صعدت تركيا منذ عام 2014 من تهديداتها وحشدت جيوشها على حدود سوريا بذريعة محاربة ( المنظمات الارهابية ), ومن ثم فوض برلمان تركيا الحكومة لأجتياح أراضي سوريا وسط معارضة دولية واقليمية ومحلية .
جاء هذا التصعيد الخطير للقضاء على التجربة الكوردستانية الديمقراطية في (روزافا )غرب كوردستان , اضافة الى موقف تركيا التاريخي من القضية القومية الكوردية , وتصوراتها حول مستقبل ( روزافا ) , ولاننسى ايضا ان هذا التصعيدالتركي الخطير مرتبط بسياسات تركيا لمعالجة ازمتها الداخلية خارج حدودها , فهي تعاني من ازمة هوية الدولة احادية القومية المفروضة على مجتمع متعدد القومية , والغاء هوية القومية الثانية وحرمانها من ابسط حقوقها وحضر منظماتها واحزابها السياسية بحجج واهية ...
لقد عبرت تركيا مرارا عن معارضتها لإستقلال إقليم كوردستان العراق.وفي نفس الوقت تضغط على أكراد سوريا لمنعهم من إقامة حكم ذاتي في مناطقهم بطرق مختلفة ، طبعا لخشيتها من قيام أكراد تركيا بإقامة منطقة مشابهة في جنوب شرق البلاد سواء في المستقبل القريب او البعيد , .وعليه تسعى تركيا جاهدا إلى ضم أراضي سوريّة من خلال إقامة "منطقة آمنة" في المدن المتاخمة لحدودها الجنوبية في شمال سوريا , الا ان واشنطن عارضت منذ البداية مساعي تركيا لإقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا بذريعة الدفاع عن امنها القومي ، مما أدى إلى تفاقم الخلاف في وجهات النظر بين الإدارة الامريكية وتركيا بهذا الخصوص.
وان الجولة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة كانت تهدف للتخطيط لإنشاء "منطقة آمنة" في شمال سوريا، الأمر الذي ترفضه دمشق وطهران و(محور المقاومة) وإلى حد ما موسكوا الحليف الاستراتيجي لدمشق وقد أعلن الكرملين مراراً بأنه يعارض أي تدخل خارجي في الشأن السوري دون التنسيق مع حكومة الرئيس بشار الأسد، ويرى في ذلك انتهاكاً واضحاً لسيادة هذا البلد.
الا ان تركيا مصرة على إقامة "منطقة آمنة" بعمق 200 كيلو متر داخل الأراضي السورية لمنع تشكيل "حكومة فيدرالية" من قبل الأكراد في شمال حلب. اضافة الى سيطرتها على طريق الاستراتيجي الرابط بين مدينتي حلب وإدلب السوريتين من جهة ومدن جنوب شرق تركيا من جهة أخرى.
غزوة غصن الزيتون والفتح المبين :
مع بدء غزوة (غصن الزيتون والفتح المبين ) والتي تعتبر الورقة الاخيرة بيد اردوغان لانقاذ بلاده من خطر التقسيم وحماية الامن القومي تركي , يحاول الاعلام التركي (المرئي والمسموع والمقروء) الموالي بشدة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم , يحاول ان يصور العدوان التركي وكانه ( معركة الحياة او الموت ) بالنسبة لتركيا , وان عملية غصن الزيتون هي رد فعل للتهديدات الإقليمية المدعومة من واشنطن لتقسيم تركيا واضعافها وتشتتها .. وهي ضد القوات الكوردية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية وليست ضد المدنيين العزل .
فمنذ بدء عملية غصن الزيتون تابعت شخصيا وَعَن كُثُبِ ولحد كتابة هذه الكلمات الاعلام التركي (المرئي والمسموع والمقروء) المقرب من حكومة اردوغان وبدقة , وهنا يمكن تلخيص اهم النقاط التي تركز عليها تركيا في اعلامها الديماغوجي بشكل عام , وهنا انقل الخطاب التركي الرسمي كما هو :
1 ـ تخوض تركيا اليوم حرب (الاستقلال الكبرى) ضد العدوان الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة والصهيونية العالمية وقاعدتها الامامية اسرائيل, وتتصدى لأكبر تهديد يحدق بها منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى ...
2 ـ استطاعت تركيا ان تجهض مخطط توسعي عدواني( امريكي كوردي ) لربط مناطق الارهابيين بالبحر الأبيض المتوسط،.
3 ـ لم يعد أمام تركيا خيار آخر،غير خيار الحرب للحفاظ على وحدة وسلامة اراضيها .
4 ـ على تركيا ان تحارب (المنظمات الارهابية )في عفرين ومعها جنود الاحتلال الامريكي لانهم يريدون تقسيم تركيا على شاكلة العراق بالضبط كما فعلوا في 1991 بحجة الملاذ الامن والذي شكل النواة لما هو اليوم ( شمال العراق) الذي قام باستفتاء لانفصاله عن العراق ولولا اتخاذ تركيا خطوات سريعة أمنية ودبلوماسية وسياسية واقتصادية ردا على الإستفتاء لكنا اليوم امام دولة كوردية مستقلة تهدد المنطقة برمتها .
