كلمات البابا فرانسيس بابا الفاتيكان أثناء زيارته التاريخية لمصر يومي الجمعة والسبت 28، 29 إبريل استندت إلى ما جاء في التوراة والإنجيل والقرأن ليطلق رسالة محبة وسلام من أرض السلام، وليرد على المجرمين الذين استباحوا دماء البشر باسم الله سبحانه وتعالى خالق السموات والأرض لتنفيذ مخططاتهم المشبوهة.

في القداس الذي ترأسه باستاد الدفاع الجوي أكد البابا أنه فى أرض السلام لا يحتاج إلى ما يحميه، فإذا تصور أهل الشر أنهم بأعمالهم الخسيسة يحمون الله، فإن الله هو الذى يحمى البشر ولا يرغب في قتل عباده بل في أن يعيشوا سعداء بالإيمان الحقيقي لتنزل عليه بركات السماء والأرض، اشار البابا الى أنه على أرض مصر كلم الله نبيه موسى عليه السلام، وفوق جبل سيناء أنزل الوصايا الألهية، قال تعالى في سورة القصص " وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي"

كما كانت أرض مصر ملجأ للعائلة المقدسة حيث قطغت رحلة شاقة استمرت نحو ثلاث سنوات من بيت لحم بفلسطين إلى مصر وشرفت مصر بخطوات سيدنا عيسى بن مريم وأمه السيدة مريم عليهما السلام ليتركا لنا مزارات دينية وسياحية تظل شاهدة على مكانة مصر عند رب العالمين. 
كانت كلمات البابا في رحاب الأزهر كاشفة عن طبيعة تجار الدم الذين يستغلون اوضاع الشباب لتجنيدهم في أعمال الخريب وسفك الدماء حين قال: " من أجل تفادي الصراعات وبناء السلام، من الضروري العمل على استئصال أوضاع الفقر والاستغلال، حيث يتأصّل المتطرّفون بسھولة أكبر؛ وعلى ردع تدفق الأموال والأسلحة نحو الذين يثيرون العنف.

وإن عدنا للسبب الأساسيّ، من الضروري وقف انتشار الأسلحة التي، إن تمّ تصنيعھا وتسويقھا، سوف يتمّ استخدامھا عاجلًا أو آجلًا. لا يمكن منع الأسباب الحقيقيّة لسرطان الحرب، إلّا إذا استطعنا كشف المناورات الخفية والملتوية.

كما جاءت كلمات الأمام الأكبر شيخ الأزهر د. أجمد الطيب واضحة ومعبرة عن حقيقة تأويل نصوص القرأن لتحقيق مآرب خاصة وخدمة لقوى الشر في العالم حين قال: " يلزمنا العمل على تنقِية صُورة الأديان مِمَّا عَلِقَ بها من فهومٍ مغلوطةٍ، وتطبيقاتٍ مغشوشةٍ وتديُّنٍ كاذبٍ يُؤجِّجُ الصِّراعَ ويبث الكراهية ويبعث على العُنف وألَّا نُحاكِم الأديان بجرائمِ قِلَّةٍ عابثةٍ من المؤمنين بهذا الدِّين أو ذاك، فلَيْسَ الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلًا فاسدًا، ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويروعون الآمنين ويعيثون في الأرض فسادًا، ويجدون مَن يمدهم بالمال والسلاح والتدريب. 

ولَيْسَت المَسيحيَّة دين إرهابٍ بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير. وليست اليهودية دين إرهاب بسببِ توظيف تعاليم موسى عليه السلام –وحاشاه-في احتلالِ أراضٍ، راحَ ضَحِيَّته الملايين من أصحاب الحُقُوق من شَعْبِ فلسطين المَغلُوب على أمرِه، بل لَيْسَت الحضَارة الأوروبيَّة حضارةَ إرهاب بسببِ حربين عالَميتَين اندَلعتَا في قلبِ أوروبا وراحَ ضَحِيَّتها أكثر من سبعين مليونًا من القتلى، ولا الحضارة الأمريكية حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته من تدمير البَشَر والحَجَرَ في هيروشيما ونجازاكي، هذه كلها انحرافات عن نهج الأديان وعن منطق الحضارات وهذا الباب من الاتهام لــو فُــتِـحَ –كما هو مفتوحٌ على الإسلام الآن- فلَنْ يسلَم دينٌ ولا نظامٌ ولا حضارةٌ بل ولا تاريخٌ من تُهمة العُنف والإرهاب.

هذه الكلمات المضيئة الكاشفة كفيلة بوقف حمامات الدم التي تسيل في هذا العالم البائس المجنون والعيش بإيمان وتقوى الله، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ"
لذا يجب توثيق هذه الزيارة وترويجها في أنحاء العالم، ليتذكر العالم القيم الروحية، وليستجيب البشر لما يحييه حياة طيبة، ولاشك أن مليار وثلاثمئة مليون كاثوليكي هم عدد الكاثوليك تابعوا زيارة البابا وتوقيعه مع البابا تواضروس الثانى وثيقة تاريخية تحد من الخلاف التاريخى بين الكنيسة الكاثوليكية والاثوذكسية، زيارة البابا فرانسيس لمصر الأمنة إلى يوم القيامة أرض الأنبياء والرسالات تبعث رسالة محبة وسلام، من أرض السلام.

ولنستعيد كلماته الرائعة حين قال: " إن الضيافة التى قدمت بكرم منذ أكثر من ألفى عام خلت، تبقى فى ذاكرة البشرية بأسرها، وهى مصدر للعديد من البركات الممتدة حتى الآن وفى هذه الساعة الآن. إن أم الدنيا إذن، هى الأرض التي، بشكل ما، نشعر وكأنها أرضنا جميعا! كما تقولون أنتم «أم الدنيا أم الدنيا». وهى حتى وقتنا الحاضر ترحب بالملايين من اللاجئين القادمين من بلدان مختلفة.. إن مصر، بسبب تاريخها و موقعها الجغرافى الفريد، تلعب دورا لا غنى عنه فى الشرق الأوسط وبين البلدان التى تبحث عن حلول للمشاكل الملحة والمعقدة التى تحتاج إلى معالجة فورية لتفادى الانحدار فى دوامة عنف أكثر خطورة.. لدى أم الدنيا إذن، واجب فريد: واجب تقوية و تعزيز السلام فى المنطقة أيضا، بالرغم من كونها أيضا جريحة فوق أرضها نتيجة للعنف الأعمى، ومع ذلك دعا الحضور إلى التحلى بالشجاعة والمضى قدما إلى الأمام.