"الأمم العظيمة تبنى بالتضحيات وصادق الانتماء"، هذه العبارة القصيرة التي قالها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ تحوي معان عميقة وتضع الأساس الصحيح لبناء الأمم والحضارات، وتكشف المعنى الحقيقي للتضحية والفداء الذي يقدمه الشهداء لأوطانهم، فالشهادة ليست فقط إسهاماً كبيراً في تحقيق انتصار عسكري، والدفاع عن مبادئ الحق والانتصار للمظلوم واغاثة المستغيثين، ولكنها القاعدة المتينة التي تبنى عليها الحضارات والأمم.

هذه العبارة العميقة تربط أيضاً برباط قوي بين التضحية وصدق الانتماء، فهما وجهان لعملة واحدة، وهما أساس بناء الأمم العظيمة، فهكذا يخبرنا التاريخ، فلولا تضحيات الشهداء في كل أمة من الأمم ما ارتقت الحضارات على مر العصور، قديمها وحديثها.

وبالتالي فإن أي أمة متحضرة تقّدر أبنائها، تخّلد شهداؤها، وترى فيهم مشاعل النور وبيارق النصر، وايقونات الأمل، وهذا هو حل شهداء أغلى الأوطان، شهداء الامارات، في يوم ذكراهم، الذي نحتفي فيه جميعاً ببطولات ومآثر الشهداء الأبرار، ونستذكر بكل فخر واعتزاز بطولات كتبوها بدمائهم في تاريخ دولتنا ومنطقتنا، فهذه الكوكبة من الخالدين، &قد ضحوا بأغلى ما يمتلك الانسان، حياته، كي يرفع راية وطنه عالية خفاقة، وكي يفي بما وعد، ويسجل بأحرف من نور اسمه في صفحات كتاب وطن لا يبخل على أبنائه بأي شيء، فكيف يبخل من ارتقى لأعلى مراتب الوفاء والولاء والانتماء؟ الشهداء قلب الوطن، فهم "عظم رقبة"كما وصفهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عظم رقبة لقيادة تصل الليل بالنهار وتعمل بلا كلل من اجل إسعاد شعب يبادلها وفاءاً بوفاء وحباً بحب.

الاحتفاء بيوم الشهيد لا يقتصر على استدعاء ذكريات البطولة والمجد، بل هو بالأساس محطة زمنية متكررة لغرس قيم الولاء والانتماء للوطن والقيادة في نفوس أجيالنا الجديدة، ليدركوا أن شهدائنا الأبرار الذي غادروا بأجسادهم، ستبقى أرواحهم الطاهرة في قلوب جميع أبناء هذا الوطن، وستبقى تضحياتهم رمزاً للعزة والشموخ&والكرامة والشجاعة، وستبقى كذلك علامة مضيئة في تاريخ دولتنا وقواتنا المسلحة الباسلة، كما ستبقى من أهم روابط العلاقات الأخوية التي تجمع الشعبين الاماراتي واليمني، فدماء أبناء الامارات التي سالت على أرض اليمن الشقيق ستظل تروي قصص البطولة في الدفاع عن الأشقاء، وكيف بذل أبطالنا دمائهم دفاعاً عن المبادئ والقيم والثوابت الأخلاقية والإنسانية التي غرسها الآباء المؤسسون، الذين غرسوا في أبناء شعبنا الغالي حب الوطن، وعلمونا أن قواتنا المسلحة كانت، وستبقى دائماً بإذن الله، مصدر الفخر ودرع الوطن وسيفه، الذي حمي مكتسبات اتحادنا المبارك، ويصون أمننا ويدافع عن استقرارنا في مواجهة أطماع الطامعين وأحقاد الحاقدين ومؤامرات المتآمرين.

إن يوم الشهيد هو مناسبة وطنية غالية، ليست كأي مناسبة، وما يضاعف الإحساس بعمقها ورمزيتها الوطنية، أنها تتلازم زمنياً مع احتفالات اليوم الوطني، حيث يعيش الوطن طوفان من المشاعر الوطنية التي تعم كل أرجاء الامارات، وإذا كان للشهيد مرتبة عليا عند الله عزوجل، فله أيضاً مكانة عليا في نفوس أبناء شعبه،&فالشعوب تحتفظ لشهدائها بكل الاجلال والاحترام، فالشهداء هم رمز القيم الإنسانية النبيلة، وهم رمز الثبات والايثار.

يوم الشهيد يمثل مناسبة أيضاً للتعبير عن الوفاء والتقدير والاحترام لذوي وأهالي الشهداء الأبرار، الذين ضربوا بصبرهم وجلدهم وثباتهم وحبهم لوطنهم أعظم الأمثلة في الولاء والانتماء، إذ ستبقى أم الشهيد أيقونة بين الأمهات، ونموذجاً يحتذى في تريبة الأبناء وغرس حب الوطن في قلوبهم.

يوم الشهيد هو يوم أغلى من أنجبت الأرض الطيبة والوطن الغالي، فكل التحية وخالص الدعاء لأرواحهم الطاهرة، التي ستظل دوماً تمنحنا طاقة متجددة على العطاء، وكل التقدير لأهالي الشهداء وذويهم وأبنائهم، وكل الحب الولاء والانتماء لقيادة تضع مصالح أبناء شعبها في صدارة الأولويات ومقدمة الاهتمامات.