5 ـ تركيا تحذر دول الجوار ومنها ( ايران والعراق وسوريا ) وتنصحهم بان يتصرفوا بعقلانية ولا يعرقلوا خطوات تركيا العسكرية في سوريا ، لأنهم لو فعلوا ذلك سيضرون أنفسهم ، اضافة الى انهم لن يستطيعوا أن يستجمعوا قواهم مستقبلا امام المد الكوردي ـ الاسرائلي المدعوم من واشنطن ...
6 ـ زمن المفاوضات والجلوس على الطاولات التفاوض قد ولى دون رجعة .
7 ـ يجب على تركيا ان ترفض جميع الجهود التي تحاول ايفاف عملية غصن الزيتون بحجج واهية .
8 ـ واشنطن هي التي تهاجم تركيا من خلال ( التنظيمات الإرهابية ) في سوريا .
9 ـ تركيا تقاتل في عفرين , ضد الارهابيين والقوات الامريكية بعد ان أشهروا أسلحتهم بوجه تركيا وشعبها مهددين القوات التركية والشعب التركي بالفناء .
10 ـ على الشعب التركي ان يقف مع حكومتها في حربها (حرب الاستقلال الكبرى) ضد المخطط الاجنبي لتقسم تركيا.
11 ـ لن توقف تركيا عملياتها العسكرية في شمال سوريا،الى ان تقضي على الانفصاليين ومن يدعمهم, وسوف يرى العالم كيف تهرب امريكا وتترك سوريا الى الابد ... !!
12ـ المنظمات الإرهابية في سوريا تنفذ وظيفة او مهمة اساسية وهي تقسيم ( ايران والعراق وسوريا وتركيا ) بدعم من الولايات المتحدة والصهيونية العالمية لغرض إنشاء (كوردستان الكبرى ـ إسرائيل الثانية) في المنطقة
13 ـ تبقى تركيا واحدة من أكبر العقبات أمام إقامة الدولة الكوردية في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، مهما كانت التكاليف....
14 ـ تركيا تواجه تحديا جديدا، يهدف إلى تصويرها في حربها على الإرهاب بوصفها قوة معتدية ، وذالك لفتح الباب أمام التدخل الامريكي بحجة أن تركيا تقتل المدنيين العزل في شمال سوريا .
15 ـ أن استفتاء 25 سبتمبرلانفصال شمال العراق وسع الصراع القائم في سوريا ليمتد إلى إيران وثم تركيا.
16 ـ تركيا مصرة لإقامة "منطقة آمنة" في سوريا .. ولن تسمح اطلاقا لإقامة "ممرا للارهاب" الكوردي على حدودها الجنوبية، ( في اشارة الى محاولة توحيد "الكانتونات" الكوردية الثلاثة القائمة حاليا في شمال سوريا) .
17 ـ تقف تركيا بوجة مخطط الارهابيين لتغيير شكل منطقة شمال سوريا ) ...
هكذا وبهذه الطريقة وبهذه اللغة المتشنجة العنيفة و العدوانية خصصت تركيا اكثرية الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية والاذاعات والمؤسسات الاعلامية التابعة لها لأعطاء الشرعية (القانونية والدينية) لبداية القتل الجماعي في ( روزافا ) تحت يافطة (عزوة غصن الزيتون والفتح المبين ) بالضبط كما فعل الدكتاتور صدام حسين عنما استخدم كلمة ( الانفال ) لقتل وابادة الشعب الكوردستاني في عام 1988 ...
نعم ..هذا هو خطاب الاعلام التركي الرسمي الديماغوجي , الخطاب الذي يثبت بان تركيا مرعوبة وخائفة من مصيرها المحتوم ( التقسيم او التقسيم ) , وان العدوان التركي على غرب كوردستان لايعني اطلاقا بان تركيا هي دولة (متماسكة وقوية ) وقادرة على الدفاع عن نفسها , بل على العكس ان العدوان التركي اثبت للجميع حقيقة مفادها : ان تركيا مرعوبة وتخشى من مصيرها ولهذا السبب تطبق اليوم مقولة(نابليون بونابرت )بحذافيرها : ( الهجوم خير وسيلة للدفاع ) , والدفاع هنا ليس من اجل احقيقة وعدالة قضيتها , وانما من اجل استمرارها في القمع والعدوان وتهديدات دول الجوار وانتهاكاتها المستمرة واضطهاد الشعب الكوردستاني داخل وخارج حدودها , اضيف الى ذالك ان سياسة تركيا العدوانية تجاه غرب كوردستان وتدخلاتها السافرة الاخيرة تهدد المنطقة باندلاع نزاعات خطيرة على الضد من مصالح شعوب في المنطقة ..
التعليقات