ريما زهار من بيروت: وزع مكتب اعلام الامم المتحدة في بيروت نص تقرير الامين العام للامم المتحدة كوفي انان حول عمل القوة الدولية التابعة للامم المتحدة في جنوب لبنان، عن الفترة الممتدة من 21 كانون الثاني 2004 الى 21 تموز 2004، فوصف الحالة في الجنوب اللبناني خلال الاشهر الستة الماضية بأنها كانت "زاخرة بالتناقضات"، مشيرًا الى ان الانتهاكات الجوية الاستفزازية الاسرائيلية غير المبررة على سيادة الاراضي اللبنانية، أمر يدعو الى القلق البالغ، لافتًا إلى أن خطر تصاعد أعمال العنف لا يزال كبيرًا، وقد يؤدي الى دخول الاطراف في صراع، ودعاالجميع الى التقيد بقرارات مجلس الامن ذات الصلة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس. ونوّه انان بنجاح الانتخابات البلدية في منطقة الجنوب بكامله، مشيرا الى ان الممارسة الحرة لهذه العملية الديموقراطية تشكل احد معالم الاستقرار، كما أنها تأكيد واضح على ممارسة الحكومة اللبنانية لسلطتها. وكرر التزام الامم المتحدة بقوة بمساعدة لبنان في انعاش الجنوب اقتصاديا وانمائيا. واوصى انان مجلس الامن بتمديد ولاية القوة الدولية حتى 31 كانون الثاني 2005.

وفي ما يلي نص التقرير:

اولا -المقدمة

1- هذا التقرير مقدم عملا بقرار مجلس الامن 1525 (2004) المؤرخ 30 كانون الثاني( يناير) 2004 الذي مدد المجلس بموجبه ولاية قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان لفترة أخرى مدتها ستة اشهر تنتهي في 31 تموز( يوليو) 2004، ويشمل التقرير ما استجد من تطورات منذ تقريري السابق المؤرخ 20 كانون الثاني( يناير) 2004.

ثانيا - الحالة في منطقة العمليات

2- خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تميزت الحالة في منطقة عمليات قوة الامم المتحدة بوقوع العديد من الصدامات المسلحة عبر الخط الازرق، جرى معظمها بين حزب الله وقوات الدفاع الاسرائيلية، وشاركت في بعضها عناصر مجهولة او فلسطينية. ونزعت الحوادث الى اثارة سلسلة من العمليات التصعيدية المتبادلة، مما زاد من حدة التوتر لفترات امتدت لايام عدة متتالية. وترتب عن عمليات القصف الجوي وحوادث اطلاق النار مقتل جندي اسرائيلي ومدني لبناني وفلسطينيين. وتواصلت الانتهاكات الاسرائيلية للمجال الجوي اللبناني، واطلق حزب الله في مناسبتين اثنتين على الاقل النيران المضادة للطائرات على القرى الاسرائيلية. وفيما ظلت الاحوال مستقرة نسبيا في الجنوب اللبناني، كما يدل على ذلك اجراء انتخابات بلدية ناجحة، الاحتكاكات بين الاطراف تشكل تهديدا لهذا الاستقرار.

3- وقد بدأت الفترة المشمولة بالتقرير؛ توجيه ضربة جوية اسرائيلية في 20 كانون الثاني( يناير) الى موقعين اثنين من مواقع حزب الله بالقرب من شقرا، وذلك ردا على هجوم شنه حزب الله في 19 كانون الثاني( يناير) اشرت اليه في تقريري السابق، ادى الى مقتل جندي اسرائيلي. وفي 24 شباط( فبراير)، قتلت قوات الدفاع الاسرائيلية بالرصاص مدنيا لبنانيا زعمت انه مهرب مخدرات عبر الى اسرائيل على مقربة من غجر.

