على مدى قرون طويلة وخلال فترة ما يسمى بالحكم الوطني في العراق الذي كان احد الثمرات غير الشرعية للمصالح الاستعمارية البريطانية الفرنسية في اعقاب الحرب العالمية الأولى، كانت العلاقات العربية الكوردية وفي اسوء الظروف التي شهدها العراق والحروب العنصرية التي شنتها الأنظمة العراقية المتتالية تتميز بالتآخي والتعاون والتعاطف ولم تفلح جهود الحكومات العراقية في خلق حالة من العداء القومي بين الشعبين ولعل ابلغ دليل هو موقف الشعب الكوردي وقياداته الوطنية خلال انتفاضة ربيع 1991 حيث انهار الجيش العراقي واستسلم عشرات الالاف من منتسبيه لقوات البيشمه ركه ولم تحدث ولا حالة اعتداء او انتقام واحدة.
العلاقات العربية الكوردية على المستوى الشعبي وبين العشائر والقبائل كانت دائما طيبة وجيدة ومتميزة ولم تتأثر قطعا بالمحاولات العنصرية الكريهة والمتخلفة
ما يجري حاليا في بغداد والتظاهرات رغم محدوديتها التي ترفع شعار ( لا الاه الا الله، علي ولي الله، الكوردي عدو الله) وقبلها دعوة بعض المسؤولين الى طرد الكورد من بغداد ومصادرة أموالهم المنقولة غير المنقولة وأيضا قيام بعض المحسوبين على العرب السنة السائرين في ركاب النظام الطائفي بمحاولة تشويه صورة حكومة كوردستان وأجهزة الامن الوطني الكوردستاني والادعاء الكاذب حول قيام الكورد بالتصفيات وعمليات التهجير والخطف والتي لا أساس لها من الصحة ولم يسمع بها احد اللهم الا اذا كان محاربة الإرهاب واستئصال سرطانه هو ما يقصدونه لغايات معروفة، كلها تصب في مجرى واحد هو اثارة النعرات العنصرية والدينية لخلق حالة من العداء القومي تمهيدا لشن حرب دينية واهلية ضد شعب كوردستان.
من الواضح ان وراء هذا التصعيد الخطير تقف قوى عنصرية وطائفية وارادات اجنبية لا تريد لا للعرب ولا للكورد أي خير بعد ان فشلت في إيقاف عملية الاستفتاء الشعبي العام في كوردستان من اجل الاستقلال بالطرق الحضارية السلمية وهو لا يهدد المصالح الأساسية الانية لمكونات العراق الحالي وانما ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل العلاقات الإنسانية بين الشعبين العربي والكوردستاني.
من المؤكد ان القيادة الكوردستانية والشارع الكوردي الذي تربى على شعار (على صخرة التآخي العربي الكوردي تتحطم مؤامرات الاستعمار) لن تنجر الى معركة الغوغاء هذه ولن تنزل الى المستوى السوقي الضحل الذي وصلت اليه بعض الحركات والأحزاب السياسية في بغداد والتي تهدد مصالح العرب قبل الكورد.
المطلوب والمفروض ان ترتقي مواقف القوى السياسية العربية الوطنية والديموقراطية الى المستوى الذي وقفته العشائر العربية الاصيلة في مناطق نينوى وكركوك وديالى التي طالبت بالانضمام الى كوردستان وايدت اجراء الاستفتاء وعلى هذه القوى ان تقف ضد هذا التصعيد الخطير وإدانة هذه المواقف العدائية والوقوف بوجه المخططات الرامية لتحويل العراق وكوردستان الى برك من الدمار والدماء تترك اثارها البغيضة حتى على الأجيال القادمة.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات