تركيا تعيد وتكرر على الدوام الشكوى من العبء الاقتصادي المكلف الذي تعاني منه بسبب المهجرين السوريين على اراضيها .
هل فعلا المهجرون السوريون يسببون ازمة للاقتصاد التركي ؟ ام العكس هو الصحيح ؟
في البدايات....نعم شكل المهجرون ازمة كبيرة دون شك لاسيما تلك الهجرة التي تميزت بالاعداد الكبيرة وقدمت تركيا مساعدات كبيرة حينها.
الا ان الامر انقلب عكسا بعد مرور مايقرب من ثلاثة سنوات على تلك الهجرة وبدأت تركيا باستغلال تلك المصيبة السورية الى مصدر يدر الاموال على الاقتصاد التركي . كيف؟
تركيا استغلت الهلع الاوروبي من الهجرة السورية الى اوروبا برا وبحرا والتي بلغت اعدادا كبيرة وساومت عليهم مع الاتحاد الاتحاد الاوربي وتم الاتفاق على ان تسد تركيا ابواب الهجرة الى اوروبا مقابل بضعة مليارات يورو من الاتحاد الاوروبي كما يعرف الجميع .
سيف التهديد التركي على رقاب الاوربيين في فتح ابواب الهجرة باتجاه اوروبا لازال مستمرا حتى تاريخه واموال معاناة المهجرين السوريين لازالت تشكل مصدرا مهما للاقتصاد التركي .
لازالت تركيا تبتز الدول الاوربية حتى الآن وتحصل على المال باستمرار ولكن من تحت الطاولة مقابل استمرارمنع الهجرة . في البدايات تم الاتفاق على ان تسري تلك الاتفاقية مدة ثلاث سنوات فقط حيث كان الاوربيون يعتقدون ان الازمة السورية ستصل الى حل او مصالحة خلال تلك الفترة .
نقول تحت الطاولة و بالتوافق بين الجانبين .
الجانب الاوروبي يعتبر نفسه الاب الروحي لقوانين ومعاهدات حقوق الانسان بينما سد ابواب الهجرة مقابل رشوة مالية هو خرق فاضح لكل قوانين الهجرة لا سيما في حق الذين يهربون من جحيم الموت والدمار .
التصرف الاوروبي هنا هو مقايضة الانسان بالمال مهما كانت الذرائع .
تركيا ايضا تريد ان تبق الامور سرية حيث ان ذلك الاتفاق يعني الربح المادي على حساب معاناة المسلمين السوريين بينما النظام التركي يرى في نفسه زعيم الامة الاسلامية وحامي حمى المسلمين وحقوقهم في جميع ارجاء العالم .
استفادت تركيا من السوريين المهجرين ذوي الكفاءات العالية واصحاب الشهادات الجامعية الاختصاصية لا سيما في مجالات الطب والهندسة والتقنية والزراعة والري والسدود ووو...الخ .
الاستفادة من الانسان السوري لم يكن حصرا في مجال العلم والشهادات فقط بل تم الاستفادة من المهارات المهنية التي اشتهر بها السوريون وفي كافة المجالات لاسيما في قطاع الخدمات . كانت الاستفادة التركية في هذا المجال اضعاف اضعاف ما حصلت عليه في مجال الشهادات العالية .
استفادت تركيا من الايدي العاملة السورية الرخيصة الثمن والتكاليف ودون تأمينات اجتماعية او حقوق او تعويضات صحية وحقوق نقابية او تقاعدية .
بجملة واحدة اصبح العامل السوري عبيدا في سوق العمل التركية .
انتقل الرأس المال السوري الهارب من جحيم الحرب الى المصارف التركية وتم الاستفادة منها في كل مجالات الاستثمار ولكن دون ان يكون لصاحب المال السوري اية حقوق او فوائد كالتي يحصل عليها عادة المستثمرون الاجانب . فوائد تشجيع انتقال رأس المال الاجنبي للاستثمار في تركيا له حوافز وارباح كبيرة جدا ولكن ليس للسوريين .
غادر معظم رجال الاعمل السوريين الى تركيا مع رساميلهم الضخمة وذلك بعد تفكيك معظم المعامل والمصانع السورية في الشمال السوري . ثم تم اعادة تركيبها من جديد للانتاج في تركيا لا سيما معامل الصابون والاقمشة والعديد من الصناعات التي اشتهر بها اهل حلب . كل تلك الفوائد دخلت الى خزينة الدولة التركية بالاضافة الى اتاحة فرص عمل كبيرة للاتراك العاطلين عن العمل في تلك المعامل في تركيا .
بالاضافة الى كل ذلك تحصل تركيا على الاعانات من منظمات الهجرة العالمية وعلى رأسها الامم المتحدة كما هو الحال في جميع الدول التي تستقبل وتأوي اللاجئين .
هكذا اصبح السوريون منتجين ومصدر اقتصادي هام وليس عبئا على الاقتصاد التركي كما تروج له الدعاية التركية .
هذا في مجال الاقتصاد ولكن كيف تعاملت تركيا مع المهجرين سياسيا وانسانيا ؟
الصورة قاتمة !!
هذا ما ساحاول التطرق اليه في حديث مقبل .
التعليقات