4- تجددت اعمال القتال في منطقة مزارع شبعا في 22 آذار( مارس). اذ سجلت قوة الامم المتحدة في الصباح الباكر ثمانية انتهاكات جوية اسرائيلية للخط الازرق. وشن حزب الله مساء ذلك اليوم هجوما شديدا على مواقع قوات الدفاع الاسرائيلية، مستخدما الصواريخ ومدافع الهاون في منطقة مزارع شبعا والمناطق المحررة. وردت القوات في شبعا وكفرشوبا باستخدام القنابل الجوية ومدافع الهاون والمدفعية والاسلحة الصغيرة، وسقطت طلقة لمدفع الهاون على مقربة من موقع قوة الامم المتحدة. وفي اليوم التالي، استخدمت قوات الدفاع الاسرائيلية الطائرات العمودية المسلحة لاستهداف عناصر مسلحة كانت تستعد لاطلاق صواريخ على اسرائيل على مقربة من حولا. وقتل عضوان في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، واصيب آخر في جراح. ووقعت هذه الحوادث خلال الايام التي تلت اغتيال قوات الدفاع الاسرائيلية زعيم حماس الشيخ ياسين في غزة، وربط كل من حزب الله والقيادة العامة للجبهة الشعبية الاعمال التي نفذاها بهذا الحادث.

5- في 5 أيار( مايو)، انطلقت حلقة من الاضطرابات ومن تبادل العمليات المسلحة عبر الخط الازرق، اذ نفذت اسرائيل اكثر من 20 طلعة جوية فوق الاراضي اللبنانية، خلف عدد منها انفجارات صوتية. واطلق حزب الله على اثر ذلك طلقات عدة مضادة للطائرات من مواقعه القريبة من شقرا وحولا وعلما الشعب، وسقطت شظايا الطلقات قرب قرية شيلومي. ورد الجيش اللبناني كذلك بطلقات مضادة للطائرات من مواقع قريبة من جزين. وردا على ذلك، شنت قوات الدفاع الاسرائيلية غارات جوية على موقعين من مواقع حزب الله في الجنوب الشرقي لصور.

6- شن حزب الله بعد أقل من 48 ساعة هجوما على مواقع قوات الدفاع الاسرائيلية في مزارع شبعا مستخدما الصواريخ الثقيلة ومدافع الهاون والاسلحة الصغيرة. وردت قوات الدفاع الاسرائيلية فورا باطلاق قذائف الدبابات ومدافع الهاون والمدفعية والقنابل الجوية في اتجاه مواقع حزب الله التي اطلقت منها النيران. وقتل جندي من قوات الدفاع الاسرائيلية واصيب خمسة آخرون في جراح من جراء نيران حزب الله. واطلقت اسرائيل كذلك ثلاث طلقات ذخيرة دخانية على موقع لقوة الامم المتحدة. واكدت السلطات اللبنانية ان اطلاق حزب الله النيران سبقه عبور دورية راجلة لقوات الدفاع الاسرائيلية للخط الازرق. وادعت قوات الدفاع الاسرائيلية ان الهجوم بدأ اثر انفجار فخّ متفجرٍ كان قد زرعه حزب الله الليلة السابقة في محيط موقع لقوات الدفاع الاسرائيلية. واجرت قوة الام المتحدة تحقيقا في الامر، غير انه تعذر عليها تأكيد ادعاءات اي من الطرفين او نفيها.

7- وانطلقت حلقة اخرى من احداث التصعيد في 7 و8 حزيران( يونيو). ففي 7 حزيران( يونيو)، قامت عناصر مجهولة الهوية، يفترض احتمالا انها فلسطينية، باطلاق ثلاثة او اربعة صواريخ على اسرائيل انطلاقا من موقع يقع على بعد اقل من 500 متر من مقر قوة الامم المتحدة في الناقورة، سقط صاروخان منها على الاراضي اللبنانية بمحاذاة الخط الازرق، وآخر في البحر قرب زورق دورية اسرائيلي. واعقب هذا الحادث تحليق حوالى 20 طائرة نفاثة اسرائيلية على الجنوب اللبناني وعلى مقربة من بيروت.

وفي وقت لاحق من تلك الليلة، نفذت القوات الجوية الاسرائيلية ضربة جوية على منشأة فلسطينية تابعة للجهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة- توجد قرب الناعمة على بعد 15 كيلومترا جنوبي بيروت. ولم يبلغ عن وقوع اي اصابات. وقالت قوات الدفاع الاسرائيلية ان الغارة استهدفت الرد على الصواريخ التي اطلقت من الناقورة. وكانت الغارة اول هجوم لاسرائيل على مواقع مجاورة لبيروت منذ ان سحبت قواتها من لبنان في ايار( مايو) 2000.

8- في اليوم التالي، هاجم حزب الله من جديد قوات الدفاع الاسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، بدعوى الرد على الغارات الجوية التي شنت على لبنان في اليوم السابق. واصابت طلقات مدفعية الهاون التي اطلقها حزب الله حينها جنديا اسرائيليا بجراح. وردا على ذلك، اطلقت قوات الدفاع الاسرائيلية قذائف المدفعية وطلقات مدفعية الهاون والاسلحة الصغيرة وقنبلة جوية واحدة على مواقع حزب الله في عموم منطقة كفرشوبا والهبارية.

