"إيلاف" من لندن: مع فضّ الدورة العادية للبرلمان الأردني الذي فيه كثير من المشاكسين، كانوا يشكلون شوكة في خاصرة الحكومة على الدوام، منضمين بذلك إلى أصحاب الصالونات السياسية التي لا تريد نجاحًا لأية حكومة يعينها الملك مهما كان برنامجها الوزاري، فإن حكومة فيصل الفايز، حازت ليلة البارحة على ثقة جديدة من العاهل الهاشمي عبد الله الثاني عبر رسالة تفصيلية، وكأنما هو يعيد تشكيلها من جديد من دون أن تقدّم استقالتها.
وحفل الشارع الأردني الذي تسيطر عليه الشائعات كما هو معاد بكلام كثير، عن استقالة وشيكة لحكومة فيصل الفايز، أو إجراء تعديل عليها، وكان مصدر تلك الشائعات ثلاثي خطير من تحت قبة البرلمان أولًا، وثانيًا من جماعات الصالونات السياسية التي ترى في الشائعات نصيبها، وثالثًا من بعض الفئات السياسية التي ترى في ما يطرحه الفايز شخصيًا في مسائل الوحدة الوطنية أمرًا يخالف اتجاهاتها، حيث يصرّ الفايز في خطابه السياسي على محاربة أي اتجاه لا ينتمي إلى الأردن الوطن والبلد والعرش سواء بسواء "إذ غير مسموح لولاءات من خارج حدود الوطن الأردني".
وقال مصدر وثيق الصلة بالقرار الأعلى في عمان في كلام أمام "إيلاف" اليوم إن رسالة عبد الله الثاني لرئيس وزرائه، كانت واضحة في معالمها وتفاصيلها وما دعت إليه، واعتبر المصدر أن "الرسالة تشكل بمثابة تكليف جديد للحكومة بالاستمرار في مهماتها، ولكن مع تنفيذ بعض الخطوط الرئيسة التي تخص الوطن الأردني ومواطنيه".
يذكر أن حكومة فيصل الفايز، منذ تشكيلها دخلت في صراعات تبدو إلى العلن أحيانا، وأحيانا أخرى من وراء الستار، وخصوصا من اتجاهات برلمانية ترى أن الحكومة وفي تنفيذها الدؤوب لخطة التنمية السياسية الشاملة، تسحب البساط من تحت قدميها "كممثلة للشعب الأردني"، لكن الحكومة في جهدها لتحقيق أفضل الظروف لتطبيق خطتها التنموية السياسية "لا تثق كثيرا بما يمكن أن يقدمه برلمانيون، خصوصا وأن المعارضة التي لها حجم كبير برلمانيا هم جماعة جبهة العمل الإسلامي (الإخوان المسلمون) الذين يعارضون كل قرار حكومي، وسط غياب للأحزاب الخمسة والثلاثين الأخرى لتشرذمها".
وأشار المتحدث إلى أن الخطوط العريضة في رسالة الملك للرئيس الفايز "تؤكد على نحو حقيقي أن حكومة الفايز جاءتها ثقة جديدة، مع برنامج ملكي جديد، أكد الملك على تنفيذه بسرعة وإتقان تامّين"، حيث طالب الملك حكومته إيلاء البرنامج الوطني عناية اكبر، مع إزالة المعوقات البيروقراطية أمام الاستثمار وتوفير التسهيلات للقطاع الخاص، والحرص على إنجاز استراتيجية للإصلاح الإداري وإعادة هيكلة الوزارات.
كما دعا الملك حكومة الفايز إلى وضع سياسة جديدة لاختيار الموظفين على أساس الكفاءة وعدم الرضوخ للضغوط الاجتماعية، ومنح الوزراء صلاحيات اكبر في القضايا الإجرائية، مع إعادة النظر بخدمة العلم بالتعاون مع القوات المسلحة وإلزام المستفيدين من المكرمة الملكية بالجامعات بالخدمة في مناطقهم.
