وأخيراً، وبعد نضال طويل استمر أعواماً في أروقة القضاء أيدت محكمة استئناف فيدرالية أمريكية في السابع من الشهر الجاري، قانوناً يُلزم شركة (بايت دانس) الصينية بسحب استثمارات تطبيق (تيك توك) الصيني من الولايات المتحدة بحلول العام المقبل أو.. مواجهة الحظر. طبعاً القرار لاقى تصفيق المنتصرين من التطبيقات المنافسة (وهي بالمناسبة كلها أمريكية) ومن الأمن الذي كان يُحذر من سرعة انتشار التطبيق وشعبيته الكبيرة في أمريكا علماً أن هذه التطبيقات لها نفوذ لا يُستهان به من حيث كمية البيانات التي تستطيع جمعها والتي تثير المخاوف من قدرتها على التجسس والتحكم في الشعوب. إذن على شركة (بايت دانس) أن تواجه الحظر، إذ لم تقطع علاقتها مع الشركة الأم في الصين قبل نهاية العام الحالي. (بحسب تقرير لوكالة اسوشيتدبرس).
(تيك توك) بدورها لم تستسلم سارعت إلى الطعن في القانون الذي اعتبرته يتعارض مع التعديل الأول في الدستور ويستهدف شركتهم بشكل غير عادل. وجاء في قرار المحكمة أن القانون الذي صدر هو تتويج لعمل مكثف من الكونغرس والرؤساء المتعاقبين.. وصيغ بعناية ليعالج (سيطرة) عدو أجنبي، وهو ضمن جهد أوسع لمواجهة تهديد مدعوم بأدلة للأمن القومي تشكله جمهورية الصين الشعبية. (وفقاً لوكالة رويترز).
وتؤكد وزارة العدل الأمريكية أن القانون يعالج مخاوف متعلقة بالأمن القومي والطريقة التي تم بها إقراره لا تنتهك الدستور. وهكذا رفضت المحكمة طعون (تيك توك) بشأن أن القانون له أبعاد غير قانونية بهدف الاستيلاء على الممتلكات. القرار الذي جاء بعد قضايا ورشقات نيران أمريكية استمرت أعواماً واعتبر انتصاراً لوزارة العدل وضربة مُدمرة لشركة (بايت دانس) علماً أن التطبيق يَستخدمه أكثر من 170 مليون أمريكي. ومنهم مؤثرون يستفيدون مادياً من التطبيق ويعتبرون الحظر انتهاكاً فاضحاً لحرية التعبير التي تتباهى بها الولايات المتحدة. لم تفلح التظاهرات ولا الانتقادات في إنقاذ التطبيق. فأمريكا التي تعلم جيداً أهمية هذه التطبيقات وأنها ليست فقط وسائل إعلامية بريئة لن ترضى بتعريض أمنها للخطر.
لكن المدافعين عن حرية التعبير سارعوا إلى انتقاد هذا القرار وفي هذا قال الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: «إن القرار يشكل سابقة معيبة وخطِرة». وقال باتريك تومي نائب مشروع الأمن القومي في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: إن حظر (تيك توك) ينتهك صراحة حقوق التعديل الأول في الدستور لملايين الأمريكيين الذين يستخدمون هذا التطبيق لتعبير عن أنفسهم والتواصل مع الناس في جميع أنحاء العالم. «من ناحيتها تستعد (تيك توك) و(بايت دانس) إلى رفع القضية إلى المحكمة الأمريكية العليا للبت في موضوعها. وتصر على رفضها الضغوط لبيع لتطبيق أو كشف الخوارزميات التي تدعم التطبيق، إذ إنها محمية بموجب ضوابط التصدير الصينية.