9- واستخدمت الاسلحة المضادة للطائرات مرة اخرى في حادث وقع في 20 حزيران( يونيو)، عندما اطلق حزب الله ثلاث طلقات ذخيرة عبر الخط الازرق سقطت على اثرها الشظايا على مقربة من شوميرا وداخل مجمع محاذ تابع لقوات الدفاع الاسرائيلية، غير انها لم تخلّف خسائر بالغة. وفي الليلة نفسها، أسقطت الطائرات النفاثة الاسرائيلية ما يربو على اربع قنابل على موقع لحزب الله قرب الطيري. ولم يبلّغ عن وقوع ضحايا. واكدت السلطات اللبنانية ان اطلاق النيران المضادة للطائرات جاء ردا على انتهاكات جوية اسرائيلية للخط الازرق، غير ان قوة الامم المتحدة لم تقف على اي انتهاكات في ذلك الوقت.

10- وكانت وتيرة الغارات الجوية الاسرائيلية في الاجواء اللبنانية على العموم اقل من الفترة السابقة، وان اتسمت بشدتها وباستخدام عدد كبير من الطائرات. وتمسك المسؤولون الاسرائيليون بموقفهم المتمثل في اجراء عمليات التحليق كلما رأت اسرائيل ضرورة لذلك. وكما كان الشأن في الماضي، كثيرا ما توغل الطيران الاسرائيلي في الاجواء اللبنانية محدثا تفجيرات صوتية فوق المناطق المأهولة. وقد استمر اتباع النمط الذي ذكرته في تقاريري السابقة، بحيث تتجه طائرة نحو البحر، وتخترق المجال الجوي اللبناني شمالي منطقة عمليات قوة الامم المتحدة لتتفادى بذلك مراقبتها المباشرة والتحقق منها من لدن القوة. وانخفضت حالات اطلاق حزب الله للنيران المضادة للطائرات انخفاضا كبيرا من حيث عددها منذ النصف الثاني من عام 2003 الى النصف الاول من عام 2004، غير انه يبدو ان اتباع نمط اطلاق النيران ردا على عمليات التحليق، قد استؤنف في الاسابيع القليلة الاخيرة من الفترة المشمولة بالتقرير. وفي حالة واحدة، قام حزب الله في 29 حزيران( يونيو) بتوجيه طلقات الرشاشات الثقيلة عقب غارة اسرائيلية استخدمت فيها 15 طائرة.

11- ووجهت شخصيا وكبار ممثلي في المنطقة والدول الاعضاء المعنية نداءات متكررة إلى حكومتي لبنان واسرائيل لوقف كل الانتهاكات للخط الازرق، والامتناع عن الاعمال التي تنطوي على احتمالات كبيرة للتصعيد وتهدد استقرار الجنوب اللبناني. ورغم ان الطرفين صرحا في مناسبات عدة أنهما لا يرغبان في تدهور الاوضاع على امتداد الخط الازرق، فإن عدد الحوادث الذي وقع يحدّ بوضوح من جدية هذه النوايا.

12- ولم تكن هناك حالات جديدة مرتجلة لزرع اجهزة متفجرة على امتداد الخط، غير ان مجموعة من هذه الاجهزة ما زالت مزروعة على الجانب اللبناني من الخط على مقربة من موقع الامم المتحدة 1- 21. وسجلت القوة عددا من الانتهاكات البرية البسيطة للخط من قبل رعاة الماشية اللبنانيين اساسا في منطقتي مزارع شبعا وغجر. وصارت هذه الانتهاكات امورا اعتيادية تحدث يوميا تقريبا، وكثيرا ما يرتكبها الرعاة المحليين نفسهم، مما يدل على ان هذه الانتهاكات قد تؤدي الى وقوع حوادث اكثر خطورة، ما قامت به قوات الدفاع الاسرائيلية في مناسبات عدة من اطلاق نيران الاسلحة الصغيرة التحذيرية في الهواء لحمل الرعاة على الانصراف. وفي تطور ذي صلة، قامت تلك القوات في اربع مناسبات باطلاق نيران الاسلحة الصغيرة ليلا عبر الخط في مزارع شبعا. وطلبت قوة الامم المتحدة اليها الكف عن الممارستين معا، ولم يبلغ، أخيرا، عن اي عمليات لاطلاق النار من هذا القبيل.