وحثّها أيضا على تعزيز منهج الاعتدال في الوعظ والإرشاد والابتعاد عن أحادية الأسلوب والسيطرة على الحماسة الدينية، مطالبًا إياها بإعداد دراسة شاملة حول أساليب وكلفة التأمين الصحي الشامل، مع الشروع بحملة وطنية لتنظيم الإنجاب بما لا يتعارض مع العقيدة الإسلامية، وكذلك لفت الملك انتباه حكومته إلى ضرورة تنفيذ إجراءات سريعة لتنفيذ استراتيجية تطوير السياحة، دعم المشاريع الصغيرة في المحافظات وتطوير عمل البلديات.
وفي الأخير، قال المتحدث الأردني "يبدو أن برنامج التكليف الملكي الجديد، يراد له جبهة هادئة على مستوى حكومي للتمكن من تنفيذه، كما يطلب الملك، حيث هذا الصيف لن يكون ساخنا جدا بالنسبة للحكومة خصوصا مع بدء إجازة البرلمان المشاكس حتى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل) ، وهي فرصة لن تعوض أمام الرئيس الفايز ووزرائه وخصوصا وزيرا التنمية السياسية محمد داودية والداخلية سمير الحباشنة اللذين تعبا في الشهور الثلاثة الأخيرة من مناكفات كثيرة تحت قبة البرلمان المجاز.
وفي الآتي نص الرسالة الملكية ، كما تلقت "إيلاف" نصها:
عزيزنا دولة الاخ فيصل الفايز حفظه الله..رئيس وزرائنا الاكرم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
فيسرني ان ابعث اليك والى زملائك الوزراء بتحياتي وامنياتي لكم بالتوفيق وانتم تنهضون بامانة المسؤولية وتنفيذ ما جاء في كتاب التكليف والذي عهدنا اليكم به باهداف محددة واضحة وعلى رأسها تحسين مستوى حياة المواطن.
وتابعت خلال الاشهر الماضية اداء الحكومة وعملها وما بذلته من وقت وجهد لاقرار الموازنة وحزمة الاجراءات الاقتصادية وعدد من التشريعات بالتعاون مع مجلس الامة الموقر، وقد آن الاوان للحكومة ان تولي برنامجنا الوطني كما استمعت اليه منكم في العقبة غداة تشكيل الحكومة وكما أشرت اليه في كتاب تكليفي لكم عناية اكبر حتى تتواصل هذه المسيرة المباركة لبناء الاردن العزيز المنيع.
وان ايماننا بضرورة استمرار العمل لتطوير اداء اقتصادنا الوطني وتأمين الحياة الكريمة والمستقبل المشرق لشعبنا يحتم علينا ان نولي هذا الموضوع ومسألة تطويره ونمائه الاهمية القصوى ضمن اولوياتنا الوطنية.
وقد كان هذا سعينا منذ ان تولينا امانة المسؤولية في هذا الوطن العزيز حيث ظل همّ المواطن الاردني همنا الاول، وتمكنا بفضل الله خلال السنوات الماضية ان نضع اقتصادنا الوطني على الطريق السليم من خلال سلسلة من القرارات والاجراءات التي تبنيناها في مختلف القطاعات والتي كان لها ابرز الاثر على مجمل عملية التنمية.
وبالرغم مما تحقق وانجز خلال الاشهر الماضية فقد رأيت ان اركز الاهتمام على مجموعة من الملاحظات والافكار كي يتسنى لك ولزملائك الوزراء التسريع في وتيرة العمل والانجاز وتحقيق الاهداف التي اكدنا عليها في كتاب التكليف السامي.
ان المسيرة ما زالت طويلة وما زلنا بحاجة الى المزيد من جهدك المخلص وجهد زملائك الوزراء الاوفياء للوصول الى رؤيتنا نحو أردنّ المستقبل ليبقى كعهد امته به عزيزا منيعا ينعم ابناؤه بالطمأنينة والرخاء.
واسأل الله العلي القدير ان يحفظ الاردن وطنا هاشميا عربيا حرا تسمو به هامات الاردنيين والاردنيات وان يوفقنا جميعا لتحقيق تطلعات شعبنا في التقدم والرخاء إنه نعم المولى ونعم النصير.
