لاول مرة تقوم ايران بعمل عسكري مباشر من الاراضي السورية ضد اسرائيل, الطائرة المسيرة بدون طيار والتي ارسلتها ايران الى اسرائيل بنية استخبارية او للهجوم على هدف ما او لاي غرض اخر اعتبرتها اسرائيل وعلى لسان كبار قادتها عملا عدوانيا ايرانيا ضد السيادة الاسرائيلية, وكأن اسرائيل تحترم سيادة الدول المجاورة والاخرى وتمتنع عن المس بها من سوريا الى لبنان مرورا بدول بعيدة مثل السودان.
ارسال الطائرة المسيرة وما اعقبها من تداعيات واسقاط طائرة اف 16 وقصف الدفاعات الجوية السورية ومواقع تقول اسرائيل انها ايرانية مثل مطار تيفور قرب ادلب بالعمق السوري ومواقع اخرى لاجهزة رادار وتحكم ايرانية في انحاء مختلفة من سوريا, كل هذات يدل على ان المواجهة الاسرائيلية الايرانية تقترب اكثر مما ظن البعض.
ايران وكما يعرف الجميع تعمل بطريقة "البروكسي" اي مندوبين بالوكالة وتفعل هؤلاء في كل ما تريده بالمنطقة وتعمل على تموضع مليشيات شيعية عراقية وافغانية وباكستانية في سوريا الى جانب حزب الله, الذراع الاقوى لايران في المنطقة. هذا من جهة ومن ناحية اخرى تدفع بعديد عناصر حرس الثورة الايراني للقتال في سوريا وتهيئة المواقع والاستعداد لساعة الصفر في مواجهة اسرائيل بسوريا وربما على الارض اللبنانية, وليس لان ايران تريد الحرب مع اسرائيلاصلا, انما لان اسرائيل اعلنت وبدأت تعد العدة لمنع ايران من بسط نفوذها قرب حدودها في الجولان السوري وفي لبنان بعد ان تموضعت باليمن واثارت النعرات والقلاقل في البحرين وتحاول زعزعة استقرار السعودية والكويت.
اسرائيل لم تكن في سنةات الحرب السورية الاولى, تعر الوجود الايراني اهتماما كبيرا في سوريا ما دامت الحرب قائمة والايراني والسوري وحزب الله ولف لفهما منشغلون بالحرب على داعش. ونظام الاسد يحفظ عدم المس بالمصالح الاسرائيلية. وبالطبع التنسيق مع الروس اكسب اسرائيل تفوقا في سوريا وصالت وجالت على خاطرها بما يتعلق بالاجواء وحددت خطوطا حمراء اضافت اليها مؤخرا خطا جديدا يتمثل بطريق دمشق السويداء كما انها بصدد تسطير خط احمر اخر وهو التواجد الايراني في لبنان في محاولة لربط الجبهتين السورية واللبنانية ببعضهما بعد التنسيق المكثف مع الادارة الاميركية الجديدة التي وعدت ايسرائيل بكل الدعم بما في ذلك العسكري الفعلي من الجو ومن البحر في حال نشوب حرب في المنطقة.
اللافت في التوجه الاسرائيلي للحرب المقبلة انها لا ترى بحزب الله خطرا كيانيا عليها انما ازعاجا صاروخيا قد يطال نقاط حساسة او اماكن بعيدة في العمق الاسرائيلي كما انها لا ترى الحرب مع ايران في خانة كن او لا تكون انما في خانة كسب المعركة وعلى الاقل ابعاد ايران من حدود وقف النار في الجولان خمسين او نيف من الكيلومترات, مع اعادة خلط الاوراق على الطاولة السورية لاطالة عمر الحرب الاهلية والدولية والاقليمية الدائرة هناك. اسرائيل ارسلت رسائل كثيرة للبنان الدولة ولحزب الله بانها غير معنية بضرب لبنان وبنيته التحتية في محاولة لتحييد حزب الله من معادلة الحرب المقبلة الا ان اصرار ايران زج الحزب في مواجهة جعل اسرائيل تغير من سياستها وتكتيها ولتعلن ان الجبهة اللبنانية والسورية واحدة وهكذا ستتعاملمعها في حال نشوب حرب .