13- وفي واقعة مستقلة، احتجزت قوات الدفاع الاسرائيلية شخصين من جنسية ايرانية ولبنانية بعد ان عبرا الخط الازرق. وقامت القوات في اليوم التالي بتسليم كل منهما الى قوة الامم المتحدة التي سلمتهما بدورها الى السلطات اللبنانية.

14- ودرج المتظاهرون على التجمع بانتظام على الجانب اللبناني من الخط الازرق عند نقطتي الاحتكاك المبيّنتين في تقاريري السابقة، وهما تل الشيخ عباد شرقي حولا، وبوابة فاطمة غربي المطلة. وكان عدد المتظاهرين وحجم الجماهير صغيرا، باستثناء الحالات التي كانت تصادف وقوع تطورات اقليمية مهمة او الاحتفال بالذكرى السنوية لحدث من الاحداث. وكان المحتجون يلقون عامة الحجارة وغيرها من الاشياء في اتجاه مواقع قوات الدفاع الاسرائيلية.

15- وتم تنظيم اول انتخابات بلدية في الجنوب اللبناني منذ الانسحاب الاسرائيلي في 23 ايار/مايو. وشهدت الانتخابات نسبة مشاركة عالية في منطقة الجنوب كلها، واجري الاقتراع على نحو منظم، ولم يبلغ عن اي اعمال ترويع او اضطرابات مهمة. وادت الانتخابات الى دعم هياكل الحكم المحلية الرسمية، ودلت على احراز تقدم في اتجاه اندماج اكثر شمولية للمنطقة المحتلة سابقا مع بقية البلد. وفاز حزب الله وحركة امل، الحزب السياسي الآخر المهيمن في الجنوب، بالاغلبية العظمى للمقاعد.

16- واصلت قوات الامن اللبنانية المشتركة والجيش اللبناني عملياتها في المناطق التي اخلتها اسرائيل منذ اربع سنوات خلت. وعلى العموم، ظل قوام قوات الامن المشتركة ونشاطاتها بالمستوى نفسه، باستثناء زيادة في انشطتها وحضورها بشكل اوضح خلال النصف الثاني من آذار(مارس) وبداية حزيران(يونيو)، عندما اشتد التوتر الاقليمي والمحلي، وخلال ايار(مايو) خلال الانتخابات. وتدخلت قوات الامن المشتركة ايضا، في مناسبات عدة لمراقبة المظاهرات، واتخذت تدابير اخرى لتقييد الوصول الى السور التقني. ورغم ذلك، ظلت الحكومة اللبنانية متمسكة بموقفها المتمثل في عدم نشر قواتها المسلحة على امتداد خط الانسحاب طالما لم يعمم السلام الشامل مع اسرائيل.

17- وفي هذه الظروف، ابقى حزب الله على وجوده الواضح قرب الخط من خلال شبكته المكونة من المواقع المتنقلة والثابتة. وامتنع حزب الله اجمالا عن التدخل في حرية تنقل قوة الامم المتحدة.

18- وفي اوائل الفترة المشمولة بالتقرير، ابرمت حكومة اسرائيل وحزب الله اتفاقا توسط فيه وسطاء المانيون بغرض تبادل للاسرى تم في 29 و30 كانون الثاني/يناير. وقدمت قوة الامم المتحدة المساعدة السوقية والامنية الى لجنة الصليب الاحمر الدولية خلال عملية تسليم اسرائيل لرفات بعض السجناء عند معبر الناقورة.

19- واشرت في تقريري الاخير الى الجهود الرامية لايجاد حل لمشكلة مجموعة من المهاجرين الاكراد العراقيين غير الشرعيين الذين تم ايواءهم منذ آب(اغسطس) 2001 على قطعة ارض صغيرة تقع بين البوابتين الاسرائيلية واللبنانية لمعبر الناقورة. وآسف للتبليغ عن اصابة جندي غاني من قوة الامم المتحدة بطلقة نارية عن طريق الخطأ خلال صدامات اثارها الاكراد. وفي 12 آذار(مارس)، قامت قوات الامن الداخلية اللبنانية، بإشراف من قوة الامم المتحدة، بنقل المجموعة الى مأوى مؤقت بالقرب من صيدا لاعادتها الطوعية والسريعة الى الوطن. واجرت مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، اخيرا، عملية الاعادة في 6 و7 حزيران (يونيو) بتنسيق مع السلطات اللبنانية، وبدعم من بعثة الامم المتحدة لتقديم المساعدة الى العراق، وممثلي الخاص، والمنظمة الدولية للهجرة.

