كلما فتحت المذياع في سيارتي التي تعبر شوارع الرياض المضيئة حلمًا والمشعّة أملاً، أو مررت على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى شممت عطر الغبطة، ورائحة الحسد في لقطة تلفزيونية عابرة، نما الوطن وتكاثر فيّ، تزايد عدد أهلي فيه، وتضاعفت مساحاته، وتأنسنت بيوتاته الخرسانية الشاهقة، واخضرّت صحراؤه.. هذا الشعور المتجدّد مع كل إشراق، لم يكن لولا أنه الوطن الذي تنبّه لذاته في همّتنا، واعتمد على حبنا له وإيماننا برشادة قيادتنا التي جاءت له وبه.
نحن اليوم نحيا تاريخنا بوطنٍ أكبر منا لدينا، وأكثر فينا بنا
هذا الشعور المتباهي بخيالاتنا في غدنا، والمستيقظ لخطواتنا إليه يشكل اليوم ملامح السعودية العظمى، وهو شعور عملي تلقائي يأخذنا إلى جودة الحياة إحدى أهم مرتكزات رؤيتنا المباركة ويتمثل في ظواهر اجتماعية تلقائية غاية في البساطة العفوية الصادقة فـعلى منصة تويتر مثلاً.. أكثر المنصات الإعلامية جذباً للسعوديين، وأكبرها احتضانًا لهم، حيث شكلوا من خلالها قوة ناعمة ومؤثرة تحرك الرأي العام من جهة، وتعكس نبض الحياة في الشارع السعودي من جهة أخرى، على هذه المنصة الأثيرة والمتنامية، نشأ وسم أسبوعي متكرر يتصدر المشهد بعنوان «الخميس الونيس»، يحتمل ويتحمّل إحالات معرفية متعددة ومتنوعة كلها تتجه نحو إجازة نهاية الأسبوع، وتنوع خيارات البهجة فيها.
هذا الملمح الاجتماعي النوعي، يشكل في حقيقته تغيراً جوهرياً على مستوى جودة الحياة وأنسنة المدن، والتعاطي مع مظاهر السعادة المنتشرة هنا وهناك، ففي زمن سابقٍ آخر تشابهت فيه الأيام علينا، ومرت بنا السنوات بين رتابة وظائف راكدة تنخرها البيروقراطية، ويرعاها التسويف، وإجازة نهاية أسبوع متحفظة حتى في ابتسامات ساعاتها لنا.
اليوم يجيء وسم الخميس الونيس، ليبشرنا بالفرح والاحتفال ويكافئنا على جهد أسبوع عمل بإيقاع سريع وسباق مع الوقت بغرض الإنجاز، ثم تأتي إجازة نهاية الأسبوع بخيارات متنوعة ومتعددة من البهجة وتحقيق مفهوم الراحة على مستوى الروح والبدن معاً...
إن مظهرًا اجتماعيًا كهذا يعكس صورة متطورة لجودة الحياة في مدننا حتى باتت تفوق الكثير من مدن الضوء التي كنا نشد الرحال إليها في إجازاتنا الأسبوعية، ناهيك عن براعة وتميز شبابنا العاملين في قطاع الترفيه وتنظيم الحفلات، مع وجود أنظمة وقوانين يلتزم بها المجتمع بوعي شعبي لافت، فتمضي الساعات في إجازاتنا الأسبوعية آنسة مؤنسة، بعد أن كانت موحشة متوجسة من الفرح ومتوثبة للتشكيك فيه.
فاصلة:
على مَهَلٍ
ليست الريحُ تحتي .. وليست علي
كأني فم الضوء حين استقامت يدي للكتابة
جئت أنقّط سطر البعيد..
على أول السطر .. مات أبي وهو يروي ..
وفي وسط السطر.. أمّي ترجّ حليب الحكايا
وفاتحة النص جدي
ينازل بالسيف ظل النخيل ..
وينسج أزمنة .. للحفيد
التعليقات