الاستثمار
ان الاستثمار هو المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية وزيادة العمالة، واننا نتطلع الى تحقيق نمو كبير في حجم الاستثمار وفق اسس مدروسة نراجع من خلالها نقاط قوتنا وضعفنا ودور مؤسساتنا المعنية بالاستثمار.
وعلى الرغم من تعديل كل التشريعات المتعلقة بمجمل العملية الاستثمارية من اجل مواكبة المرحلة الحالية الا انه ما يزال يتناهى الى مسامعنا بعض المعوقات المتعلقة بالبيروقراطية الادارية لدى مرجعيات الاستثمار ونود اعادة التاكيد على الاستمرار في تطوير اعمال النافذة الاستثمارية الواحدة، والتي تعنى بتوحيد اجراءات المستثمرين وتفويض صلاحيات اتخاذ القرار للموظف المختص والعمل على تطوير ادائها ومراقبته، مع التزام كل الوزارات بتقديم التسهيلات وسرعة البت في قضايا الاستثمار والشفافية في التعامل مع المستثمرين.
ان اداء القطاع الخاص وهو المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي لابد ان يتوفر له بيئة اقتصادية سليمة ومناخ استثماري مناسب يشجع على استقطاب الاستثمارات، ولعب دور فاعل يتكامل مع القطاع العام وتنفيذ السياسات والقوانين بشفافية، والعمل على تشكيل رؤى التنمية انطلاقا من الاجماع وتوافق الآراء بشأنها من كل القطاعات وعلى المؤسسات الحكومية العمل بجد نحو اقامة علاقات شراكة وثيقة مع القطاع الخاص وتوفير سبل دعم المؤسسات غير الحكومية ووضع مرجعية للرقابة على العمل والاداء حتى لا يكون هناك انفلات في زمام الامور.
ومن هنا ندعو الى العمل بجد اكبر لتوفير بيئة استثمارية تراعي خصوصية الاردن الاجتماعية والاقتصادية، والتوجه نحو جذب المزيد من الاستثمارات سواء المحلية او الاجنبية وتقديم الحوافز المناسبة والتسهيلات وان لا يكون التوجه نحو تعظيم ايرادات الخزينة وسدّ فجوة عجز الموازنة على حساب الاستثمار.
الاصلاح الاداري
ان التطوير والتحديث الاداري هو بمثابة نشاط دائم يتصف بالاستمرارية ويأتي انسجاما مع التغيّرات والتطورات الادارية حيث يعاني النشاط الاداري من خلل واضح، وان التنمية الاقتصادية لا بد ان يواكبها اصلاح اداري يعتمد على مواردنا الذاتية ومزايانا التفضيلية وعبر اصلاح اداري يكافىء المجد ويحفز المترددّ وينبذ المفسد.
إن مسألة التطوير والاصلاح الاداري تنطوي على اعتماد الحلول الجذرية في معالجة المشكلات الادارية، التي قادت الى التراخي في كثير من نواحي الادارة لاسباب عديدة نذكر منها: الجهود المختلفة المبتورة التي بذلتها الحكومات المتعاقبة والتي لم يكتب لها ان تكتمل عبر السنين مما انعكس سلبا وبشكل ملموس على مستوى معيشة المواطنين، والذي يعتبر نتيجة مباشرة لتراجع مستوى الاداء بفعل غياب السياسات الادارية الواضحة والقائمة على اسس علمية مدروسة تراعي الانجازات المتحققة على الصعيد الاداري.
وفي هذا السياق اؤكد على ما تم الاتفاق عليه في العقبة من ان الكفاءة هي الاساس والمعيار في اختيار الموظف العام وان لا تخضع التعيينات للضغوط الاجتماعية المختلفة التي تؤدي بها الى الانحراف عن مسارها ولابد من الاستمرار في تطوير الهيكل الاداري الحكومي، وايجاد وسائل الربط السليم فيما بين المؤسسات والهيئات الحكومية المختلفة لتوفير البيئة الملائمة للتنسيق والتعاون فيما بينها على قاعدة المصلحة الوطنية المشتركة اضافة الى اعادة تاهيل وتدريب كوادر موظفي القطاع العام وتطوير نظام الخدمة المدنية بما يواكب المستجدات في هذا المجال ولتنمية الاحساس المهني للادارة بالخدمة العامة وتطوير الوعي بأهمية المال العام.
