تراوح المعضلة اليمنية في اطار صراع محتدم بين ارادتين متعارضتين منذ عام 1994م عند قيام اول حركة جنوبية بقيادة الزعيم اليمني الجنوبي علي سالم البيض للانفكاك من قيد الوحدة التي هرب اليها مضطرا مع الرئيس علي عبدالله صالح في صنعاء تحت وطئة التحولات الكبرى في الساحة الدولية وغياب المعسكر الاشتراكي الداعم لليمن الديمقراطية في الجنوب.
نجح الرئيس علي صالح في وحدة جغرافية اليمن لكنه اخفق في وحدة الشعب اليمني وهذه حقيقة لا خلاف عليها فقد اتخذ الصراع اشكالا مختلفة اما صامتا او منتفضا او نادبا لحظ الجنوب على هذه الوحدة القسرية.
اليمن واحدة من قصص التاريخ العربي وهي تزهو بامجاد بني يعرب وحاضنة العروبة لكن المعطيات السياسية تغيرت في العالم كله خلال ربع القرن الاخير فليس هناك في السياسة شيئا مقدسا ولا بد من مواجهة الحقائق والاقرار بالاستحقاقات الطبيعية لليمنيين في الجنوب فهم لا يريدون هذه الوحدة الهلامية ومن حقهم ان ينعموا بخياراتهم وسط استفتاء شعبي محايد لتقرير رغباتهم اما البقاء في اليمن الموحد او اختيار دولة مستقلة لهم تكون جارة شقيقة ومتعاونة وتنسج اقوى العلاقات مع جارها الشمالي الاقرب لها في كل شيء اليمن في حرب متواصلة منذ ثلاثة سنوات وهي يبدو انها طويلة ولا افق قريب لانتهاءها فعلي صالح في اوج قوته حارب هؤلاء المتمردين الحوثيين في ستة جولات وهم محصورين في جبال مران في صعدة ولم يفلح في لجمهم فكيف الان وقد تمددو في مساحات ومواقع عدة ليس اقلها صنعاء العاصمة التاريخية لليمن؟
من لطيف ما يروى عن الزعيم اليمني الجنوبي السيد علي سالم البيض انه سأله احد ما في جلسة عن ماذا حقق الحزب الاشتراكي لليمن فقال حققنا اربعة معجزات اولها جعلنا ابن مدينة المهرة يتحدث العربية والثانية جعلنا ابن حضرموت يقول انا يمني والثالثة جعلنا ابن عدن يخرج في تظاهرة يطالب بتخفيض مرتبه الشهري؟
وهنا صمت فقيل له افندم وما الرابعة فقال عندما الغينا دولتنا وسلمنا مفاتيحها بيد علي عبدالله صالح؟؟ اي كان دقة هذه الحكاية فهي تحمل ندما من الجنوبيين على انخراطهم مع الشمال في الوحدة ومع الاقرار بفروقات في طريقة العيش والثقافة السائدة بين مجتمعين فانه لا بد من التفكير بطريقة جذرية لتضع الحرب اوزارها ونحمي كل اهل اليمن بشماله وجنوبه لا بد من الواقعية في اعادة تشكيل جنوب اليمن لتخفيف العبئ عن الجهد الحربي وهو مكسب للجميع ومن ثم الاتجاه لاعادة تفعيل دور القبائل في حراك مسلح لاعادة صنعاء وغيرها لحضن اليمن الشمالي وتفكيك هذا التحالف الغريب بين الحوثيين وانصار الرئيس علي صالح فهو الطريقة الانسب لشحن الحوثيين مرة اخرى الى جبال صعدة وانتهاء هذه الظاهرة الايرانية المقيتة والغريبة عن واقع وانتماء اليمن الديني والتاريخي.
اليمن هو اليمن قبائل ثم قبائل لا تصدقون ان هناك تيارات سياسية او فكرية فاعلة المزاوجة بين القبيلة والمصلحة تنتج دور حاسما نحو الهدف المرجو.
من عاش في اليمن يدرك ان هذا الشعب محارب بطبعه ولا غرابة ان تطول هذه الحرب سنوات طويلة من دون مراجعة الاستراتيجية والتكتيكات.
- آخر تحديث :
التعليقات