وحدة الضفة الغربية والشرقية تمت في عام ١٩٤٩ بعد مؤتمر اريحا الذي حضره الملك عبد الله الاول حيث طالب بها فلسطينيون استضافوا الملك حينها ، والدي و عمي كانا في المؤتمر و من المتحدثين به و اتهم الفلسطينيين المطالبين بالوحدة انهم من الخونة آنذاك ، هذا لتذكير "الأمير المفكر" الحسن بن طلال، ولم تعترف الدول العربية بتلك الوحدة في حينها بينما اعترفت بريطانيا بها حتي عام ١٩٦٧ حيث احتلت إسرائيل الضفة الغربية ، و فشلت اتفاقية "لندن" عام ١٩٨٧ و التي هي اتفاق سري بين الملك الحسين و شمعون بيريز علي إعادة الضفة الغربية الي الأردن بسبب تعنت إسحاق شامير، الي ان قرر الملك الحسين فك الارتباط بين الضفتين عام ١٩٨٨ بناءا علي قرارات مؤتمر القمة العربية الذي عقد في المغرب عام ١٩٧٤ و طلب منظمة التحرير باعتبار ان الضفة الغربية فلسطينية و ليست اردنية، و أن لا احد له حق تمثيل الفلسطينيين الا الفلسطينيين انفسهم من خلال منظمة التحرير. واعتقد مثل كثيرين غيري ان هذا القرار التمثيلي الأخير كان خاطئا ولم يحقق الهدف منه، وكان المسمار الذي دق في نعش القضية الفلسطينية تمهيدا لأنهائها قبل دفنها.
"الأمير المفكر " في ندوة في جمعية أبناء نابلس، تحدث وقال ان " الضفة الغربية هي جزء من الأردن “، عاطفيا ووحدويا وقلبيا صحيح ولكن تاريخيا ومن حيث الجغرافيا ليس مؤكدا، بل تعدي على الحقيقة، ولم أجد سببا لإثارتها في هذا الوقت.
أولا حسب ما تدعيه إسرائيل ووثقته في ملف كامل بالخرائط والحدود والمكاتبات والمراسلات البريطانية والتواجد العددي سلمه أرئيل شارون الي الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، حين قرر الرئيس الأمريكي إقامة النظام البديل على الأرض الاردنية، أنه لا يوجد شيء اسمه الأردن قبل ١٩٤٨، كلها كانت بلاد الشام ومنها فلسطين التي ضمت النهر، واسمه عبر الأردن، تحولت الي امارة الأردن نسبة الي النهر، ثم أصبحت مملكة بعد ان اصطف الهاشميين الي جانب البريطانيين ضد الاتراك بناءا على توصية ودعم ووعد بريطاني. ويشمل الملف الإسرائيلي ان الاتفاق بتأسيس الامارة اشترط تواجد فلسطيني باعتبار الأردن هي فلسطين والقانون الدولي لا يسمح بقيام الدولة مرتين. واعتبر شارون ان الهامشيين قدموا من الحجاز الي بلدا ليس بلدهم وسرقوا ارضا من فلسطين بالتعاون مع الانجليز وحكموا شعبا ليس شعبهم." انتهي الاقتباس".
ثانيا: وحسب النهج والطرح الإسرائيلي أن الاحتفاظ بالضفة الغربية وقطاع غزة اللذين احتُلا في عام ١٩٦٧ لا يعتبران احتلالا لانهما جزءا من الميراث العام لليهود لا تنطبق عليهما بنود معاهدة جنيف*. (ريتشارد فالك: غزة: الدفاع القانوني عن الانتفاضة "، مجلة هارفارد للقانون الدولي، شتاء 1991، ص 129). وأيضا اليهود يعتقدون انهم خسروا يهودا والسامرة بسبب خيانة الملك هيرودس والعائلة المالكة آنذاك وعمالتهم للرومان. (معين حداد، الجيوبولتيكا الإسرائيلية إزاء الضفة الغربية وقطاع غزة، مجلة الدفاع الوطني، العدد ٢٧، بيروت).
ثالثا: حسب القانون الدولي فأن مصر والأردن لم تكن لهما سلطة ذات سيادة على الأرض تلك منذ عام ١٩٤٨ والي ١٩٦٧، و لا تعتبر اسرائيل في القانون انها احتلت من المملكة الأردنية الهاشمية، وبالتالي تستثني إسرائيل من معايير القوانين الدولية ومن اتفاقية جنيف الرابعة حيث نصت في البند الثاني علي ان يكون المحتل احتل دولة طرفا في الاتفاقية، وهي لا تقبل الا الدول الكاملة السيادة أطرافا ساميه فيها. واراض الضفة الغربية وغزة لم يكونا جزءا من الأردن او من مصر. وأيضا هذا يثبت ان الضفة الغربية ليست من أراض الأردن.