مما سبق نجد أن هذه التطبيقات التي نستيقظ عليها لنوزع الصباحات على الأصدقاء أو لنتواصل مع العالم الخارجي، إنما هي أدوات تستدرج الكبار والصغار إلى حدائقها الغنّاء لتستولي على بياناتهم وتخزنها في خوارزميات سرية خاصة بكل تطبيق.. ظاهرياً تعترف أنها تسرب ما تيسر منها إلى المعلنين لضمان المردود المالي الذي غالباً ما يكون كبيراً وكبيراً جداً.. ولكن المخاوف التي وردت في قرار محكمة الاستئناف الصادر في أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وتفاصيل المحاذير الأمنية التي وردت في القرار تستحق أن نتوقف عندها ونسأل.. لماذا تسعى أمريكا إلى التحرر من نفوذ تطبيق صيني وتعتبره خطراً قومياً، بينما تغزو التطبيقات الأمريكية كل أنحاء العالم؟ وتستحوذ على أكبر قدر من البيانات التي بدأت تظهر خطورة تركها من دون ضوابط؟
أما بالنسبة للقرار (ما لم تبطله المحكمة العليا) فهو الآن في يد الرئيس الأمريكي جو بايدن ليقرر ما إذا كان سيسمح بتمديد مدته 90 يوماً للموعد النهائي في 19 يناير/كانون الثاني 2025، لإجبار الشركة على البيع ثم ليكون بيد دونالد ترامب الذي سيتولى منصبه في 20 يناير. وبينما تحتفل الأوساط الأمنية والتطبيقات المنافسة بتحرير أمريكا من نفوذ هذا التطبيق الصيني، وتستعد لعودة الرئيس ترامب الذي طالما طالب بحظر هذا التطبيق خلال ولايته الأولى في عام 2020.. لكنه وهو المعروف بمفاجآته.. صدم المحتفلين بالتحرير.. بأنه لن يوافق على الحظر. ولم يقدم فريقه الانتقالي أي تفاصيل حول الكيفية التي ستتعامل بها مع القرار.
بالمقابل تضمنت خطة ترامب، ضربات اقتصادية قاسية مثل زيادة الضرائب على الواردات الصينية بمختلف أنواعها بما تصل إلى 60% من الضرائب السابقة. حتى المنتجات التقنية (الأمريكية المصنعة في الصين) لن تكون معفاة كما كانت في السابق. المتوقع هو أن تطال هذه الزيادة جميع المنتجات التقنية بما فيها الشركات الأمريكية الكبرى على غرار شركة (أبل) وهواتف (آيفون) وحواسيب (ماك) في محاولة لدفع هذه الشركات لتحويل تصنيع منتجاتها من الصين إلى بلدان أخرى.
يعتقد الرئيس ترامب أن حظر «تيك توك» ليس تحريراً.. لأنه من المستحيل بناء جدار في الفضاء كجدار المكسيك، فأساليب الاختراق تتطور وقرارات الحظر ستفشل.. هو رجل اقتصاد.. سيدخل البيت الأبيض مسلحاً بقرار جدار أكبر.. كبح نمو الاقتصاد الصيني أولاً. أما تحرير أمريكا من نفوذ «التيك توك» فيأتي ثانياً وغير مضمون.
(تيك توك) بدورها لم تستسلم سارعت إلى الطعن في القانون الذي اعتبرته يتعارض مع التعديل الأول في الدستور ويستهدف شركتهم بشكل غير عادل. وجاء في قرار المحكمة أن القانون الذي صدر هو تتويج لعمل مكثف من الكونغرس والرؤساء المتعاقبين.. وصيغ بعناية ليعالج (سيطرة) عدو أجنبي، وهو ضمن جهد أوسع لمواجهة تهديد مدعوم بأدلة للأمن القومي تشكله جمهورية الصين الشعبية. (وفقاً لوكالة رويترز).
وتؤكد وزارة العدل الأمريكية أن القانون يعالج مخاوف متعلقة بالأمن القومي والطريقة التي تم بها إقراره لا تنتهك الدستور. وهكذا رفضت المحكمة طعون (تيك توك) بشأن أن القانون له أبعاد غير قانونية بهدف الاستيلاء على الممتلكات. القرار الذي جاء بعد قضايا ورشقات نيران أمريكية استمرت أعواماً واعتبر انتصاراً لوزارة العدل وضربة مُدمرة لشركة (بايت دانس) علماً أن التطبيق يَستخدمه أكثر من 170 مليون أمريكي. ومنهم مؤثرون يستفيدون مادياً من التطبيق ويعتبرون الحظر انتهاكاً فاضحاً لحرية التعبير التي تتباهى بها الولايات المتحدة. لم تفلح التظاهرات ولا الانتقادات في إنقاذ التطبيق. فأمريكا التي تعلم جيداً أهمية هذه التطبيقات وأنها ليست فقط وسائل إعلامية بريئة لن ترضى بتعريض أمنها للخطر.