اما اسباب الحرب فمتعددة ومتغيرة وكثيرة, منها استهداف منصات التنقيب عن الغاز والمنشآت الاسرائيلية في المتوسط والتي يهدد نصر الله باستهدافها في حال اعتداء اسرائيل على البلوك رقم 9 في المتوسط بحسب خطابه الاخير, والتي تعتبره اسرائيل بمثابة اعلان حرب في حال حدوثه وايضا ارسال ايران لطائرة مسيرة هجومية قد يكون اعلان حرب وتموضع ايرالن في سوريا ولبنان واقامة مصانع لتجهيز الاسلحة المتطورة ونقلها لحزب الله في لبنان تشكل اسرائيليا اعلان حرب, وكان نتانياهو قدم للدول الاوروبية المشاركة في قمة ميونخ للامن معلومات ووثائق وصور يدعي انها اثبات على تورط ايران في الهجوم على اسرائيل بوسائل شتى. كما ان ليبرمان وزير الدفاع لاالاسرائيلي بحاجة الى انجاز امني ما ومشاكل نتانياهو القانونية وتهمة الرشوة تجعله يفكر بصرف الانظار حتى وان بحرب او عملية عسكرية واسعة النطاق.
من المقلب الاخر ايران تنفي ارسال الطائرة المسيرة وتنفي انشاء قواعد عسكرية هجومية في سوريا ومصانع اسلحة في لبنان وترى بخطوات اسرائيل ضدها عدوانا يلزم الرد ومقتل عدد لا يستهان به من حرس الثورة الايراني في الغارات الاسرائيلية الاخيرة في سوريا لن يمر مر الكرام كما يرى المراقبون اضف الى ذلك الوضع الايراني الداخلي والغليان الشعبي واستمرار التظاهرات والمواجهات ىاليومية والتي تقودها الصبايا والنساء والشباب باعداد قليلة الا انها تهدد عرش الملالي واصحاب الشأن والعمائم في طهران واصفهان وقم وشيراز والاهواز وغيرها, هذه التظاهرات التي قد تتسبب بفوضى عارمة الى حد اجراء تغييرات جذرية في الجمهورية الاسلامية ناهيك عن صراع جنرالات الحرس الثوري مع الاصلاحيين في سدة حكم ايران. وزاذا اضفنا الى كل تلك الاسباب صراع القوى العظمى واطماعها في المنطقة تكون الارضية خصبة ومؤاتية لحرب جديدة تضطر الجميع في نهايتها الجلوس معا على طاولة الامم المتحدة لتقاسم الكعكة السورية وتحديد نفوذ القوى في المنطقة.
فكل جانب يريد ان تكون لديه الاوراق والاسباب للمواجهة ففي حين اسرائيل ستواجه على ارضها وسيقصف داخلها وما تسميه جبهنتها الداخلية تسعى ايران لمعارك على الارض السورية واللبنانية وربما توسعها الى قطاع غزة ويعتقد البعض ان اسرائيل قد تستهدف الاراضي الايرانية في حال نشوب الحرب وتضرب نقاطا موجعة كما فعلت سابقا في مسألة اغتيال علماء النووي او تدمير مواقع للصواريخ ومنشآت ايرانية هامة, سرا ودون الاعلان عن ذلك.
وان كان السؤال هنا اين روسيا وما موقفها من ذلك؟ فالجواب موجود في تصريحات نائب السفير الروسي لدى اسرائيل والذي قال انه في حال نشوب حرب بين ايران واسرائيل وحزب الله, فان روسيا ستكون الى جانب اسرائيل وليس فقط الولايات المتحدة, هذه التصريحات صنعت بلبلة في محور ايران سوريا حزب الله خاصة وان روسيا حليفة هذا المحور في الحرب السورية. هنا لا بد من العودة الى حرب الادمغة والتقديرات وخطوات الشطرنج على الارض السورية اللبنانية, فهل تحريك الجنود سيعرض الملك للموت؟ والمعروف ان الشطرنج هي لعبة "نتيجة صفر".
التعليقات