أسامة العيسة من القدس: أقر جمال الشوبكي وزير الحكم المحلي الفلسطيني بان السلطة أخطأت بعدم أجراء انتخابات للمجالس البلدية والمحلية منذ تأسيسها. وكانت آخر انتخابات للبلديات والمجالس المحلية أجريت عام 1976 وأسفرت عن نجاح القوائم التي تؤيد منظمة التحرير الفلسطينية مما جعل سلطات الاحتلال عدم تكرار التجربة واجرائها مرة أخرى، وبعد سنوات أقالت سلطات الاحتلال معظم هذه المجالس المنتخبة وعينت مجلس أخرى مكانها.
وقال الشوبكي لمراسلنا "بعد نجاح القوائم الوطنية نصح شمعون بيرس بعدم أجراء أية انتخابات، ومنذ تأسيس السلطة، لم تجري أية انتخابات، وكأتننا للأسف، أخذنا بنصيحة بيرس".
ويحظى موضوع الانتخابات منذ أعلن الشوبكي قبل فترة عن نية السلطة أجرائها على مراحل باهتمام شعبي، ولكن تصريح لاحمد قريع رئيس الوزراء قال فيه أن السلطة قررت تأجيل الانتخابات التي كانت ستجرى جزئيا هذا الصيف، أثار انتقادات حادة ضد السلطة.
واكد الشوبكي، أن السلطة الوطنية بدأت التحضير للانتخابات التي ستعطي زخما للشارع الفلسطيني وتجعل المواطن يشارك في الهموم السياسية.
واضاف الشوبكي "لا نستطيع أن نجري الانتخابات بشكل كامل ويمكن تقسيم فلسطين إلى مناطق ويتم ألان العمل حول كيفية أعداد سجل الناخبين وامكانية التنسيق مع لجنة الانتخابات المركزية".
واكد الشوبكي على أهمية الانتخابات المحلية وضرورة أن يكون هنالك إجماع وطني من اجل إنجاحها، مشيرا إلى أن الاحتلال لن يستطيع أن يعطل إجرائها بالرغم من العقبات التي يفرضها من خلال الاجتياحات وفرض حظر التجوال.
واشار إلى أن المطلوب هو حد أدنى من السيطرة الأمنية الفلسطينية والى توافق وطني في الموقع الذي من المقرر أجراء الانتخابات فيه.
وقال الشوبكي وهو عضو في المجلس الثوري لحركة فتح معلقا على تخوفات غير معلنة يبديها البعض من رجالات السلطة حول إمكانية تحقيق حركة حماس نجاح كبير في حالة أجراء الانتخابات "لا يهمني من سينجح في الانتخابات، ومن يرى فيه المواطنين أهلا لذلك فسينتخبونه، وأنا شخصيا معني بانتخاب من يستطع أن يقدم لي خدمات ويوصل لي الكهرباء والمياه..الخ".
واضاف " أي مجلس منتخب سيكتسب قوة وسيستطيع أن يتخذ قرارات بعكس المجالس غير المنتخبة".
ومنذ أجراء الانتخابات آخر مرة عام 1976 والمجالس البلدية والمحلية تعاني من عدة اشكالات، فتنظيمات يهودية متطرفة نفذت عمليات إرهابية بحق عدد من الرؤساء المنتخبين مثل بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس وكريم خلف رئيس بلدية رام الله وإبراهيم الطويل رئيس بلدية البيرة، وأدت هذه الأعمال إلى إصابة هؤلاء الثلاثة في أطرافهم.
وأبعدت سلطات الاحتلال آخرين من رؤساء البلديات إلى الخارج مثل فهد القواسمة رئيس بلدية الخليل ومحمد ملحم رئيس بلدية حلحول، ثم عمدت إلى حل جميع المجالس المنتخبة باستثناء مجلس بلدية بيت لحم الذي كان يرأسه الشخصية المعتدلة الياس فريج.
وبعد تأسيس السلطة تجاهلت الرغبة الجماهيرية لأجراء الانتخابات، وعمدت إلى تعيين أعضاء في المجالس القائمة والى استحداث مجالس جديدة وتعيين أعضائها وفقا لاعتبارات عشائرية وفئوية وحزبية.
وتعاني البلديات في الأراضي الفلسطينية من أزمات متلاحقة وخانقة، فبلدية نابلس كبرى مدن الضفة الغربية، بدون مجلس بعد استقالة رئيسها غسان الشكعة ومجلسه، اثر اشكالات داخلية حادة أدت إلى اغتيال شقيق رئيس البلدية المستقيل في حادث كان يستهدفه.
وتهتهم مجالس أخرى السلطة بعدم تسديد التزامات مالية مستحقة عليها مثل مجلس بلدية بيت لحم وهو المدنية الفلسطينية السياحية الأولى، والتي أعلن موظفوها وعمالها إضرابا مفتوحا، بسبب عدم تلقيهم رواتبهم، مما جعلها النفايات تتراكم في شوارعها.
وكانت وجهت انتقادات حادة لصائب عريقات وزير الحكم المحلي السابق لعدم أجراء الانتخابات التي كان يبرر عدم أجرائها بوجود الاحتلال، ولكن الرأي العام كان يتساءل بان انتخابات المجلس التشريعي عقدت رغم وجود الاحتلال.
ويعتقد بان السلطة لم تجري الانتخابات خشية من فوز محقق لقوى المعارضة، وهو ما قال جمال الشوبكي وزير الحكم المحلي الجديد انه لا يخشاه.
والشوبكي أسير سابق في سجون الاحتلال وهو نائب عن محافظة الخليل ومن ممثلي للجيل الشاب من حركة فتح، ويصفه المقربون منه بأنه وزير ديمقراطي معني بأجراء الانتخابات مطالبين الجماهير بالالتفاف حوله، وعدم تضييع فرصة أجراء الانتخابات.
وفي الواقع السياسي الفلسطيني فان الانتخابات للمؤسسات والهيئات عادة ما تجري لمرة واحدة، مثل انتخابات البلديات، وانتخابات الغرف التجارية التي كان آخر مرة أجريت فيها عام 1964 ولم تجري مرة أخرى، وينطبق ذلك بهذا الشكل أو ذاك على الاتحادات والنقابات مثل نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب التي تئن، وفق مراقبين، من سيطرة الأحزاب والقوى السياسية المزمنة عليها. ولم تجر أيضا انتخابات لرئاسة السلطة وللمجس التشريعي رغم استحقاقها.