لكن المدافعين عن حرية التعبير سارعوا إلى انتقاد هذا القرار وفي هذا قال الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: «إن القرار يشكل سابقة معيبة وخطِرة». وقال باتريك تومي نائب مشروع الأمن القومي في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: إن حظر (تيك توك) ينتهك صراحة حقوق التعديل الأول في الدستور لملايين الأمريكيين الذين يستخدمون هذا التطبيق لتعبير عن أنفسهم والتواصل مع الناس في جميع أنحاء العالم. «من ناحيتها تستعد (تيك توك) و(بايت دانس) إلى رفع القضية إلى المحكمة الأمريكية العليا للبت في موضوعها. وتصر على رفضها الضغوط لبيع لتطبيق أو كشف الخوارزميات التي تدعم التطبيق، إذ إنها محمية بموجب ضوابط التصدير الصينية.
مما سبق نجد أن هذه التطبيقات التي نستيقظ عليها لنوزع الصباحات على الأصدقاء أو لنتواصل مع العالم الخارجي، إنما هي أدوات تستدرج الكبار والصغار إلى حدائقها الغنّاء لتستولي على بياناتهم وتخزنها في خوارزميات سرية خاصة بكل تطبيق.. ظاهرياً تعترف أنها تسرب ما تيسر منها إلى المعلنين لضمان المردود المالي الذي غالباً ما يكون كبيراً وكبيراً جداً.. ولكن المخاوف التي وردت في قرار محكمة الاستئناف الصادر في أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وتفاصيل المحاذير الأمنية التي وردت في القرار تستحق أن نتوقف عندها ونسأل.. لماذا تسعى أمريكا إلى التحرر من نفوذ تطبيق صيني وتعتبره خطراً قومياً، بينما تغزو التطبيقات الأمريكية كل أنحاء العالم؟ وتستحوذ على أكبر قدر من البيانات التي بدأت تظهر خطورة تركها من دون ضوابط؟
أما بالنسبة للقرار (ما لم تبطله المحكمة العليا) فهو الآن في يد الرئيس الأمريكي جو بايدن ليقرر ما إذا كان سيسمح بتمديد مدته 90 يوماً للموعد النهائي في 19 يناير/كانون الثاني 2025، لإجبار الشركة على البيع ثم ليكون بيد دونالد ترامب الذي سيتولى منصبه في 20 يناير. وبينما تحتفل الأوساط الأمنية والتطبيقات المنافسة بتحرير أمريكا من نفوذ هذا التطبيق الصيني، وتستعد لعودة الرئيس ترامب الذي طالما طالب بحظر هذا التطبيق خلال ولايته الأولى في عام 2020.. لكنه وهو المعروف بمفاجآته.. صدم المحتفلين بالتحرير.. بأنه لن يوافق على الحظر. ولم يقدم فريقه الانتقالي أي تفاصيل حول الكيفية التي ستتعامل بها مع القرار.
بالمقابل تضمنت خطة ترامب، ضربات اقتصادية قاسية مثل زيادة الضرائب على الواردات الصينية بمختلف أنواعها بما تصل إلى 60% من الضرائب السابقة. حتى المنتجات التقنية (الأمريكية المصنعة في الصين) لن تكون معفاة كما كانت في السابق. المتوقع هو أن تطال هذه الزيادة جميع المنتجات التقنية بما فيها الشركات الأمريكية الكبرى على غرار شركة (أبل) وهواتف (آيفون) وحواسيب (ماك) في محاولة لدفع هذه الشركات لتحويل تصنيع منتجاتها من الصين إلى بلدان أخرى.
يعتقد الرئيس ترامب أن حظر «تيك توك» ليس تحريراً.. لأنه من المستحيل بناء جدار في الفضاء كجدار المكسيك، فأساليب الاختراق تتطور وقرارات الحظر ستفشل.. هو رجل اقتصاد.. سيدخل البيت الأبيض مسلحاً بقرار جدار أكبر.. كبح نمو الاقتصاد الصيني أولاً. أما تحرير أمريكا من نفوذ «التيك توك» فيأتي ثانياً وغير مضمون.
* كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية
التعليقات