20- وقدمت قوة الامم المتحدة المساعدة للسكان المدنيين اللبنانيين في شكل رعاية طبية ومشاريع للمياه وتجهيزات او خدمات خاصة بالمدارس ودور الايتام، وقدمت الخدمات الاجتماعية للمحتاجين. وقدمت القوة مساعدة من الموارد التي وفرتها اساسا البلدان المساهمة في القوات. وتعاونت القوة بشكل وثيق في المسائل الانسانية مع السلطات اللبنانية، ووكالات الامم المتحدة، ولا سيما اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، ومنظمة الامم المتحدة للطفولة، ولجنة الصليب الاحمر الدولية، وغيرها من المنظمات والوكالات العاملة في لبنان.

21- لا تزال مسألة وجود عدد كبير من الالغام الارضية في منطقة عمل قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان، التي تتمركز حاليا بشكل كبير على امتداد الخط الازرق بسبب عمليات ازالة الالغام الشاملة في قطاعات اخرى، مسألة تثير قلقا بالغا. ومنذ شهر كانون الثاني(يناير)، قتل طفل رضيع وجرح تسعة مدنيون لبنانيون نتيجة انفجار الغام وذخائر. وواصلت قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان انشطتها المتعلقة بإزالة الالغام، فأزالت اكثر من 800 لغم وذخيرة غير منفجرة في منطقة تبلغ مساحتها الاجمالية 15000 متر مربع من الارض. كما اجرت القوة حملة تثقيف منظمة حول مخاطر الالغام لاطفال المدارس المحلية.

22- ولا يزال التعاون بين الامم المتحدة والحكومة اللبنانية ومختلف الجهات المانحة يعطي نتائج مهمة في ما يتعلق بازالة الالغام في جنوب لبنان. وقد حصل المكتب الوطني لازالة الالغام على خرائط اضافية عن حقول الغام من قوات الدفاع الاسرائيلية سلمت كجزء من اتفاق تبادل الاسرى. والاهم من ذلك، انتهت بنجاح عملية التضامن الاماراتية، الممولة من الامارات العربية المتحدة، في 29 ايار(مايو) 2004، وبشكل عام، كان المشروع مسؤولا عن كشف وتدمير ما يقرب 60000 لغم ارضي، مما اسفر خلال فترة سنتين عن اعادة خمسة ملايين متر مربع من الاراضي كانت مزروعة بالالغام الى المجتمع المحلي.

23- واصل ممثلي الشخصي عمله بالتعاون الوثيق مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ووكالات الامم المتحدة الاخرى في الدعوة الى توفير الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية وتيسير عملية تمويل المشاريع الانمائية في الجنوب وتنفيذها، وواصل برنامج الامم المتحدة الانمائي زيادة جهود منظومة الامم المتحدة في العمل مع السلطات اللبنانية لتنمية الجنوب وانعاشه.

ثالثا - المسائل التنظيمية

24- لا تزال قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان تركز على الحفاظ على وقف اطلاق النار من خلال الدوريات المتنقلة والجوية في منطقة عملياتها، والمراقبة من مواقع ثابتة والاتصال الوثيق مع الاطراف، بهدف تلافي الانتهاكات، وتسوية الحوادث ومنع التصعيد. وقامت هيئة الامم المتحدة لمراقبة الهدنة بدعم قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان في تنفيذ ولايتها من خلال فريق المراقبين في لبنان.

25- في 30 حزيران( يونيو) 2004، كان قوام قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان 1991 جنديا من كل من اوكرانيا (192)، وايرلندا (6)، وايطاليا (53)، وبولندا (238)، وغانا (650)، وفرنسا (205)، والهند (648). وساعد القوة في اداء مهامها 51 مراقبا عسكريا من هيئة الامم المتحدة لمراقبة الهدنة، ومرفق خريطة تبين المواقع الحالية للقوة، إضافة الى ذلك، استخدمت القوة 405 موظفين مدنيين، تم توظيف 111 منهم دوليا و294 محليا. وانهى اللواء لاليت موهان تيواري مدة خدمته بصفته قائدا للقوة، وسلم قيادة القوة الى اللواء ألان بيليغريني. ويواصل السيد ستيفان دي ميستورا عمله بصفته ممثلي الشخصي في الجنوب اللبناني.