رابعا : القصد القانوني من اتفاقية جنيف هو ان اراض الضفة الغربية ليست أراض مثالية و لا عاديه ولا تعتبر هي جزءا من الأردن كما لا تعتبر غزة جزءا من مصر، و هذا يتطابق مع قواعد اتفاق لاهاي ، مما يعني ان إسرائيل و جيشها غير محتلين لتلك الاراض حسب قواعد لاهاي* المادة ٤٢ لعام ١٩٠٧.(*هانز بيتر غاسر، "اتفاقية جنيف والأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي في الشرق الأوسط"، في ستيفن بوين (محرر)، حقوق الإنسان: تقرير المصير والتغيير السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة (لاهاي، بوسطن، لندن: مارتينوس بويليشرز صفحة ٢٩٥، عام ١٩٩٧)
مما سبق، فان وحده الضفة الغربية والشرقية معا، هي وحده غير قانونية وغير معترف بها اصلا دوليا، وتأكيد ان الضفة الغربية لم تكن يوما ارض اردنية ، ويتناقض قانونيا مع ما صرح به الأمير الحسن من أن الضفة الغربية اردنية واحتلتها إسرائيل وهي جزء من المملكة الأردنية الهاشمية. و اقصد هنا جزئين ، جزء انها ارض اردنية و الاخر انها احتلت و لهذا موقع اخر ، حيث ان بعض من قانونيين و سياسيين إسرائيل، مخالفين لانها ارض يهوديه، يعتبرون احتلال إسرائيل للضفة الغربية هو احتلال وصاية بينما تري في الأردن احتلال الضفة الغربية ، و هو امر فيه كثير من الجدل القانوني، و يعبر عن وجهة نظر إسرائيلية اخري.
خامسا: حسب كتاب حدود فلسطين الحديثة 1840 -1947 دراسات روتليدج في الشرق الأوسط من قبل بيجر جيديون والصادر في عام ٢٠٠٤ كمرجع توثيقي يستند إلى أبحاث أرشيفية واسعة النطاق حدد فيها المرحلة الأولى من ترسيم حدود فلسطين الحديثة، ولم تكن بتاتا الضفة الغربية جزءا من الأردن ولم تكن الأردن أصلا بعد دولة، وذلك بين عامي 1840 -1947.
ويلاحظ من مراجعة كتاب حدود فلسطين، على سبيل الذكر، أن الحدود الجنوبية خلال الفترة البريطانية كانت أول ولايات ثلاثة حدود برية تم التوصل إلى اتفاق بشأنها. حتى بعد إنشاء دولة إسرائيل، لم يكن هذا الخط الا بمثابة اتفاقات وقف إطلاق النار وليس الحدود الدولية..
وفيما يتعلق بالحدود الشمالية من التخصيص إلى الترسيم في اتفاق سيكيس بيكو وحتى التوقيع النهائي على معاهدة الحدود في مارس 1923 لم تتم الموافقة عليها ولا تزال جدلية حتى بعد التوصل إلى الاتفاق الموقع من قبل فرنسا وبريطانيا واللوبي الصهيوني والعرب.
اما حديث الأمير الحسن عن" ان التفاوض مع إسرائيل كان يشمل سته نقاط أولها الحدود، وهي ليست مرسمة بين الضفة الغربية والشرقية، ثم تأكيده "إذا اعترفنا لا سمح الله في يوم من الايام بحدود إسرائيل على النهر"، انتهي الاقتباس.
فان الأردن في اتفاقية وادي عربة رسم الحدود بين الأردن وإسرائيل قبل بحدود إسرائيل التماسيه مع الاردن، في مقابل ولأول مره سمح للأردن ان يضع على عملته الورقية " المملكة الأردنية الهامشية “، حيث قبل ترسيم الحدود والاتفاقية كانت العملة تحمل فقط اسم" الأردن “.
ثم ان عدم ترسيم الحدود بين الضفتين ليس دليلا على ان الضفة الغربية جزءا من الأردن. وإذا كان الملك الحسين قد استضاف الشقيري في القدس فقد استضافه في بيت اهداه اليه "أبو خالد " القطب أحد أصحاب ومؤسسي شركة الطيران الأردنية ولا يعني ان القدس من أراض الأردن، وتلك مغالطة.
اما كلام رئيس الوزراء طاهر المصري وتقديمه للأمير الحسن في جمعية عيبال بمدينة عمان بجمله اعتراضية: “مواطنون صالحون يهدفون لان يكونوا جزءا حقيقيا من بناء هذا الوطن، وهم فعلوا ذلك عبر سنين وعقود طويلة وهم نابلسية “، فأنه يصب في السياسة الامريكية الهادفة الي تجنيس الفلسطينيين وإقامة الوطن البديل وتتوافق مع مقال رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني " الحقوق المنقوصة”.
ما حدث هو محاولة للقفز عن التاريخ والتلاعب بالجغرافيا في عقر دار نابلسية تجمع فلسطينيين يحملون الجنسية الاردنية.
الضفة الغربية فلسطينية كما هي القدس، ولا الأردني قبل الفلسطيني التنازل عنها لاحد، ولا مانع بتاتا بل هو مطلب ان تقام الوحدة بين الضفتين الذي يجمعهما نهر الأردن.
آن الاوان ان نناقش ونبحث ونتداول فلسطين واراضيها وقضيتها وسبب ضياعها من أيام الاتراك وقبل ذلك بشفافية وتجرد ومن منطق قانوني مهني بحثي ووثائق وأرشيف وحقائق دون تزييف لواقع او تعدي على تاريخ او نفاق لحاكم.
"الأمير المفكر" حرك مياه راكدة بلا شك ومس القلوب بعواطف الوحدة والاندماج، لكن تنقية المياه السياسية وتعقيمها تحتمه مبادئ الوطنية لا تعليمات الخارج.
التاريخ الحقيقي لا يغلف مثل الشوكولاتة، فقد يكون طعمه مرا ومؤلما جارحا احيانا.
.
التعليقات