معيبٌ ومهينٌ ومقرفٌ ومقزِّزٌ ومثيرٌ للغثيان، مشهدُ الطبقة السياسيّة اللبنانيّة، وهي لا تحسن أنْ تعثر على ثغرة، على فخت، في جدار هذا الأفق المسدود، بل في جدار هذا اليأس الوجوديّ غير المسبوق، عشيّة ما يُفترض أنّه الانتخاب الرئاسيّ الموعود. ما رأيتُ عجزًا، ولا قلّة حيلة، ولا انعدام أهليّة، ولا فقدان وطنيّة، يوازي عجز أحزابها وأطرافها وأطيافها وقادتها وأذنابها، وهم، في غالبيّتهم العظمى، يقبلون على مضض، أو يتلهّفون لتلقّف الوصاية الأجنبيّة، وتدخلّات "الخماسيّة" للعثور على "عظْمة" رئيس، على فُتاته، وعلى شبه كرسيّه المخلّع، وكرامته المهيضة. أإلى هذا الحدّ، يا جماعة؟! أإلى هذا الحدّ، وصل بكم القحط، ووصلت بكم الغرائز والثارات والضغائن والأحقاد والصغائر والأنانيّات والاستباحات والالتحاقات، بحيث أنّكم، في غالبيّتكم العظمى، من أعلاكم إلى أدناكم، من "حكمائكم" و"عجائزكم" إلى "مقامريكم" و"مراهقيكم"، تتبارون في استعراض استقالاتكم من وطنيّاتكم المزعومة، وفي إعلاء شأن الخنوع للأوصياء؟! وهؤلاء الأوصياء، سيفرضون ماذا، إذا استطاعوا أنْ يتوصّلوا فعلًا إلى "التوافق"؟ وأيّ "توافق"! سيفرضون في أحسن الأحوال "تسوية" مريضة، تؤخّر الاستحقاقات العميقة، وتراعي في الوقت المستقطع مصالح كلّ فريقٍ منهم، وتدوزن المكاييل والحسابات، فلا يموت الديب ولا يفنى الغنم. وهذا ليس من شأنه أنْ يبني دولة قانون ومؤسّسات، بل أنْ يحقن الجسم اللبنانيّ بالمورفين. بالمورفين فحسب. وإنّما "تسويةٌ" كهذه، إذا تمّ التوصّل إليها، فهي لن تكون ذنب الأوصياء، بل ذنب هذه الطبقة السياسيّة المعفّنة الخسيسة التي أقصى أمنياتها أنْ تعيد إنتاج نفسها. يفجعني أنّ "حلًّا" كهذا، سيجعل الرئيس المحتمل انتخابه، وسيجعل حكومته المحتمل تأليفها، في ضوء عناصر "التسوية" المفترضة، وحدودها، أسيرَي المتاريس المتقابلة، والشروط والشروط المضادّة، فضلًا عن القيود والفخاح والألغام التي ستكبّل حركتهما، "جنوب" الليطاني "وشماله". والكلّ يعرف فصول هذه الحكاية "الليطانيّة" الجحيميّة، ومآلاتها المدمّرة. يفجعني أنْ أقول إنّ لا أحد يريد أنْ يتعلّم من دروس فلسطين وغزّة والجنوب والبقاع والضاحية، ومن الدرس السوريّ الماثل أمامنا بكلّ احتمالاته، وهي مفتوحةٌ على الأخطار الوجوديّة والجيوسياسيّة غير المعلومة النتائج. الجمهوريّة يتيمة. الدولة يتيمة. الدستور يتيم. ولبنان يتيم. وأيًّا يكن ما ينتظرنا في التاسع من كانون الثاني 2025 هذا، لا يسعني إلّا أنْ أنظر إلى لبنان اليتيم، وهو يرمي هذه الطبقة السياسيّة، في غالبيّتها العظمى، ببصقةٍ من البلغم.
- آخر تحديث :
التعليقات