إن التطاهرات هي وجه من أوجه الديمقراطية التي تمارسها الشعوب في أبداء رأيها في قضية معينة، وهي نوع من أنواع الإحتجاج الذي يقوم به فئة من الشعب ليعبر عن عدم رضاه ورفضه لبعض ممارسات مؤسسات الدولة الرسمية ورفضه لقرار معين.
التطاهرات في الدول الغربية هي منظمة ورسمية ومرخصة ومن أوجه حضارة تلك الدول، و تعبر عن مدى تطور وتقدم الذي بلغته، وعن مدى ديمقراطية الحكومات في تلك الدول، كل التطاهرات ( عدا مظاهرة الأول من ايلول كل سنة) هي تظاهرات ذات طابع سلمي يعبر الشعب عن أهدافه من خلال شعارات أما أن تكون مكتوبة أوشفهية تقال بالمكبرات الصوتية، وتقوم قوات الشرطة بمرافقة المتظاهرين وتقطع الطرق للمحافظة على سلامة المتظاهرين، وتمنع القيام بأعمال العنف.. أما التطاهرات في الدول الشرقية بشكل عام والعربية بالأخص فهي غير منظمة وغير هادفة، عشوائية لاترمي إلى الشئ مثل نظيراتها في الغرب، حيث التنظيم والترخيص والغاية..
مع الأسف أن أغلب التطاهرات في الدول العربية قبل أن تجتاحها مايسمى بالربيع العربي الذي أنهك الشعب ودمر البنية التحتية للمجتمعات العربية ودمر مؤسسات الدول وبثت الفوضى في الشارع وأشعل فتيل الحرب الأهلية وقسم الشعب إلى فئات ومذاهب وأصبحت هناك حرب مدمرة وشرد الشعب وقتل ونزح أبناء الوطن ...إلخ من سيئات التي رافقت هذا الربيع الذي أصبح شتاء قارس نهك ودمر وخرب، فقد كانت كلها تظاهرات مؤيدة للفئات الحاكمة ومن أجل التصفيق لشخص الحاكم.
التطاهرات في الشارع العربي تبث الفوضى وتعبث بالأموال العامة والخاصة، فيتم من خلالها القيام بأعمال النهب والسرقة، فالحس الوطني والمحافظة على الممتلكات العامة ومؤسسات الدولة معدوم عند المتظاهرين في الدول العربية فالكثيرين يستغلون هذه التطاهرات من أجل تحقيق مآربهم الخاصة. فشتان مابين ديمقراطية الغرب ووعي الشعب الغربي وحسه الوطني والقومي وبين عشوائية واللأمبالة التي تعم الشارع العربي، وهنا ربما يقول قائل أن السبب وراء هذه السلبيات التي تعم الشارع العربي هي ممارسات الفئات الحاكمة وتصرفات الأجهزة الأمنية التي خلقتها والتي أصبحت عبارة عن سيوف على رقاب الشعوب، وهنا لاأبرء السلطات الحاكمة في الدول العربية فلانقاش ولاجدال ولايختلف أثنان في أستبدادية وديكتاتورية هذه السلطات والممارسات اللاديمقرايطة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في قمع الشعوب والزج بها في السجون و الأعتقالات التعسفية التي تقوم بها وكبت الحريات وهضم الحقوق وأختفاء الكثير من المعارضين جلي للقاصي والداني، ولكن كل هذا لايبرر قيام الشعب بتدمير البنية التحتية للمجتمعاته والقيام باعمال النهب وسرقة ممتلكات غيره.
وخلاصة القول حتى نصل إلى قدر من الوعي والأحساس بالمسؤولية والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة علينا أن نقوم بغرس القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية في عقل الفرد منذ الصغر، وجعله يحترم غيره وأن أختلف معه في الأعتقاد والرأي والمذهب والدين وهذا لايكون إلا بفصل الدين عن الدولة ومنع رجالات الدين من التدخل في السياسة وأن لايكونوا البوق الذي يروج للفئات الحاكمة وتبرير ممارساتهم اللأديمقراطية ومنع رجال السياسة من أستغلال الدين في تحقيق مآربهم الشخصية وتشديد الرقابة على رجالات الدين الذين يبثون الحقد والكراهية بين صفوف الشعب ومعاقبتهم والكف عن نعت الآخر بالكفر والألحاد والزندقة وترك ممارسات السلف والتي لاتتناسب مع الوقت الحالي.
التعليقات