تقيم اسرائيل علاقات جيدة ومميزة مع روسيا من جهة ومن الناحية الاخرى فهي أهم حليف للولايات المتحدة في الشرق الاوسط ان لم يكن في العالم, ولطالما كانت اسرائيل بوابة الوصول الى الولايات المتحدة حتى من قبل دول لا تملك اي علاقات مع الدولة العبرية وسوريا في عهد الاب حافظ الاسد والابن بشار الاسد حاولت ونجحت في بعض الاحيان بالفوز برضى اميركا ويمكن القول ان ارئيل شارون في العام 2004 انقذ نظام الاسد من الانهيار عندما اقنع الرئيس الاميركي بعدم القيامم بحرب على سوريا على غرار ما فعل بافغانستان والعراق منذ هجمات 11 سبتمبر.
مستشار الامن القومي لنتانياهو, رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي, مئير بن شابات قام بجولة لقاءات في واشنطن وموسكو خلال الايام الاخيرة وقد اصدر مكتب نتانياهو, على غير عادته في مثل هذه الظروف, بيانا بهذا الامر واصفا الزيارة لواشنطن وموسكو بالناجحة وان المبعوث الاسرائيلي اجرى سلسلة من اللقاءات مع نظرائه في البلدين ومع شخصيات سياسية ومسؤولين كبار وان تلك اللقاءات تمحورت في الشأن الايراني والسوري والشرق الاوسط وشمال افريقيا بحسب البيان.
اللافت في هذا الامر ان الاعلان عن الزيارة جاء بعد زيارة وزير الدفاع الروسي سرغيي شويغو لاسرائيل وحديث نتانياهو وبوتين الهاتفي والاتفاق على بعض تفاصيل الحل في سوريا بما في ذلك ضرورة ابعاد ايران عن خط وقف النار في الجولان نحو 20 كيلومتر وعدم السماح بترسيخ اقدام ايران في تلك المنطقة من سوريا بحسب ما تردد من الجانبين, الامر الذي كان طلبه نتانياهو سابقا من بوتين في سوتشي ولم يحصل عليه وتأكيد شويغو للاسرائيليين ان روسيا ترى انه حان الوقت لانهاء الازمة السورية وووقف العمليات القتالية فيها بما في ذلك سحب القوات الروسية المقاتلة من الارض والجو.
خبراء وعارفون في التحركات الاسرائيلية يقولون ان نتانياهو يلعب دور الوسيط بين صديقين حميمين له وهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وساكن البيت الابيض دونالد ترمب وهذه الوساطة والتي وصفها احد كبار مكتب نتانياهو بالناجحة قد تكون اول خطوة في تصحيح العلاقات الروسية الاميركية والتي يتذمر بوتين من سوءها في الايام الاخيرة عبر تصريحات مختلفة وعلنية. بنيامين نتانياهو وقادة الدولة العبرية من المؤسستين, الامنية والسياسية يرون ان لروسيا دور مهم في سوريا ويحاولون اقناع واشنطن بقبول روسيا شريك او ند مقبول في الشرق الاوسط كما ان تقسيم سوريا بحسب اتفاقيات كيري لفروف عادت للحياة كورقة مهمة على طاولة حل الازمة السورية كمبادرة اميركية روسية من اجل حفظ الحصة الامنية لاسرائيل في هذه الكعكة والرئيس الروسي بدأ يشير ويحذر في بعض تصريحاته من تقسيم سوريا الامر الذي يدعم مقولة ان الحل في سوريا هو تقسيمها الى اقاليم مستقلة وحكومة كونفدرالية من كل الاقطاب. كما سيحاول نتانياهو عن طريق التحاور مع الجانبين انقاذ الاكراد في العراق من سيطرة ايران على مناطقهم بحيث بدأت تظهر بوادر ضغط اميركي على الحكومة العراقية لتخفيف الضغط عن الاكراد باخراج المليشيات الشيعية الموالية لايران من مناطقهم كبداية لمنحهم حقوقهم الدستورية على الاقل.
مهما يكن من امر فاسرائيل التي كانت شبه معزولة اميركيا عن اي امر في عهد باراك اوباما وباستثمار علاقاتها المميزة مع الكرملين ومجيء ترمب للساحة فقد عادت لتكون زنبرك الحركة في الشرق الاوسط او محراك الشر كما يراها اخرون ولكن في المسألة السورية اسرائيل لن تتنازل عن مطالبها كما قال نتانياهو وقصف بطارية صوارخ النظام والتوافق مع روسيا بشأن ايران تشكل لديها تموضعا جيدا عند تقسيم الكعكة السورية بحيث ستتلقى الحصة الامنية التي تريدها وان نجحت في تقريب وجهات الانظر بين الكرملين والبيت الابيض فسوف تكون الرابح الاكبر في المنطقة كما يرى المراقبون في المنطقة.
التعليقات