لبنان رهينة في الشرق الأوسط
لبنان يخشى عودة العنف الطائفي
عنوانان بارزان في صحيفتي ليراسيون ولاكروا الفرنسيتين.
فالأجواء التي تعيشها لبنان اليوم أشبه بأجواء الخريف المتقلبة التي نعيشها هذه الأيام، ولا يستطيع لبنان تحمل هذه الأجواء إلى ما لا نهاية ولا يمكن أن ينتظر عواصف ما شهده في صيف 1958 أو ما قبل الحرب الاهلية،
رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" اليوم في بيروت بعد باريس والقاهرة، وهو لا يزال في منصبه رئيسا للوزراء حيث لم يقبل الرئيس اللبناني ميشيل عون استقالته بعد، وأعتقد أن الحريري لن يسحب استقالته، واتمنى أن اكون مخطئا في اعتقادي هذا، فمعنى اصراره على الاستقالة دخول لبنان في فراغ دستوري، وهذا بطبيعة الحال سيدفع الرئيس "ميشيل عون" في أن يفكر جيدا في دوافع استقالة الحريري ويضع نصب عينيه مصلحة لبنان أولا.
استقالة "سعد الحريري" من الرياض في 4 نوفمبر الجاري جعلته في وضع والده الشهيد "رفيق الحريري" يتعاطف معه السواد الأعظم من اللبنانيين الذين يشعرون أن الاستقرار الداخلي في بلدهم بات في مهب الريح، سعد الحريري استقال لأنه يشعر أن سلطاته مقيدة، وشركاؤه في الحكومة يعيقون حركته، ويخشى أن يقتل كما قتل والده رفيق الحريري أمام منزله في بيروت في فبرابر 2005.
الحريري ركز في خطاب استقالته على سياسة النأي بالنفس، ففي لبنان القوة المسيطرة حزب الله الذراع العسكري لإيران رغم وجود قوة اخرى هم السنة بزعامة سعد الحريري، واستقالة الحريري لن تجبر حزب الله على تسليم سلاحه والتحول لحزب سياسي فقط لأن الأمر في نهاية المطاف بيد إيران، هل معنى ذلك ان لبنان مقبلة على حرب بالوكالة وأن التوتر الحالي بين الرياض وطهران سينفجر في لبنان، سياسة النأي بالنفس سهلة على الورق صعبة التحقيق على أرض الواقع، فمن الصعب قطع يد حليف إيران في لبنان، ليس في لبنان فحسب بل في سوريا واليمن. وحزب الله يستفيد من مؤسسات الدولة اللبنانية بحكم أنه شريك في الحكومة، ويريد أن يخفف عبء العقوبات الأمريكية.
السعودية على خلاف مع إيران، وإيران هددت السعودية، واطلقت الصواريخ من اليمن في اتجاه الرياض، وتحتل جزرا إماراتية، وتدعم الاضطرايات بدعم الشيعة في البحرين، وأرسلت قوات من الحرس الثوري الإيراني لحماية نظام الحمدين في قطر. وعندما يتفاخر الإيرانيون بأنهم يسيطرون على بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء فإنهم لا يبالغون.
حزب الله إذن أصبح أداة للقتل والدمار ضد السعودية بما في ذلك تدريب الإرهابيين، ومساعدة الحوثي في بناء صواريخ إيرانية سقط أحدها قريباً من مطار الملك خالد بالرياض، وهو ما اعتبرته الرياض بأنه حرب من لبنان على السعودية بدعم إيراني.
هل يمكن لإسرائيل أن تشن حربا على حزب الله وتعيد اجواء حرب 2006. التي انتهت بهزيمة إسرائيل والخروج من جنوب لبنان؟، أعتقد أن اسرائيل لن يكون بمقدورها الدخول في حرب جديدة مع حزب الله لإضعاف إيران وتقويض القوة العسكرية لـحزب الله.
ماذا بامكان فرنسا أن تفعل في سبيل استقرار لبنان، هل يمكنها أن تدفع الأوروبيين إلى اقناع إيران بتليين مواقف حزب الله مقابل دعم إيران في مواجهة موقف ترامب الرجوع عن الاتفاق النووي الإيراني.
وزير الخارجية الأميركية "ريكس تيلرسون" حذر أي فريق داخل لبنان أو خارجه من استعخدام لبنان مطية او مسرحاً لحروب «بالوكالة» تؤدي الى زيادة عدم الاستقرار في منطقة لا تزال ملتهبة.
سعد الحريري عرف عنه التعقل والحذر بعيدا عن المهاترات السياسية وربما هذه الصفات الطيبة، لا تجدي في العمل السياسي، لكن ما يبعث الأمل هو أن لبنان اليوم يبدو موحدا بكل أطيافه، ومع اشتداد الأزمة ستحدث الانفراجة، فالحل ليس بالمواجهة المسلحة بين أطراف الحكم أو الرضوخ لحرب بالوكالة قد تفرض عليهم إنما تغليب حكمة العقل والمصلحة الوطنية على كل شيء آخر. سبنتصر لبنان وسينهزم الأشرار.
- آخر تحديث :
التعليقات