لازالت النقاشات حامية بين الكرد حول الاستفتاء الذي تم الاعلان عنه في اقليم كردستان والذي تقرر اجراؤه بعد شهرين تقريبا اي في 25 ايلول القادم .

هناك اختلاف شديد في الآراء حول الاستفتاء بين معارض وداعم ومحايد ولكل طرف تصوراته و مبرراته . الخلاف بينهم يصل احيانا الى حدود التخوين .

لن ادخل في تفاصيل هذه النقاشات لان النقاش بات عقيما ولن نحصد منه الا المزيد من الخلاف والتشرذم .

في رأي الاسترسال في احقية الاستفتاء او عدمه لن يجد نفعا فالسهم خرج من القوس ولا يمكن اعادته الى مكانه ولسوف يجري الاستفتاء في موعده والنتيجة ايضا معروفة للجميع وهو الموافقة بنسبة تقارب التسعين بالمئة واكثر .هذا امر طبيعي جدا فهل هناك شعب او جماعة او فرد لا يريد الاستقلال لوطنه ؟ هكذا ايضا الشعب الكردي كبقية شعوب العالم .

علينا التعامل مع هذه القضية الخلافية من هذا المنظلق وعلينا ان نحول الاستفتاء الى فرصة تعيد الوحدة والتآلف واللحمة بين الشعب ومنظماته وحركاته السياسية المتشرذمة . 

حتى نتمكن من انجاح الاستفتاء وتمهيد الطريق الى الاستقلال لا بد من الانتباه الى الظروف الاقليمية والدولية والكردستانية .

بالنسبة للظرف الاقليمي ليس هناك اي تبديل في مواقف دول الجوار لكردستان وهي سوريا وتركيا وايران وجميعها تقف ضد كل طموح كردي نحو التحرر وحق تقرير المصير وليس هناك اية دلائل تشير الى تبدل ايجابي في المستقبل القريب .

ولكن الاهم هنا هو ذلك التبدل الكبير في مواقف المملكة العربية السعودية ودول الخليج التي بدأت تظهر تعاطفا وتفهما كبيرا نحو طموحات الكرد في الاستقلال و لا يرون فيها اي تهديد للعالم العربي بل العكس حيث سيكون استقلال كردستان في صالح الدول العربية . حتى الآن ليس هناك مواقف رسمية لتلك الدول ولكن سمعنا وقرأنا لبعض الشخصيات المهمة والقريبة من مراكز القرار في تلك الدول تشير الى الايجابية نحو الكرد .

المملكة الاردنية الهاشمية ومنذ عهد الملك الراحل حسين بما فيه عهد نجله الملك عبدالله سجلت مواقف موضوعية و تضامنية مع الشعب الكردي لن ينساه الكرد على مر التاريخ .

بالنسبة للمواقف الدولية لا نجد دعما بل ان الغرب بما فيه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي غير موافقة لهذه الخطوة الكردية نحو الاستقلال وتراها خطوة استباقية متسرعة.

الموقف الروسي بالرغم من وقوفه على الحياد الا انه اقرب الى الايجابية .

المواقف الدولية متعددة ولكنها سوف تكون مرتبطة بمدى وحدة الصف الكردي وتصميمه على نيل الاستقلال و الوقوف صفا واحدا خلف هذا الهدف النبيل .

لهذا علينا ان نضع كل الخلافات جانبا ونبين للجميع ان ليس هناك بديل عن الاستقلال باجماع كامل يشمل الشعب الكردي اينما وجد .

الدول الاوروبية وعلى راسها بريطانيا وفرنسا التي مزقت كردستان قبل مئة عام عليها الآن ان تكفر عن ذنوبها وتقف مع استقلال اربعين مليون كردي والتي ستجلب الاستقرار للمنطقة حيث انها ستبدل موازين القوى في المنطقة لصالح الاعتدال ومكافحة الارهاب .

الكل يتمنى ان يتم الاستقلال بالتفاهم والتنسيق مع الشعب العراقي وقياداته الوطنية بالدرجة الاولى لما فيه مصلحة الشعبين كما حدث في النموذج التشيكوسلوفاكي .

الذين يطالبون بانتظار الظروف المناسبة فليعلموا جيدا انها لن تأتي ابدا والمبدأ الاساسي في تحرر الشعوب هو خلق الظروف وليس انتظارها .

نقطة اخيرة اريد الوقوف عندها وهو هذه الاحتفالات بالطبل والزمر والشعارات والزعيق والرقص التي نشاهدها على الشاشات كجزء من الاستعداد للاستفتاء تذكرنا بايام الديكتاتوريات التي تسقط تباعا لا سيما الرقصات البعثية التي كانت تشبه حركات الدببة تسيء الى الشعب الكردي عامة وبالاستفتاء التي هي مجرد عملية تصويت ديمقراطية .

اكثرية الراقصين هم من فصيلة ماسحي الجوخ واللاهثين وراء مصالح انانية تافهة .

الاستعدادات للاستفتاء يجب ان ترتقي الى مستوى التضحيات التي قدمها الشعب الكردي في سبيل الاستقلال من شهداء وحروب ابادة ومقابر جماعية وتشرد وتهجير .

التجمعات والتظاهرات يجب ان تكون مهيبة وصامتة ورزينة تخاطب العقل وتستذكر كل الويلات التي عانى منها الكرد على مدى مئة عام .

كاتب كردي

[email protected]