكمن في التفاصيل؟
في الشأن السوري لا شك أن السوريين تخلصوا من نظام أجرم بحق شعبه ووطنه لسنوات طويلة، ومن حق الشعب السوري أن يقرر مصير بلاده ويرسم مستقبلها، لكن إسقاط نظام بشار الأسد فقط لا يكفي، فأمن واستقرار ومستقبل الدولة السورية مسائل مرتبطة بالحفاظ على مؤسسات ومقدرات الدولة والعمل على عدم انزلاقها في الفوضى والنزاعات العسكرية والطائفية أو المشاريع العابرة للحدود التي تخدم أجندات قوى إقليمية ذات مطامع في الجغرافيا السورية والعربية بشكل عام.
إشارات إيجابية بعثها الثوار للعالم حول آليات تشكيل الحكومة الجديدة ومستقبل سوريا السياسي، وهي إشارات تبعث على الاطمئنان نسبياً، لكنها تدعو العالم لمراقبة التطورات بحذر ومساعدة الشعب السوري على التخلص من تركة الماضي من الصراعات الطائفية والأهلية المعقدة.
هنالك تخوفات كبيرة من عودة الكيانات المتطرفة للظهور في الساحة السورية فالجميع يعلم أن فلول داعش وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة أعادت التموضع داخل إطار فصائل المعارضة الحاكمة فعلياً الآن، أليس قائد جبهة النصرة (الجولاني) هو اليوم نفسه أحمد الشرع الحاكم العسكري لسوريا؟!
في الجانب ذاته تبدو تراجعات الشرع أو الجولاني المعلنة عن منهج التطرف وسياسات تنظيم القاعدة جيدة، وتبعث إشارات إيجابية للعالم، لكن الحكم النهائي على هذه القيادة مرتبط بمستقبل الأحداث وتنفيذ الوعود حول تشكيل حكومة مدنية منتخبة بيدها كافة السلطات المدنية والعسكرية، والعمل على بناء دولة مستقرة هدفها السلام مع محيطها والعالم، وخدمة الشعب السوري الذي عانى الويلات في الماضي.
في الشأن اللبناني ما زالت الأمور ضبابية، وما زال حزب الله رغم تصفية قياداته وترنحه وانهاكه يمسك ببعض الخيوط السياسية داخلياً، ولعودة الدولة اللبنانية إلى الاستقرار والنهوض من جديد لا بد من العمل على خلق توافق لبناني على بناء دولة مدنية بعيداً عن الأجندات الطائفية والسياسية العابرة للحدود، وعلى العالم أن يساعد اللبنانيين في تشكيل حكومة مدنية جديدة ذات سيادة كاملة هدفها خدمة شعبها وإقامة علاقات سياسية جيدة مع محيطها وقطع الحبل السري الذي ربط بيروت بمشاريع خارجية مشبوهة خلال السنوات الماضية وتسبب في انهيار الدولة ووصولها إلى هذه الحال من الضياع السياسي والاقتصادي، وأنهك الشعب اللبناني بسياسات لا تعنيه جعلت حياة المواطن اللبناني في وطنه صعبة جداً.
الحقيقة التي يجب أن ندركها ونحن نشاهد فرحة السوريين بالتخلص من نظام الأسد، أن سوريا لم تعد حتى الآن لإطار (الدولة) وما زال الوقت مبكراً للحكم على مستقبل الأحداث، وكذلك الأمر في لبنان فكم من انتصار تكمن شياطينه في التفاصيل، ولذلك من الحكمة مراقبة التطورات بحذر والتعامل مع الأمر بواقعية حتى تنجلي الغيوم ويتبدد الدخان.
التعليقات