كما ان اسلوب الحكومة ومستوى ادائها لا بد ان يرتكز على تطوير آليات فعالة لصنع القرار وتنفيذه لاننا ندرك تماما ان اعتماد العمل المؤسسي يقاس بانجازاته بقدر ما يبتعد عن التفرد والجدل وبقدر ما ينجح في وضع آلية القرار وصولا الى انجازه على ارض الواقع وان تطوير آلية صنع القرار سوف يكون لها الاثر الكبير على اتخاذ القرارات السليمة اعتمادا على الاسس والاساليب العلمية بعيدا عن مبدأ الاخذ بالحلول التوفيقية الوسطية التي لا تساهم في تحسين كفاءة الانظمة الادارية والتفرغ لمناقشة السياسات...واعطاء صلاحية اكبر للوزراء في القضايا الاجرائية التي يناقشها مجلسكم الكريم سوف تساعد على معالجة كل القضايا الادارية بشكل يتلاءم مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبما يحقق اقصى كفاءة في ادارة مصالح مجتمعنا وتحقيق احتياجات وآمال وتطلعات المواطنين.
وانني اتطلع ان تنجز استراتيجية الاصلاح الاداري متضمنة معالجة وافية للسياسات التي تتعلق بالوظيفة العامة من حيث التخطيط الوظيفي والتعيين والترقية والرقابة والتقييم والتدريب وضمان تكافؤ الفرص والرضى الوظيفي للعاملين في مختلف اجهزة الدولة.
كما اتطلع لإنجاز الخطة التي يجرى العمل على تنفيذها والمتعلقة بهيكلة الوزارات والمؤسسات العامة وايجاد الربط السليم بين الوزارات والمؤسسات الرسمية.
تنمية الموارد البشرية
في اطار الاستثمار العام الذي اردناه في تعليم وتدريب وتأهيل المواطن الاردني ليكون سلاحه المعرفة والكفاءة فانني لا زلت اتطلع الى ايجاد الالية التي تمكن ارباب الصناعة والعمل من التنسيق الكامل مع الوزارات ومؤسسات القطاع العام المعنية بالتدريب والتعليم والتعليم العالي كي يكون مردوده العمل الانتاجي المطلوب في السوق الوطني والاقليمي والعالمي حاضرًا ومستقبلًا.
ولقد انشأنا مجلس التعليم والتدريب المهني والتقني من اجل احداث نقلة نوعية في مجال التدريب والارتقاء بمستوى التعليم والتدريب المهني والتقني، لتنمية الموارد البشرية وبما يلبي متطلبات التنمية الشاملة في المملكة، وايجاد الحلول المناسبة للمعادلة الهامة في احداث التوفيق المطلوب بين مخرجات التدريب المهني والفني المتخصص ومتطلبات سوق العمل الا انه ولغاية الان لم نلمس النتائج المرجوة من هذا المجلس بدليل ان هناك طلبا على بعض التخصصات المهنية غير المتوفرة في سوق العمل الاردني.
ونحن نعرف ان ما يقارب خمسة آلاف فرصة عمل متاحة في المدن والمناطق الصناعية في مختلف محافظات المملكة وان هناك عزوفًا عن اشغال هذه الفرص وان الضغوط تزداد على الحكومة لايجاد وظائف حكومية وهذا بحد ذاته موضوع مقلق، ولابد من دراسة وتحليل هذه الظاهرة بغية التوصل الى الحل الامثل لمعالجة مشكلة البطالة التي تقضّ مضاجع كل المواطنين ولا بد من ايجاد الحل المناسب لهذه المشكلة حتى لو ادى الامر الى اعادة النظر بخدمة العلم ضمن اطر جديدة وتحت شعار خدمة الوطن بالتعاون مع قواتنا المسلحة الاردنية.
