كتبت قبل أيام مقالا بعنوان «دكاترة الجامعة والتطبيقي والقضاء»، تبين لي، بعد نشره، أنني نسيت تعديل عنوانه، بعد أن شطبت الفقرات المتعلقة بالجامعة والقضاء. كما تبين تاليا أن نصه مس عصبا حساسا لدى البعض، وأن مشكلة التطبيقي لا تكمن فقط في سوء الإدارة وعدم استقرارها، وحجم الهيئة الضخم جدا، بحيث تصعب إدارتها بكفاءة، إضافة لما على الشهادات «العلمية» للكثير من مدرسيها، وإدارتها من علامات استفهام، بل مشكلة الهيئة أعمق من ذلك بكثير، فقد كانت، ولا تزال، برأي وزير تربية وتعليم عال سابق، «مكبّاً» لمتعلمين ومدرسين لم يجد غالبيتهم مكانا أفضل من الهيئة لتشغيلهم، مقارنة بمؤهلاتهم. كما لم يجد غالبية طلبتها مكانا غيرها، بعد أن صعب عليهم الحصول على مكان آخر!

كما اشتكى الكثيرون من مخالفات إدارات الهيئة، التي بدأت مع اليوم الأول من تأسيسها، حيث نجد أنها تتحكم، بما لديها من سلطاتهم الواسعة، في مصير الأكاديميين، خاصة الجادين منهم، على قلتهم. كما أن شروط الالتحاق بالهيئة تسمح للطالب الذي درس في أحد معاهد التطبيقي، حسب نظام السنتين، بالحصول على بعثة دراسية لمدة أربع سنوات.

كما سبق أن تمثلت تجاوزات التطبيقي في وجود أقسام غريبة وغير عملية، ما كان يجب أن توجد، من الأساس، مثل ⁠قسم المكياج وغيره، والتي صرف عليها الكثير، لسنوات طويلة، وكان المواطن يعزف عن الالتحاق بها، كما كان كل الدارسين في هذه الاقسام من المقيمين، فتم إغلاقها تاليا، كما تم إغلاق قسم الطبخ والتدبير المنزلي (!!).

كما أخبرني أحد الأساتذة أن الكثير من زملائه يأخذون مقررات اضافية، ويتعهدون بالتدريس خلال عطلة الصيف، فيحصلون على مبالغ تعويض إضافية، لكنهم في الحقيقة لا يعملون ولا حتى يداوموا في مكاتبهم، ولا يحاسبوا أنفسهم، ولا الإدارة تحاسبهم.

لذلك طالب ويطالب الكثيرون بضرورة فتح ملف التعيينات، سواء كانت إدارية أو أكاديمية، ومراجعة مدى انطباق الشروط الواجب توافرها بهم، وصحة مصدر شهاداتهم، سواء الجامعية أو الدكتوراه، وضرورة إعادة النظر في كل برامج الابتعاث التي شابتها مخالفات كثيرة في السنوات الماضية، ولا تزال. مع ضرورة مراجعة ملف الأبحاث والدراسات والرسائل والكتب، التي ادعى نسبتها لهم، خاصة مع شبه الغياب التام للمحاسبة والرقابة الفعالة، في ظل سعي كل طرف للتغطية على الطرف الآخر، لأسباب قد تكون عنصرية، قبلية أو طائفية.

إن معالي وزير التعليم العالي مطالب بالنظر في كل هذه الاتهامات، ومحاولة التحقيق في صحتها، فقد أصبح ضرر الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب أكثر من فائدتها، اجتماعيا وأخلاقيا، هذا بخلاف مئات ملايين الدنانير التي تصرف عليها، من دون مردود واضح.


أحمد الصراف