إنه عيد العمال العالمي ، بل عيد جميع الكادحين والمظلومين والساعين الىالعدالة الاجتماعية وترسيخ حقوق الإنسان ، بما في ذلك حقوق المرأةوالقوميات. ومنذ اندلاع الاضطرابات العمالية الشهيرة ارتبط بها عيد الأولمن أيار، فان نضالات العمال وسائر المحرومين حققت العديد من المكاسب لصالح العدالة الاجتماعية، والضمان الاجتماعي ودعم العاطلين وأجبرتالرأسمالية المنفلتة على التراجع، مرة بعد مرة، أمام نضالات العمال والمحرومين. وحققت المرأة مكاسب هامة، فبعد حرمانها في الغرب نفسه من حق المشاركة في الانتخابات ، حصلت على ذلك الحق ، وعم حق الترشيح في الانتخابات كلها.

أن ما تحقق عبر قرون وعقود من منجزات للطبقات العمالية والكادحة وللمرأةوحقوق الإنسان، لا ينفي ان ممارسات ومحاولات لا تجري او لم تجر للمس بتلك المنجزات. طبعا لا نقصد معظم دول العالم الثالث ، حيث تفتقر لمقومات الديمقراطية نفسها، وإنما نقصد حتى في دول ديمقراطية عريقة والوضع الفرنسي الداخلي حالياً هو مثال على ذلك، ولكن ذلك هو في رأينا مؤقت بفضل النضالات والمؤسسات الديمقراطية الراسخة والانتخابات الحرة.

عيد الأول من أيار ارتبط أيضا بفصل الربيع ، فصل الأزهار والمناخ المعتدل . وهاهو أيار 2018 يطل في أوضاع دولية وإقليمية متلبدة بالغيوم ، مليئة بالأعاصير. ومن المدهش ان المناخ نفسه، وفي الغرب خاصة ، كما هنا في فرنسا شهد تطورات غريبة من برد الى برد، الى شيء من الحرارة المقبوله، وهاهو أيار دشن نفسه بشتاء ربيعي مزعج. وهذا ما تمكن مقارنته بما سمّي قبل سنوات بالربيع العربي ، فإذا به شتاء مليء بالأزمات الكبرى والموت الجماعي واستشراس الأحزاب الإسلامية والطغاة الدمويين، والحروب بالوكالة وظاهرة الإرهاب الجهادي ، بكل فروعه وأشكاله. ما توهموا انه سيكون ربيعا تحول الى شتاء قارص شتاء الموت والدماء والجوع والتجويعوالهجرة والتهجير، وسحق الأقليات.

وأما عراقنا ، فانه بانتظار نتائج الانتخابات التي ترافقها تكهنات كثيرة ومتصادمة وتحالفات وقتيه، ولا بصيص سوى التحرك النشيط لقوى المجتمع المدني واليسار، الرافضة للمحاصصة والطائفية والفساد . ولو استطاعت هذه القوى تحقيق نجاح متميز في الانتخابات ، إن في كردستان او على نطاق العراق ، فلعل ذلك سيساعد على دعم وتشجيع خطوات سياسية وشعبية تالية في المسيرة الطويلة والشاقة نحو دولة ديمقراطية علمانية اتحادية .. وعاش ايار ، عيدنا جميعا....