خالد بن حمد المالك
تحركت المملكة مبكراً في التعامل مع انقلاب المجلس الانتقالي على قاعدة أن لا مصلحة من التأخير، وانطلاقاً من أن أي تأخير إنما يؤجل القضاء على الفتنة، وقد يُرسخها، ويُسجل ما حدث على أنه بمثابة أمر واقع.
* *
لكن المبادرة السريعة من المملكة، والتجاوب من دولة الإمارات، وتأييد المواطنين في جنوب اليمن والمؤسسات الشرعية اليمنية، والجامعة العربية، ودول المنطقة، وإصرار المملكة على سحب قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعه خارج حضرموت فوراً، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن سوف يفشل المؤامرة ضد وحدة اليمن.
* *
لم يكن للمملكة مصلحة في تدخلها، لكنها من باب الحرص على وحدة اليمن واستقراره، واستناداً على موقف تحالف دعم الشرعية، وعلى تقديرات الرياض بأن ما حدث من المجلس الانتقالي يمس أمن واستقرار دول المنطقة، فضلاً عن مساسه بوحدة اليمن، وخطورته على الجهد المبذول من التحالف لاحتواء ممارسات الحوثيين.
* *
كان ما قام به المجلس الانتقالي فرصة للإعلام العربي المعادي للمملكة ودول مجلس التعاون واليمن، فبدأ ينفخ في اتجاه تأجيج الصراع، وبث الفتنة، وزرع الخلافات بين الأشقاء في المنطقة، وتحريك الشارع اليمني لإفشال الجهد المبذول لمعالجة الحالة الحوثية.
* *
غير أن الدبلوماسية التي تعاملت بها المملكة، والحكمة التي أرادت بها الرياض أن تعالج التطورات الخطيرة في جنوب اليمن، أفشلت كل من رمى بأدواته لإبقائها حية ومضرة بوحدة اليمن، وامتداداً باستقرار دول المنطقة، فخابت آمالهم، وخسروا رهانهم، ووضعت الحلول الدبلوماسية، وهي بانتظار التنفيذ، لإنهاء الأزمة في أقصر وقت، ودون استخدام القوة العسكرية.
* *
على أن التحديات ستبقى قائمة، والمؤامرات لن تغيب، ومسؤولية اليمنيين كبيرة في تعاطيهم في مواجهتها، والتصدي لها، مع هذه التطورات، وأي تطورات جديدة تمس مصالحهم، وعليهم أن يقفوا صفاً واحداً، وبكلمة واحدة، في حماية الجبهة الداخلية لليمن الشقيق بشماله وجنوبه، فلا يتيحوا الفرصة لأعدائهم للانقضاض على مصالحهم.
* *
وعلى مدى أسبوعين أو أكثر كنا وضعنا أيدينا على قلوبنا، من أن ينجح الأعداء في الإضرار بوحدة اليمن، والمس بمصالح اليمنيين، وأن تكون الكلمة لهؤلاء المغامرين، واصحاب المصالح الشخصية، وتجار الحروب، غير أن مخاوفنا ما لبث أن زالت بتدخل المملكة السريع، وموقفها الصارم من الأحداث في جنوب اليمن، ومن مغامرة المجلس الانتقالي.
* *
وما تم التفاهم عليه لا يعدو أن يكون خطوة في الطريق الطويل، ويحتاج إلى الاستجابة والتنفيذ، وبداية لمشروع منع هذه التجاوزات، وعدم تكرارها، والالتزام من الجميع بما يحمي جنوب اليمن خاصة، واليمن في شماله وجنوبه بشكل عام من الطامعين والمتآمرين في الداخل والخارج، باتجاه تحقيق أمنه واستقراره ووحدته، وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الذي يعاني من الفقر وعدم الأمان.
* *
فاليمن يجب أن يعود سعيداً مثلما كان، موحداً كما هو خيار مواطنيه، بعيداً كل البعد عن النزوات والمغامرات والطموحات الشخصية، وأن يحتكم اليمن للشعب، ولخياراته، ويُدار من المؤسسات، ووفق انتخابات دستورية، وبذلك يتعافى اقتصادياً، ويودع الخلافات.
* *
وكل من يتدخل في شؤون اليمن، ويدعم الانفصاليين في الجنوب، ويساند الانقلابيين في الشمال والجنوب فهو لا يخدم اليمن، وهو ما يجب على اليمنيين أن يكونوا على علم ودراية ومعرفته بذلك، بما يُفشل المؤامرة ضد مصالحه، مما حدث من الحوثيين في الشمال، وما يحدث الآن من المجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب.














التعليقات