عبد الله سليمان الطليان

أشارت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في العام 2014 إلى أن (أرض الأحرار قد صارت دولة السجون)، وذلك من خلال تقرير أصدرته أوجز العدد اللامعقول من الأمريكيين ممن يواجهون عقوبة السجن بسبب ارتكابهم جرائم صغيرة وجرائم غير عنيفة. ووفقاً لتقدير آدم جوبنيك Adam Gopnik، الكاتب الصحافي في مجلة «نيو يوركر New Yorker، فإن العدد الذي كان يوجد في قبضة نظام العدالة الجنائية من الأمريكيين السود - في السجون، وتحت المراقبة أو على أساس الإفراج المشروط - كان أكثر من ذلك العدد الذي كان موجوداً (في زمن العبودية في العام 1850).

وبصورة شاملة، فإن عدد الأشخاص الذين يخضعون لنظام (الإشراف الإصلاحي) في أمريكا - أكثر من ستة ملايين - هو أكثر من ذلك الذي كان موجوداً في أرخبيل الغولاغ تحت حكم ستالين».

هذه الديمقراطية في داخل أمريكا أما في الخارج فسوف تكون هذه الديمقراطية سلاحاً يستخدم في الابتزاز والسيطرة الاقتصادية لدى الدول من قبل الشركات الكبرى الأمريكية. يقول الديبلوماسي الذي لمع في آسيا في بداية القرن العشرين وهو ويليرد ستريت إن الأمريكيين (يصنعون السياسة من المال), ويقول كان (نعوم تشومسكي) صائباً حين جادل بأن الولايات المتحدة لديها بنحو أساسي نظام قائم على حزب واحد والحزب الحاكم هو (حزب مجتمع الأعمال).

وإذا لم يجد سلاح (الديمقراطية) فإن أمريكا تنتقل إلى التدخل المباشر وزراعة الفوضى في البلد المستهدف، عبر دعم معارضة مصطنعة مالياً وإعلامياً وعسكرياً أحياناً والأمثلة كثيرة في أمريكا الجنوبية وآسيا وحتى إفريقيا.

في العام 1954م أسهمت الولايات المتحدة في الإطاحة برئيس حكومة غواتيمالا المنتخب يعقوب اربنز Arbenz Jacobo بعد أن انتزع ملكية 80 في المائة من مزارع Tiquisate and Bananera التي كانت تمتلكها في ذلك الحين شركة الفواكه المتحدة الأمريكية. وكانت مصالح وزارة الخارجية الأمريكية في هذه المسألة قوية، لأن الشركة القانونية السابقة لوزير الخارجية جون فوستر والاس كانت تمثل شركة الفواكه المتحدة، وكان رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية ألن دالاس عضواً في مجلس أمناء الشركة. ثم إن المسؤولين في واشنطن كانوا يرون أن هذا السلوك تهديد خطير المصالح المستثمرين الأمريكيين، ومن ثم للأمن الأمريكي.

وفي العام 1954م استبدلت بحكومة Arbenz الإصلاحية دكتاتورية عسكرية مدعومة من وكالة الاستخبارات الأمريكية. وإلى الآن والعقلية الغربية الاستعمارية تمشي وراء هذا المنوال لفرض الهيمنة والسيطرة على بقية دول العالم عسكرياً واقتصادياً باسم (الديمقراطية).