اندريه مهاوج من باريس: مع بدء اعمال المؤتمر الرابع والسبعين للحزب الاشتراكي الفرنسي بعد ظهر يوم الجمعة تعالت دعوات من اوساط القاعدة الشعبية تناشد قيادات التيارات المتعددة داخل الحزب لايجاد أرضية مشتركة تؤدي الى توحيد الحزب وراء مشروع سياسي واضح يؤهله لاستعادة ثقة المناصرين أولا والشعب الفرنسي ثانيا كمقدمة لاستعادة الدور الطليعي للحزب قبل خوض معركة رئاسة الجمهورية بعد سبعة عشر شهرا.

وتبدو المرارة واضحة في أوساط حوالى اربعة آلاف شخص، توافدوا الى مدينة المانز للمشاركة في هذا المؤتمر، اذ انهم كانوا يفضلون ان تتجلى الوحدة الداخلية خلال الاحتفال بالذكرى المئوية الاولى لتأسيس الحزب التي تتزامن مع المؤتمر الحالي . ولا شك ان الاشتراكيين لم يتوصلوا الى نفض غبار الزلزال الذي كاد يقوض ركائز الحزب بعد سنة من الخلافات وصلت الى الذروة خلال الاستفتاء الوطني على الدستور الاوروبي الذي كاد ان يؤدي الى حصول انشقاق داخل الحزب الاشتراكي بسبب تزعم رئيس الحكومة الاسبق لوران فابيوس تيار الداعين الى رفض الدستور المذكور بشكل مخالف لتوجيهات الامين العام الاول للحزب الذي كان من مؤيدي الدستور الاوروبي .

ولا شك ايضا ان انصار الحزب الاشتراكي فهموا جيدا الدرس من هذه التجربة القاسية والتداعيات السلبية المترتبة عليها في اوساط الرأي العام الوطني الذي لم يعد يثق بحزب مقسم ولكن ايضا في اوساط احزاب اليسار اذ ان الاشتراكيين فقدوا موقعهم الريادي وقدرتهم على لعب دور القيادي على رأس هذه الاحزاب . وانطلاقا من هذا الاستنتاج الواقعي تعالت دعوات داخلية تطالب بان يكون مؤتمر الحزب الراهن "منعطفا للتوجه نحو الهدف الوطني العام" اي استعادة ثقة الشعب الفرنسي الذي اظهرت استطلاعات اخيرة للراي ان حوالى ثلاثين بالمئة منهم فقط يعتبرون ان اليسار قادر الان على الفوز في اي معركة انتخابية على الصعيد الوطني وبالتالي على تسلم ادارة شؤون البلاد . وحسب استطلاع الرأي المذكور فإن غالبية الفرنسيين يشككون بقدرة الحزب الاشتراكي والاحزاب المتحالفة معه على القيام باداء افضل من اداء اليمين الحاكم حاليا في مجال ايجاد الحلول الناجعة للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الراهنة . فثلاثة وعشرون بالمئة فقط ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون ان الحزب الاشتراكي قادر على الوفاء بوعوده الانتخابية وستة وثلاثون بالمئة فقط يعتبرون ان الاشتراكيين كانوا قادرين على حل مشكلة العنف والشغب في الضواحي بشكل افضل من الحكومة الراهنة . وستة واربعون بالمئة فقط يعتقدون ان الاشتراكيين قادرون على حل مشكلة البطالة بينما يعتبر تسعة وخمسون بالمئة ان اداء الحزب الاشتراكي في مجال معالجة الفوارق الاجتماعية ،افضل من احزاب اليمين.

ما يأمله الاشتراكيون من مؤتمرهم الراهن هو التوصل الى مشروع سياسي واحد تلتقي حوله كل التيارات ويكون بمثابة برنامج انتخابي لخوض معركة رئاسة الجمهورية في ربيع سنة 2007 . ولكن الدلائل الاولى ومواقف قادة التيارات الداخلية عشية المؤتمر لا توحي بامكان طي صفحة الخلافات نهائيا . فالامين العام الاول للحزب فرنسوا هولند يشعر بانه في موقع القوة بعدما حصل على دعم القاعدة الحزبية التي ايدت مشروعه لتحديث الحزب وانخراطه في المشروع الاوروبي الموحد بنسبة تفوق 55 بالمئة. ولكن لوران فابيوس الذي لم يحصل مشروعه السياسي الا على تأييد 20بالمئة من هذه القاعدة تقدم بطعونات لهيئة الحزب تتعلق بنزاهة التصويت مما يدل الى انه لا يزال يتمسك بافكاره الرئيسية القائمة على اشتراكية منفتحة داخليا ولكنها منضبطة اوروبيا. ووسط هذين الاتجاهين يتوقع ان تكون مناقشات المؤتمر حامية وقد تؤدي الى انشقاقات محدودة في المرحلة المقبلة اذا لم ينجح هولند في استعادة زمام المبادرة كما حصل في المؤتمر الاخير للحزب في عام 2003 .

واذا كان تاريخ الحزب الاشتراكي حافل بالمؤتمرات الساخنة من مؤتمر عام 1971 الذي كرس زعامة الرئيس الراحل فرنسوا ميتران الى مؤتمر عام 1990الذي ادى الى بروز نجم رئيس الحكومة الاسبق ليونيل جوسبان فان مؤتمر 2005 سيكون مؤتمر برنامج الاشتراكيين لاستعادة السلطة ولكن خصوصا مؤتمر اختيار المرشح لانتخابات سنة 2007 . حتى الان الجميع مرشح والمنصب واحد .