لا احد يعرف متى؟ وكيف؟ واين؟ ظهر مصطلح المقبولية في مؤسساتنا الرسمية حتى شاع هذا الشيوع، وصار من المقومات الواجب توفرها في الموظف لتكليفه بمسؤولية ما.

والمقبولية التي اتحدث عنها هي ان يقبل ويوافق الموظفون على ان تتولى مسؤولية ادارتهم، واذا لم تحظى بقبولهم فيجب تنحيتك مهما كان لديك من القدرات، ومهما كان مستوى الخبرة والنزاهة الذي تتمتع به.

المقبولية في عرف اكثر الموظفين لا تعني اخلاصك في العمل، وليس لها علاقة بسعيك لتطوير المؤسسة، وحرصك على تقدمها، وتجاوز الصعوبات التي تمر بها لوضعها على سكة النجاح.

المقبولية في ذهن اغلب الموظفين تعني ان تغض النظر عن اخطائهم، وتتجاوز تاخرهم عن الدوام، وان تقبل بعطالتهم وبطالتهم داخل المؤسسة، وان تمنع اكفهم من "التلوث" بجهاز بصمة الدوام، وان تشكرهم على انتاجيتهم البائسة التي لا تعادل نسبة العشر من رواتبهم، وان تتناول معهم الشاي و"التشريب"، وان تمزح معهم بشكل يسقط هيبتك، وتعني كذلك ان تحابيهم وتجاملهم وتقنع بالقليل الباهت الذي يقدمونه، وان توافق على الاعذار التي يسوقونها للهروب من الدوام والجلوس في بيوتهم، وان تمنحهم الكثير من المكافآت وكتب الشكر والتقدير مقابل نومهم العميق اثناء الدوام الرسمي.

وفقا للمقبولية هذه التي هي وجه قبيح من وجوه الفساد، استبعد اكثر من مدير ناجح وكفوء لانه نزيه وحازم ولا تاخذه في تطبيق اللوائح والتعليمات الادارية لومة لائم، وتفشى في الكثير من مؤسساتنا نموذج "المدير الخروف" الذي يديره موظفوه لانه يحظى بمقبولية الفساد التي تحدثت عنها، وهذا سبب من اسباب تراجع اداء المؤسسات وشيوع الفساد فيها، لان المدير الخروف ليس بمقدوره محاسبة احد، ولا يسبب اي قلق لمرؤوسيه الاعلى منه ولا للدوائر الرقابية.