اثنان وعشرون عاما مرت على معاهدة وادي عربة الموقعة بين اسرائيل والاردن علي الحدود الفاصلة بين الدولتين، الموقعة بتاريخ ٢٦ اكتوبر ١٩٩٤. و قيل حينها ان الاردن وقع نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها الاردن و اسرائيل من النواحي الاقتصادية و السياسية و العسكرية، و تم تسويق المعاهدة من منطلق استراتيجي بحجة ضمان عدم خسارة مزيد من اراضي المملكة الاردنية الهاشمية، و قيل انها اتت بعد ان وقعت مصر معاهدتها و تاليا لعملية السلام بين اسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية.

اليوم يصادف بداية شهر يوليو، ٢٠١٦، و هو الشهر ذاته من عام ١٩٩٤ الذي اعلن فيه رئيس وزراء الاردن الاسبق الدكتور عبد السلام المجالي “انتهاء عصر الحروب “، و علق شمعون بيريز “ الوقت قد حان من اجل السلام “ و بدء السير نحو المعاهدة.

كل ذلك حدث و سنوات مرت، و لا تزال هنالك امورا مخفية و سرية و لا يعرف عنها حتي روؤساء وزراء الاردن ( تصريحات رئيس مجلس النواب و رئيس الحكومة الاردنية لفضائية موسكو بانه لا يعلم عنها، و ان وجدت فهي غير دستورية - شهر اكتوبر ٢٠١٤)، و الحديث في فضائية موسكو كان عن ٣٩ اتفاقية اردنية اسرائيلية سرية في طي الكتمان في زمن الملك الحسين رحمة الله عليه.

اسرائيل تمرح و تنشر و لا حياة لمن تنادي في الجانب الاخر

وفي المقابل اسرائيل تنشر كتبا و مؤلفات و جرآئدها مليئة بمناقشة تلك الاتفاقات السرية التي تحدث عنها المحرر الرئيس لجريده معاريف موشي زاك عام ١٩٩٥، اي قبل احدي عشر عاما، في الوقت نواب و روؤساء حكومات اردنية نائمون في العسل الي ٢٠١٦، لا يقرأون، و من يقرآ يقرآ سرا، و من يعلم لا يتحدث خوفا من الخروج من “عربة الحكومة “ التي هي هدية كل من شارك في مراحل وادي عربة و معاهدتها.

ليس ذلك فقط بل ان مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعه يار - الان الاسرائيلية نشر كتابا لموشي زاك، و الذي كان ايضا معلقا سياسيا لجريده جيروزليم بوست انذاك بالاضافه الي عمله في معاريف كتابا بعنوان “الملك حسين علي حافيه الهاوية “ من اكثر من عشر سنوات و بالطبع لم يهتم احد بالقرآة او المتابعة حيث كان الاهتمام بالكتب التي تتحدث عن “ اسد الاردن “ لما فيه مدح للملك الراحل.

ملفات جامعة اوسلو

وفي جامعة “اوسلو”، و التي درس بها “بن غوريون”، وقت ان انضم للحركة الماركسية الصهويني، وثائق خاصة للغاية لا يسمح للعامة الاطلاع عليها، و منها ما كتبه موشي زاك و يوسف ياكووف، في الصفحة رقم ٣٨١ عن سياسات بن غوريون ( رئيس وزراء اسرائيل ١٩٤٨ و حتي ١٩٦٣) الداعية الي اقامة دولة اسرآئيل حتي و ان كان الثمن حسب استراتيجيته انذاك “ بتقسيم الارض و دمج الفلسطينين في نسيج الاردن “، تغيرت لاحقا الي استراتيجية طويلة المدي ضمن توجهات ادت الي التحول في سياسة بن غوريون رئيس دولة اسرائيل فيما بعد، نحو المملكة الاردنية، و الانتقال من صديق مشارك ضمنا و سرا، الي مخطط استراتيجي يهدف حسب خطة “بن غوريون” الي ان تصبح الاردن “ دوله يجب ان تنتحر سياسيا او مفلسة “.كان ذلك قبل وفاته في عام ١٩٧٣.

Moshe Zak and Yosef Yaacov, "The Shift in Ben-Gurion's Attitude toward the. Kingdom of Jordan political suicide or bankruptcy. 381.

كان الملك الحسين مستعدا و ناقش الاسرائيليين عن التخلي عن حق العوده و ادماج الفلسطينيين في النسيج الاردني عام ١٩٦٠، حسب ما نشره شمويل بار تحت عنوان “فلسطين ام السلام؟” عام ٢٠٠٦.