ولهذا لابد من وضع استراتيجية وطنية متوسطة المدى لموضوع التدريب على ان يكون من اهدافها المواءمة بين متطلبات سوق العمل ومخرجات عملية التدريب من اجل الوفاء بالاحتياجات المتغيرة لسوق العمل.
ولا بد من تضافر الجهود بين المؤسسات المعنية حيث ان التنسيق بينها يعتبر ضروريا للوصول الى الاهداف المأمولة من هذه الاستراتيجية وان تكون هذه الاستراتيجية مبنية على اسس علمية تأخذ بعين الاعتبار الاداء والانتاج كمًّا ونوعّا حيث انها معيار الفوز في التنافس في العصر الجديد.
التعليم
لقد كان ايماننا راسخا دوما بان الانسان الاردني هو هدف التنمية واساسها وكان حرصنا منصبّا على اهمية الاستثمار برأس المال البشري من خلال التعليم والتدريب والتأهيل بهدف اعداد جيل من الشباب قادر على التفكير والتحليل والابداع والتميز.
وعلى الرغم من الانجازات الطيبة التي تحققت في هذا المجال من انشاء المدارس وحوسبة التعليم وتطوير المناهج يبقى التحدي الحقيقي الذي يواجهنا وهو الدخول باردننا العزيز الى مضمار التكنولوجيا المتقدمة،التي اصبحت العامل الحاسم في تقدم الشعوب وازدهارها ولا شك ان نقطة الانطلاق تبدأ من اعداد الكوادر القادرة على انجاز هذا التحول الكبير الذي يتطلب ايجاد بنية معتمدة على التكنولوجيا تهدف الى تغيير نظرة المعلم الى التدريس وتغيير الطريقة النمطية في العملية التعليمية، من الحفظ والتلقين الى المشاركة والتفاعل مع متغيرات ومعطيات الحداثة مع التاكيد على تحسين اوضاع المدارس في المناطق الاقل حظًا، ومواءمة احتياجاتها مع المكرمة والتي كان هدفها منذ البداية العمل على تنمية المناطق الاقل حظا ورفدها بمؤهلات بهدف تنميتها وتحسين الظروف الصعبة التي تمر بها..لذا يجب العمل على ربط احتياجات هذه المناطق بالتخصّصات التي يدرسها المستفيدون من المكرمة مع الزاميّة الخدمة في هذه المناطق بعد التخرج ومراعاة احتياجات سوق العمل بشكل عام مع ما يدرسه المستفيدون من هذه المكرمة.
وهناك حاجة ماسة لان تقوم مؤسسات التعليم العالي باعادة النظر في الخطط والبرامج الدراسية للجامعات وربط التخصصات باحتياجات سوق العمل واتخاذ اجراءات اصلاحية لرفع سوية التعليم وضبط نسب المدرسين الى اعداد الطلبة، اضافة الى الاخذ بالتخصصات الجديدة وتكنولوجيا التعليم المتقدمة والمناهج التعليمية المتطورة والتعليم اللامنهجي مما يمكن الخريجين من التعامل مع متطلبات المرحلة القادمة من اجل رسم ملامح المستقبل للوطن ولأجياله القادمة.
كما انني اود التذكير بما ورد في كتابي الى دولة رئيس الوزراء في شهر ايار من العام الماضي حول ضرورة وضع الاسس والمعايير اللازمة لمستوى المناهج والتعليم في الجامعات الاردنية لتتبوّأ مؤسساتنا التعليمية الصدارة كما عهدناها في رفد الوطن بالكفاءة والتميّز.
اما الشباب والذين يستحوذون على جل اهتمامنا فارى بان يتم ايجاد الالية المؤسسية المناسبة للتواصل معهم وتفعيل مشاركتهم في الحياة العامة لكي يكونوا جزءا فاعلا في هذا المجتمع يساهمون في صنع مستقبله ومستقبلهم.
