حالة من الأسر عندما يمنع المرء من الاستماع إلى أوتار الموسيقى أو يتعلم العزف على آلاتها، فقد أبادت بعض الجماعات المتعصبة هذا الفن الذي بلا شك يدخل في كل الفنون كالمشاهد التي يعتمد عليها المخرج في دمجه المشهد بلحنٍ حزين وكما في افتتاح أي مسلسل أو فيلم يقرع بعزف الموسيقى وينتهي بها، والحنجرة حين تغني مهما كانت درجات صوتها وجمالها إلا أنها تبقى الفاعل والمحرك لهذا الصوت البشري الذي يتناغم مع أعزوفة فما أجمله من فن حين تخشع لها الاضواء.
تقرع الموسيقى تعبيراً عن الفرح والسعادة في المناسبات الكبيرة مثل الزواجات أو أعياد الميلاد أو الأعياد الوطنية... وكذلك السلام الوطني لكل دولة لا يخلو من العزف الموسيقي ومع استعراض الجيوش في المناسبات القوميّة، تستنهض الأرواح اندماجاً مع نوع الاعزوفة التي تجيش بها أرواحهم لكي يخلد الولاء العسكري لكل جندي مع تغلغل الموسيقى في الروح إلى أن تصل للعقل، فلم تكن الموسيقى لذلك فحسب بل كانت دواء للاكتئاب وعلماء النفس لم يجدوا أجدر من إعطاء العلاج الذي يبتعد عن دخول العقاقير والدواء للجسم فالمشكلة المترسخة في النفس وعلاج النفس هي تهيئة هذه الروح والتخلص مما تسبب بشحنها من ضيق الحياة أو التنمل في النفس، استوحى مرشدي السياحة أن الموسيقى الهادئة تندا للأرواح من دكتور النفس فهيؤوا المقاهي والمطاعم بموسيقى وأغاني حتى تجذب العملاء من كل مكان.
وفِي آخر الزمن ومن جهة اخرى من كوكب الارض حرموا الموسيقى واعتبروا كسر هذه الاَلات جهاد وأنها من روح الشيطان! أن معركة العقل المتعصب يكره الحياة ويكره البهجة؛ ينادي في حديثه القسوة في كل شيء وكيف صنف أن معازيفها من الشيطان هل الشيطان يعطي السعادة الحب السلام المشاعر! إنّ الشيطان من يُوئد السعادة من الناس ويحرم عليهم مالم ينزل الله به من سلطان، فالأرواح تستعيد طاقتها بعد الاسترخاء من الموسيقى الهادئة وتعيد الثقة بعدما خيبة أمل أو تفتيت حزن مٌعمرّ وتتزن الأمور بعدما أجهدت بطول العمل أو إرهاق الدراسة.
إن تحريم الاستماع إليها قد يشكل جرماً بلا شك مما يسبب جفاف المشاعر والشعور بالحياة بأمل فقال صحفي محب للموسيقى عثمان العمير: "الشعوب التي تهتم بالموسيقى وتضعها أعلى الدرجات تجد أنها ناهضة والشعوب التي لا تهتم تسير كالأغنام نتيجة عدم الاهتمام بالموسيقى" وقال ايضا ":إن من أسباب تخلفنا وتأخرنا هو عدم اهتمامنا بالموسيقى“ فماذا يا ترى ماذا نقول للشعوب التي لعنت وحرمت الموسيقى على نفسها وعلى ذويها! فكان رجال التشدد يظنون أن الجهاد والنهي عن المنكر هو تكسير تلك المعازف وتدمير كل المهرجانات الدوليةفكان اضطهادهم لمحبي الموسيقى إلى أن أوقف عملهم الميداني في تكسير وتدمير فهذه ظاهرة غير حضارية والحمدالله اليوم تنعم دولتنا بالانتفاح المطلوب في ردع مثل هؤلاء الرجال المتسلطين على قتل الحياة للحياة.
يقول العالم الفيزيائي آينشتاين ( لو لم أكن فيزيائياً، من المُحتمل أن أصبح موسيقياً،) فوضع علم الفيزياء الخيار الثاني في تعلمه فمقولة مثل هذه لا تحتاج تحليل بل فقط تحتاج إلى تأمل.
فقد حان الوقت لنبني مدارس تعليم هذه المشاعر الموسيقية التي تزرع الحب وتقتل الشر في نفوس البشرية ونرفع أعلام الحب السلام ومحاربة التطرف والإرهاب، فقط اشعلوا الموسيقى حتى تتبخر الأحزان في كل جسد.
التعليقات