القدس: أقدم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون يوم الاثنين على أكبر مغامرة في تاريخه السياسي بالاستقالة من حزب الليكود كي ينشئ حزبا وسطيا يخوض به الانتخابات المبكرة الامر الذي يمكن أن يعيد رسم خريطة الحياة السياسية في اسرائيل لسنوات مقبلة.

ويمكن لهذه الخطوة المثيرة التي اتخذها شارون بعد ساعات من مطالبته للرئيس الاسرائيلي موشي قصاب بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة أن تخلصه من القيود اليمينية المتشددة في مسعاه لانهاء الصراع مع الفلسطينيين.

ولكن استطلاعات الرأي أظهرت ان نجاح حزب وسطي يقوده شارون أمر غير مضمون ويمكن أن يواجه الجنرال السابق (77 عاما) معركة شرسة ضد الاحزاب والتكتلات الاكثر تنظيما في الانتخابات التي يحتمل اجراؤها في اذار(مارس).

وقال شارون ان الحزب الجديد الذي لم يتحدد اسمه بعد سيسعى الى تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لكنه استبعد الانسحاب من جانب واحد من اي اراض محتلة مثل انسحابه من قطاع غزة الذي اثار تمردا في صفوف الليكود.

وقال شارون في اول حديث علني يدلي به منذ استقالته من حزب الليكود الذي شارك في تأسيسه قبل ثلاثة عقود "سنعمل على رسم حدود دائمة للبلد مع اصرارنا في الوقت نفسه على تفكيك الجماعات الارهابية."

وذكر انه ملتزم بخطة "خريطة الطريق" للسلام التي ترعاها الولايات المتحدة والتي تدعو الى وقف العنف وتحدد خطوات لإقامة دولة فلسطينية منها نزع سلاح المتشددين الفلسطينيين وانهاء التوسع الاستيطاني اليهودي.

وقال شارون ان مفاوضات السلام المتوقفة منذ خمس سنوات بسبب العنف لا يمكن أن تستأنف الى أن تجبر السلطة الفلسطينية المسلحين على القاء اسلحتهم وحل فصائل النشطين.

وقال شارون في رسالة قصيرة الى رئيس الحزب "سأستقيل من الحزب وسأشكل حزبا جديدا."

وقال وعلى وجهه ابتسامة ارتياح ان 14 شخصا انضموا بالفعل الى حزبه الجديد ولكنه لم يكشف عن اسمائهم أو ما اذا كانوا جميعهم من حزب الليكود.

وفي رام الله في الضفة الغربية قال نبيل شعث نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ان القيادة الفلسطينية تراقب عن كثب التطورات السياسية التي تتكشف في اسرائيل لتعرف أثرها على عملية السلام.

وقال قصاب انه سيبدأ مشاوراته فورا مع الزعماء السياسيين بشأن تقديم موعد الانتخابات التي كانت مقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006.

ووافق اعضاء البرلمان (الكنيست) في وقت لاحق على اقتراح تمهيدي بحل الهيئة التشريعية في خطوة اولى نحو اجراء انتخابات مبكرة. ووافق على الاقتراح 84 عضوا ولم يعترض عليه احد بينما امتنع عشرة اعضاء عن التصويت.

واذا صوت الكنيست بالموافقة على الاقتراح في ثلاث قراءات بعد ذلك ربما يوم الثلاثاء فستجرى انتخابات تلقائيا خلال 90 يوما دون الحاجة الى قرار من قصاب.

وقال عمير بيريتس زعيم حزب العمل انه يفضل اجراء الانتخابات في 28 اذار (مارس) .

وأطاح بيريتس زعيم اتحاد نقابات العمال بالسياسي المخضرم شيمون بيريس من زعامة الحزب في انتخابات داخلية في العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي وتعهد الانسحاب من ائتلاف شارون ما أحدث هزة سياسية.

وقال بيريتس للصحافيين "لا نعتزم الفوز بالانتخابات بالاستفادة من الوضع الحرج الذي يمر به الليكود. نريد أن نفوز لان لدينا برنامجا أفضل وأننا نقدم شيئا اخر."

واذا حل قصاب البرلمان أو قرر الكنيست حل نفسه فسيستمر شارون في موقعه لحين انتخاب رئيس جديد للوزراء.

وقال رئيس الليكود بالانابة تساحي هنجبي ان الحزب سيسارع الى اختيار زعيم جديد. والمرشح الاقوى لهذا المنصب هو رئيس الوزراء الاسبق بنيامين نتنياهو الذي استقال من موقعه كوزير للمالية في حكومة شارون.

وقال المحلل السياسي جيرالد ستاينرج ان شارون موقفه قوي لانه "الزعيم الوحيد الذي يتمتع بمصداقية وله قاعدة وطنية." لكنه اضاف ان "من جهة اخرى فهذه ارض جديدة تماما ولم يسبق لأحزاب ثالثة ان حققت نتائج طيبة في الماضي."

ويسعى شارون ايضا الى اجتذاب بيريس (82 عاما) الى حزبه الجديد.

وذكر مئير بن شاؤول فني الكهرباء في القدس البالغ من العمر 63 عاما الذي اعطى صوته لليكود في ثلاثة انتخابات سابقة انه لا يحبذ شراكة جديدة بين شارون وبيريس.

وقال شاؤول لرويترز "هما رجلان مسنان. يجب ان يذهبا الى منزليهما ويلعبا مع الابناء والاحفاد."