الوعظ والارشاد الديني
وفي ضوء التطورات الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية التي تشهدها البلاد وما يحمله هذا التطور من تحديات، فاننا نتطلع بكل الثقة والعزم الى خطة للوعظ والارشاد الديني تاخذ بعين الاعتبار المتغيرات الجديدة وتظهر سماحة الدين الاسلامي..وعلى القائمين على وضع وتنفيذ هذه الخطة ان يبذلوا جهدا صادقا في توضيح صورة الاسلام النقية بجوهر الدين والبعيدة عن الفهم المغلوط والتاكيد على ان المسلمين والاسلام ليسوا مسؤولين عن سوء الفهم سواء عن قصد او عن جهل.
كما ينبغي على المسلمين ان يبذلوا كل ما في وسعهم لشرح جوهر الاسلام السمح والمتسامح مع جميع البشر والاديان وتعزيز الوسطية في النهج والاعتدال في الفكر والتوازن في السلوك والتصرفات، وردود الافعال والاقلاع عن احادية الاسلوب والمنهج التي تسيطر على الوعظ والتثقيف والخطاب وقبول التنوّع في الفكر والتفاعل مع الرأي المخالف.
وان يتم ايضا من خلال هذه الخطة تعزيز قدرات الشباب الواعد على التصدي لقضايا زمانهم بفاعلية ومواجهة مشكلات عصرهم بثقة، وبترتيب اولويات خطط وبرامج الدعوة والتثقيف الديني والسيطرة على الحماسة الدينية فيما ليس فيه انتهاك لحرمات الله عند بعض المنشغلين بامور الدعوة والارشاد والفتوى والتثقيف الديني، ونبذ اسلوب الخطابة المثيرة بدون هدف واضح وعلم ووعي حقيقيين دون ان يتسبب ذلك في فرض حجر او تفعيل رقابة بل توجيه ورعاية..وليكن في الذهن اعتبارٌ كبيرٌ للتأثيرات التي يتركها الوعاظ والخطباء والمتحدثون في نفوس الناس وخاصة الشباب وبتضييق الفجوة بين علماء الدين وعامة الشباب وتقوية الصلات بينهم بشتى الوسائل والسبل.
الصحة
ان صحة المواطن ورعايتها من اهم مسؤوليات الحكومة وفي هذا المجال لا بدّ من تنفيذ حزمة من الاجراءات الفورية الهادفة الى رفع سويّة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والاستمرار في تطوير نوعية وكمية خدمات الرعاية الصحية والاستجابة السريعة للاحتياجات والمتطلبات الصحية لجميع الافراد في هذا المجتمع اضافة الى الاهتمام بقضايا تنظيم الاسرة والصحة الانجابية ودمج خدمات ومعلومات الصحة الانجابية النوعية في اطار الرعاية الصحية والعمل على تقليص التفاوت بين المناطق عن طريق توفير الخدمات والمعلومات المتعلقة بالصحة الانجابية للرجال والنساء والشباب لا سيما في المناطق النائية.
كما اتطلع الى اعداد دراسة شاملة وواقعية حول اساليب وتكلفة وآليات التأمين الصحي الشامل في المملكة ليتم بلورتها والتفكير بوسائل تمويلها بالمستقبل القريب وصولا الى التأمين الصحي الشامل الذي نريد.
إنني اتابع العمل الذي يجري لتطوير المراكز الصحية الاولية لتكون العنوان الاول والاساسي لخدمة المواطنين وتوفير الرعاية الصحية لهم واتطلع لاستكمال برنامج تحديث وتطوير المراكز الصحية الاولية وترفيع البعض منها الى المستوى الشامل كي يشعر المواطن وخاصة بالمحافظات بان الرعاية الصحية الجيدة تتوفر له ولابنائه ولعائلته.
وبالرغم مما تحقق خلال السنوات الماضية من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي الا ان المواطن لم يشعر بانعكاس هذا الارتفاع على مستوى معيشته ولعل هذا يرجع الى الازدياد المقلق في نسبة زيادة النمو السكاني التي تلغي اي اثر ايجابي لارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وهذا يستدعي حملة وطنية لتنظيم الانجاب وتزايد عدد السكان بما لا يتعارض مع عقيدتنا السمحة.
