الإخلاص في العمل هو إحدى القيم الدينية والمهنية المطلوبة في كل المجالات. هو مبدأ مهم في ثقافة أي منظمة. كل المعارف والمهارات والخبرات تكون بلا فائدة إذا كانت غير مدعومة بالإخلاص. المخلص في عمله لا يسعى لتلقي المديح أو الجوائز، هو ترجمة عملية للانتماء والولاء وقبل ذلك هو عمل يبتغي فيه صاحبه وجه الله.

تخيل الحياة بدون إخلاص الطبيب، والمعلم، ورجل الأمن، والقاضي، والمهندس، وأي مسؤولية ذات علاقة بحياة الناس وأمنهم وغذائهم وعلاقاتهم ومستقبلهم. إخلاص الطبيب يساعد بعد توفيق الله في شفاء المريض، إخلاص مسؤول الأمن يحقق الحياة المستقرة المنتجة، إخلاص كل مسؤول في أداء مهامه بجدية وانتماء وتركيز هو المشاركة العملية الصادقة في بناء المجتمعات الآمنة المستقرة العادلة المنتجة.

يحضرني هنا مثال عملي له علاقة بهذا المقال وهو بطولة المواطن رجل الأمن ريان بن سعيد العسيري الذي قدم نموذجا عمليا عن مفهوم الإخلاص في العمل حين أقدم بشجاعة على إنقاذ شخص قام بإلقاء نفسه من أحد الأدوار العلوية في المسجد الحرام بحمايته من الارتطام بالأرض.

هذا الحادث يذكرنا بالمسؤولية بالغة الأهمية التي يقوم بها المسؤولون الذين يقومون بمهام ميدانية لحفظ سلامة المسجد الحرام وضيوف الرحمن. نتذكر أنهم يتعاملون مع أعداد كبيرة من الناس يختلفون في شخصياتهم وثقافتهم ويتطلب التعامل معهم أعلى درجات السلوك الإنساني والاحترام وخدمة الجميع بما يحقق سلامة الجميع، يتعاملون أحيانا مع ممارسات مخالفة للنظام والإجراءات التنظيمية المعتمدة لمصلحة الجميع.

ويعد توفير الأمن للجميع من أبرز مسؤوليات رجال الأمن وهي مسؤولية لا مجال فيها للمجاملة.

بطولة ريان العسيري أنقذت شخصا من مصير خطير وقدمت لنا درسا عمليا عن معنى الإخلاص في العمل وذكرت العالم بمعنى خدمة الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والمعتمرين وما تتطلبه من جهود وإمكانات وخدمات مادية وإنسانية تعد فريدة في تنوعها ومتطلباتها التي تحشد لها الدولة جهود وإمكانات كل الأجهزة.

البطل ريان يستحق التقدير، ويستحقه كل من يحقق إنجازات متميزة ومبادرات رائدة في كافة المجالات ومختلف المستويات. هذا البطل يدفعني للتذكير بجائزة اقترحتها سابقا وكتبت عنها عدة مقالات في جريدة الرياض ملخصها إنشاء جائزة بمسمى جائزة الوطن يتزامن تنفيذها مع مناسبة اليوم الوطني للمملكة ويتم فيها تكريم المتميزين والمبدعين والمنجزين في كل المجالات ويكون حفل التكريم برعاية خادم الحرمين الشريفين.