26- يؤسفني ان ابلغ عن وفاة احد افراد القوة، وهو جندي من غانا قتل في اثناء تأدية واجبه. ومنذ انشاء قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان، توفي 245 من افرادها، 79 منهم نتيجة لاطلاق نار او انفجار قنابل و104 نتيجة لحوادث و62 لاسباب اخرى. وقد ادى اطلاق النار او انفجار الغام الى جرح ما مجموعه 344 فردا.

رابعا- الجوانب المالية 27- في قرارها 58/307 المؤرخ 18 حزيران( يونيو)2004، رصدت الجمعية العامة للحساب الخاص لقوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان اعتمادا اجماله 92,9 مليون دولار، بمعدل شهري قدره 7,7 ملايين دولار، للانفاق على القوة للفترة الممتدة من 1 تموز( يوليو) 2004 الى 30 حزيران( يونيو) 2005، واذا ما قرر المجلس تمديد ولاية القوة الى ما بعد 31 تموز( يوليو) 2004، على النحو الموصى به في الفقرة 36 ادناه، فان تكلفة الانفاق عليها ستقتصر على المعدل الشهري الذي وافقت عليه الجمعية العامة.

28- وفي 31 أيار( مايو )2004، بلغت الانصبة المقررة غير المسددة للحساب الخاص بالقوة للفترة منذ انشائها وحتى 30 نيسان( أبريل) 2004 مبلغا قدره 71 مليون دولار. وبلغ اجمالي الاشتراكات المقررة غير المسددة لكل عمليات حفظ السلام في ذلك التاريخ 1187 مليون دولار.

خامسا - ملاحظات 29- يمكن وصف الحالة في الجنوب اللبناني خلال الاشهر الستة الماضية بأنها كانت زاخرة بالتناقضات. ففي حين اعرب كل من اسرائيل ولبنان عن رغبتهما في تفادي عدم الاستقرار في المنطقة، مر شهر واحد فقط من دون مواجهات. علاوة على ذلك، كانت هناك احداث منفردة تشعل في اغلب الاحيان سلسلة من اعمال العنف التي كان يسهم فيها الطرفان. ومن المهم، ان أيا من تلك الاحداث لم يخرج عن نطاق السيطرة، ومن ثم، فإن الاطراف وقوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان تستحق التقدير. ومع ذلك، فان خطر تصاعد اعمال العنف لا يزال كبيرا، وقد يؤدي الى دخول الاطراف في صراع. ولا يمكنني ان اشدد على نحو كاف على الحاجة الى تقيد الاطراف بالتزاماتها بموجب قرارات مجلس الامن ذات الصلة، واحترام خط الانسحاب بكامله، وممارسة اقصى درجات ضبط النفس. ولا يمكن لاي من الجانبين ان يتجاهل المخاطر التي تترتب على تجاهل هذه الالتزامات.

30- وشاركت منطقة الجنوب اللبناني بكاملها، بما في ذلك، كل القرى التي تقع في المنطقة التي كانت تحتلها اسرائيل وحتى الخط الازرق، بنجاح في الانتخابات البلدية. ويقر الجميع بأن الممارسة الحرة لهذه العملية الديموقراطية، هي احد معالم الاستقرار. وهي كذلك تأكيد واضح على ممارسة الحكومة اللبنانية لسلطتها. واظهرت حكومة لبنان كذلك قدرتها على ممارسة سلطاتها من خلال انشطة قوات الامن المشتركة، غير ان الاحداث اظهرت، ايضا، انه يلزم بذل المزيد من الجهود للحفاظ على الهدوء في الجنوب ووقف ارتكاب انتهاكات للخط الازرق، وخصوصا انتهاكات وقف اطلاق النار. واكرر دعوة مجلس الامن إلى ان تقوم الحكومة اللبنانية بمواصلة بذل الجهود لضمان اعادة بسط سلطاتها الفعلية على ارجاء الجنوب كافة، بما في ذلك، نشر القوات المسلحة اللبنانية، وبذل قصارى جهدها لكفالة الهدوء. وأحث الحكومة على ممارسة سلطاتها في استخدام القوة في كامل اراضيها.

