خالد بن حمد المالك

كثير من الدول في تواصل مع نظام الحكم الجديد في سوريا، إما بالزيارات، أو بالتصريحات المرحبة والمتجاوبة مع التغيير الذي حدث، فيما عدا إيران وروسيا، روسيا بالتزام الصمت، وإيران بالتصريحات المرتبكة المؤجلة لموقفها إلى حين يتبيَّن لها توجهات الحكم الجديد.

* *

من الواضح عدم رضا إيران عن التغيير الذي حدث، فقد أنهى النفوذ الإيراني في سوريا تماماً، وخرجت القوات الإيرانية من المدن السورية عائدة إلى إيران، بعد فشلها في مساعدة بشار الأسد ونظامه على مقاومة الفصائل المعارضة، وإبقائه رئيساً لسوريا.

* *

وفي روسيا يبدو أنه ظهر لها أن نجاح الثورة على بشار الأسد لا يترك لقواتها الفرصة كما كان ذلك في عهد بشار الأسد في استخدام الأراضي السورية في مواجهة النفوذ الأمريكي بالمنطقة، خاصة مع عدم رضا النظام الجديد على الموقف الروسي في دعم بشار الأسد خلال السنوات الماضية.

* *

والموقف الروسي الإيراني الذي كان متحالفاً في دعم بشار الأسد انتهى بانتهاء حكم بشار الأسد، وأصبح وجود هاتين الدولتين التي استقدمهما الأسد لحمايته من السقوط لا معنى له بهروب بشار الأسد وقادة نظامه من البلاد.

* *

على أن تتابع زيارات ممثلي الدول لسوريا واجتماعهم بقادة النظام الجديد، وعلى رأسهم أحمد الشرع، وإلغاء أمريكا لجائزة الـ10 ملايين دولار لمن يدلها على مكان الشرع، وبدء النظر في رفع العقوبات عن سوريا، يُظهر ترحيب العالم بالتغيير الذي تم، وإن بدت بعض الدول في حالة من الحذر بانتظار تغيير الدستور، وبدء الانتخابات.

* *

وأمام النظام الجديد مطالب دولية لاكتساب شرعيته والتعاون معه، بإصلاحات وعمل كبير يجب تحقيقها، أهمها عدم استثناء أي مكون سوري من المشاركة في حكم البلاد، وإخلاء سوريا من الإرهابيين، وتفكيك الفصائل، وضم عناصرها المدربة إلى الجيش، وقصر السلاح فيه.

* *

والشرع الذي أكثر هذه الأيام من التصريحات لزواره من الدول أكد على أن الفصائل سوف تحل نفسها تباعاً، وأن هذا ما تم الاتفاق عليه قبل نجاح الثورة، وبالفعل أعلنت الإدارة السورية الجديدة بالأمس بعد اجتماع الشرع مع قادة الفصائل عن حل كل الفصائل ودمجها في وزارة الدفاع ، وكأنه يرسل بذلك رسالة إلى العالم عن مستقبل سوريا، خاصة وأنه أكد أن سوريا لن تدخل في أي حروب في المستقبل.

* *

لكن التحدي الأكبر الذي ربما يواجهه النظام الجديد، هو موضوع الأكراد، وحربهم مع تركيا التي هي الحليف الذي ساعد على إسقاط نظام بشار الأسد، فهذه المشكلة تحتاج إلى حل يفك عقدة الصراع التركي مع الأكراد السوريين وغير السوريين، ولا نعتقد أن لدى الأكراد مساحة كبيرة للمناورة، في ظل التغيير الذي حدث.

* *

كل ما نتمناه، ونتطلع إليه، وبانتظار أن يتحقق، أن نرى سوريا وقد تخلصت من إرث الماضي، وتعافت من مشاكلها، وعادت دولة حرة أبية، يحكمها السوريون، دون تدخل من دول، أو ارتهان للغير، دولة مستقلة، بنظام يكرِّس التعددية، في ظل نظام عادل يضع الجميع على مسافة واحدة في الحقوق والواجبات.