السياحة
يحظى الاردن باستقرار سياسي وامني كبيرين وهناك بنية تحتية واسعة لقطاع السياحة الاردني وقد تم في وقت سابق اقرار استراتيجية وطنية للسياحة لذا لابد من دعم قطاع السياحة واعطائه الاهتمام والرعاية الكافيين نظرا لما يحتله هذا القطاع من اهمية في ظل شح الموارد الاقتصادية والحاجة الماسة لتوسيع مصادر الدخل..ونتوقع مزيدا من الاجراءات الحكومية من اجل تنفيذ هذه الخطة التي ستشكل حافزا رئيسيًا لدمج المجتمع المحلي في عملية التنمية والارتقاء بالمرافق السياحية ولتفعيل قطاع السياحة والنهوض بدوره في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولابد في هذا المجال من توفير الموارد الكافية لعملية الترويج العلمي المدروس لامكاناتنا السياحية.
الزراعة
ان اهمية قطاع الزراعة تكمن في ان هذا القطاع يمسّ حياة العديد من فئات المجتمع اضافة الى ارتباطه بباقي القطاعات الاقتصادية ولكونه يمثل نمط حياة وبعدا اجتماعيا ومصدر دخل لشريحة كبيرة من المواطنين.
ولقد خطا الاردن خطوات بارزة في هذا المجال وننتظر قيام الحكومة بخطوات مدروسة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية التي ركزت على مجمل المشكلات التي تتعلق بالقطاع الزراعي بهدف التغلب على تلك المعوقات التي تحول دون تطور هذا القطاع والتي تعرقل عملية التنمية الزراعية في الاردن.
لقد لمست الاهمية التي يوليها الكثيرون في مجتمعنا لاهمية الزراعة وعايشت الكثير من المشاكل التي يعانيها هذا القطاع الهام خاصة تلك المتعلقة بالانتاج والتسويق ورغم المحاولات الجادة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للزراعة فانني أرى بان الحاجة لا تزال قائمة للتنسيق بشكل اكبر مع القطاع الخاص الزراعي للاستفادة من الاتفاقيات التجارية والزراعية المختلفة في تسويق المنتجات الزراعية الوطنية.
تنمية المحافظات
ان التنمية الاقتصادية لا يمكن لها ان تتحقق الا اذا استندت الى اقتصاديات تتميز بالسوية العالية والتنمية المتوازنة المبنية على المعرفة والتكنولوجيا والعلم الحديث، وحتى تكتمل التنمية الاقتصادية المنشودة يجب ان يشعر المواطن الاردني بتأثير النمو الاقتصادي وانعكاسه ايجابا على حياته..ومن هنا كانت النتائج الطيبة لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تم اطلاقه قبل ثلاثة اعوام بناء على توجيهاتنا والذي كان احد محاوره الرئيسة تنمية المحافظات من خلال منهجية تعتمد على عطاء ابنائها وبناتها وتوفير سبل العيش الكريم لهم من خلال مشاريع تنموية تقوم على الجدوى الانتاجية يقودها وكما قلت في مناسبة سابقة حاكم اداري مسلح بالخبرة والمعرفة قادر على توجيه دفّة العملية التنموية في المحافظة نحو المسار السليم.
وانطلاقا من ذلك فلا بد من اجراء دراسة تقييمية لاثر هذه البرامج لقياس مدى انعكاساتها على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وعلى التخفيف من حدة الفقر والبطالة كما نطلب المزيد من الجهد من خلال مختلف المؤسسات من اجل دعم تنمية المشاريع الصغيرة في محافظات المملكة وضمان نجاحها.
وفيما يتعلق بالبلديات التي لا زال الكثير منها متعثرًا وغير قادر على تقديم الخدمات التي تليق بمواطني هذا البلد فنرى ان يتمّ تقييم هذه التجربة ووضع آليات جديدة لتطوير عملها وادائها واخذ الدروس والعبر من التجارب السابقة في هذا المجال.
التعليقات