الفاتيكان اليهودي في الشرق الاوسط

ومن ضمن المخططات و الاتفاقات السرية، ذكر ما يلي، و اقصد&اعتراف العرب بإسرائيل ك "الروحي" ("الفاتيكان اليهودي”) لمنطقة الشرق الاوسط، ودويلة منزوعة السلاح مستقبلا ضمن سلطة بلا كيان تحمل اسم فسلطين.

وتعديل خطوط الهدنة لصالح العرب مع جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي بوصفها الضامنة لحدود اسرآئيل الجديدة.

رفع المقاطعة الاقتصادية العربية لإسرائيل. والمفاوضات حول أسئلة من قبيل التعويض للاجئين، وتحويل مياه نهر الأردن، واستخدام الموانئ الأردنية الإسرائيلية.

التدويل ممكن من القدس

اليوم مع حقبة السلام،تم تنفيذ البند الاول و الثاني والثالث و سمح باستخدام المواني الاردنية الاسرائيلية، و يبحث التدويل و تناسوا تعويض اللاجئين، نهر الاردن مياهه لم تعد للاردن بحصصها و كمياتها، بل ومع الجهود لبناء أمن إقليمي لحماية اسرائيل، وبما يمنع ويحول دون العدوان والعنف واعتداء علي الأطراف، توافق الاطراف الموقعة علي المعاهدة على الامتناع عما يلي:

أ) الانضمام الي، أو استخدام أي وسيلة مساعدة، أو تعزيز التعاون مع أي ائتلاف أو تنظيم أو حلف مع طابع عسكري أو أمني مع طرف ثالث، كانت أهدافه أو نشاطاته تتضمن شن العدوان أو العداء العسكري او أفعال أخرى ضد الآخر.

ب) السماح بدخول وتمركز قوات عسكرية والتي تعمل على أراضيها، أو من خلال ذلك، من قوى عسكرية أو عسكريين أو معدات تعود لطرف ثالث، في الظروف التي يمكن أن تخل بسلامة الطرف الآخر

الاستراتيجيات غير المقصودة في مواجهة التخطيط المدروس

تم كل ذاك، ولم يقراء الساسة الاردنيين خطة اسرآئيل و بن غوريون التي تهدف الي انتحار الاردن سياسيا، او افلاسه!!!

و هذا هو ما حدث نتيجة حرب ١٩٦٧، معاهده وادي عربة ١٩٩٤، حرب لبنان، حرب العراق، اعباء اللجؤ الفلسيطيني، و اعباء اللجؤ العراقي، و آعباء اللجؤ السوري، ثم الغرق في المديونية، غياب سياسات اقتصادية واضحة سليمة و الاهم الانصياع لشروط البنك الدولي، و غيرها، و لم يقراء احد بين السطور خطة “بن غوريون “ الهادفة الي اغراق الاردن بالديون مؤديا الي افلاس الاردن لاجقا، و هو ما تعيشه المملكة اليوم بسبب ديون ارتفعت الي ٣٧ مليار مع الموافقة غير المشروطة من قبل حكومة الدكتور هاني الملقي لصندوق النقد الدولي مؤخرا.

انها استراتيجية اردنية غير مقصودة ساهمت فيها الحكومات الاردنية المتعاقبة عبر سنوات، و اوصلت المملكة الي هذا الحد، و التي من ضمنها آن اعتبر بعض روؤساء الحكومات آن القرآءة و المعرفة خطرا علي الدولة فابعدت اصحاب الثقافة، المعرفة، و العلم، و رآت بعض الحكومات الاردنية ان وزارة الثقافة ترضية بلا قيمة او هدف، وآن وزارة التخطيط و التعاون الدولي مجرد وظيفة لمدير كبير برتبة وزير للتوقيع علي المنح و شحنات البطاطا، و ان بقية الوزارات بمجملها غنيمة و سبايا توزع علي المحاسيب و الاقارب، دون اهتمام حقيقي بالوطن.

و التساؤل، هل تنجح حكومة تسيير الاعمال الحالية في الخروج من استراتيجية “بن غوريون “؟ ام انها تعتقد ان الافلاس حدث بسبب بن غوريون اخر من كوكب المريخ؟

&انها ليست تفسير لنظرية الموآمرة، علي العكس تماما آنها نظرية التخطيط المبني علي المعرفة لدي اسرائيل و قعت فيه الاردن في الفخ.

الحياة السياسية في نظر ثقافة الحكومة صياح وبكاء علي شعب لا يقدر ما تقوم به الحكومة لاجل الشعب من حيث رفع الاسعار، وفي نظر الوزراء اعتناء بالمظهر و المكاسب، وفي نظر رئيس الوزراء زواج كاثوليكي للبقاء في كرسي الدوار الرابع مهما حدث، وفي نظر الشعب تجربة قاسية يجب الا تستمر.

الثعلب لا يصطاد بالفخ نفسه مرتين.

[email protected]

&