كلما أقرأ كاتباً إسرائيلياً نقدياً من كبار المثقفين والباحثين الإسرائيليين تنتابني مشاعر عديدة. أولها الفارق الهائل بين سلوك وأفكار المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وأدوارها كما المؤسسة السياسية وبين الحياة الثقافية الإسرائيلية على ما فيها من ظواهر ليبرالية وحريات تفكير ونقد شجاع بعكس التوتر العنصري الذي يطبع المؤسسة العسكرية ومعظم المؤسسة السياسية خصوصاً هذه الأيام من غلبة اليمين العنصري الإسرائيلي على الحياة السياسية والوطنية الإسرائيلية.ثانيها – ويا للحسرة العميقة – التفاوت الهائل بين مستوى الحريات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية، بما فيها الإنتاج السينمائي، وبين اللاحريات التي تُطْبِق بظلامها على النقاش الداخلي العربي - العربي، حتى في بلد كلبنان، يعيش بصعوبة آخر موجة أيديولوجية مُعَسْكَرة في تاريخه. ثالثها أننا لم "نكتشف" هول التقدم التكنولوجي الإسرائيلي بالملموس، وربما الأصح لم نعترف به، سوى في الحرب الأخيرة في لبنان، ولكن علينا الآن أن نكتشف ونعترف بهَوْل التقدم الثقافي الإسرائيلي، باعتباره، كالتقدم التكنولوجي، جزءاً من التفوّق الحضاري الغربي. لا ينفصل أحد التقدّمين عن الآخر.الكتاب الذي أعاد تحريك هذه المعطيات في وعيي هو كتاب عمره حوالي 18-19 ...