31- ولا يزال استمرار اسرائيل في انتهاكاتها الجوية الاستفزازية غير المبررة على سيادة الاراضي اللبنانية امرا يدعو الى القلق البالغ. كما ان قيام حزب الله بالرد بطلقات نارية من المدافع المضادة للطائرات عبر الخط الازرق يشكل تهديدا مباشرا لحياة البشر. وفي حين استمر انخفاض استخدام حزب الله للاسلحة المضادة للطائرات على نحو ما جاء في تقريري السابق، فهناك عدد من الحالات حدثت، أخيرا، رد عليها حزب الله بإطلاق نيرانه باتجاه الطلعات الجوية في الاجواء اللبنانية. ويجب عدم السماح باستخدام الذخيرة الحية عبر الخط الازرق. وينسحب هذا المنع، أيضا، على الضربات الجوية الاسرائيلية الانتقامية على حزب الله او على اي مواقع اخرى داخل لبنان، والتي تشكل، ايضا، خطرا كبيرا على المدنيين، اذ ان انتهاكا للخط الازرق لا يمكن ان يبرر انتهاكا آخر.

32- واذكر مع القلق المرات الثلاث التي اطلقت فيها النار على مواقع قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان او قريبا منها، الامر الذي يعرض موظفي الامم المتحدة إلى الخطر. واذكر الاطراف بالتزامها باحترام حرمة مكاتب الامم المتحدة وكفالة سلامة موظفي الامم المتحدة.

33- واود ان اؤكد الحاجة الى قيام كل الاطراف المعنية بتكثيف تركيزها على انعاش منطقة الجنوب وتنميتها اقتصاديا. وان الانجازات التي تحققت في مجال ازالة الالغام خلال السنة الماضية، من خلال تعاون يحتذى بين الامارات العربية المتحدة والامم المتحدة والسلطات اللبنانية كانت جزءا من اتجاه يدعو الى التفاؤل بدعم الاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا الصدد، احث حكومة لبنان والجهات المانحة الدولية على تعزيز جهودها. ولا تزال الامم المتحدة ملتزمة بقوة بمساعدة لبنان في انعاش الجنوب اقتصاديا.

34- وستواصل قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان مساهمتها في استعادة السلم والامن الدوليين من خلال عمليات مراقبة ورصد التطورات في منطقة عملها والابلاغ عنها، والاتصال بالاطراف للمحافظة على الهدوء. وسيواصل ممثلي الخاص بالتشاور الوثيق مع المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط تقديم دعم الامم المتحدة السياسي والديبلوماسي الى الاطراف لارساء السلم والامن الدائمين في الجنوب اللبناني.

35- ولا تزال الحالة على امتداد الخط الازرق عرضة إلى التطورات الاقليمية المتقلبة. وهذا يؤكد ثانية الحاجة الى تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الاوسط، يستند الى كل قرارات مجلس الامن ذات الصلة، بما في ذلك القرارات 242 (1967)، و338 (1973)، و1397 (2002) و1515 (2003).

36- وفي رسالة مؤرخة 9 تموز( يوليو) 2004 (560/2004/S)، نقل إليّ ممثل لبنان الدائم لدى الامم المتحدة طلب حكومته بأن يقوم مجلس الامن بتمديد ولاية قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان لفترة اخرى مدتها ستة اشهر. وفي ضوء الظروف السائدة في المنطقة، اوصي بأن يمدد مجلس الامن ولاية القوة حتى 31 كانون الثاني( يناير)2005.

37- يجب ان الفت انتباهكم ثانية الى الانصبة غير المسددة لتمويل القوة البالغ 71 مليون دولار. ويمثل هذا المبلغ اموالا مستحقة للدول الاعضاء المساهمة بالقوات التي تتكون منها القوة. واناشد كل الدول الاعضاء تسديد انصبتها المقررة كاملة وعلى وجه السرعة، وتسوية كل المتأخرات المتبقية، واود ان اعرب عن امتناني للحكومات المساهمة بقوات في القوة لتفهمها وصبرها.

38- ختاما، اود ان اعرب عن تقديري لتيري رود لارسن، المنسق الخاص، وستفان دي ميستورا، ممثلي الخاص، وان اثني على اللواء لاليت موهان تيواري، واللواء الان بيليغريني والرجال والنساء الذين يشكلون قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان لما يبذلونه من تفان في اداء مهامهم. ان تحليهم بدرجة عالية من الانضباط والقدرة على التحمل يعد مفخرة لهم وللامم المتحدة.