نبيل شرف الدين من القاهرة: عشية الجولة الثالثة والأخيرة من الانتخابات التشريعية في مصر، شنت أجهزة الأمن حملات مكثفة اعتقلت خلالها مئات من أنصار جماعة "الإخوان المسلمين"، ونحو مئة من أنصار نائب برلماني بارز محسوب على التيار الناصري هو حمدين صباحي، الذي يسعى إلى تأسيس حزب باسم "الكرامة العربية"، كما أعلن ذلك ناطق باسم الجماعة وآخر باسم النائب الناصري، موضحين أن سلطات الأمن أوقفت نحو 540 من جماعة الإخوان المسلمين و100 من الناصريين خلال الأيام الثلاثة الماضية .

من جانبه قال المرشد العام للإخوان مهدي عاكف إن السلطات اعتقلت خلال الأيام الثلاثة الماضية حوالي 540 من الإخوان المسلمين، من مندوبي المرشحين ومديري الحملات الانتخابية للمرحلة الثالثة"، وأضاف في تصريحات بثها موقع الجماعة الرسمي أنها "ستقاوم ثقافة الاستبداد التي تجذَّرت في المجتمع المصري منذ أكثر من 50 عامًا ولن تنقاد إليها، ولن تستسلم لها مهما حدث"، مضيفاً أن "أعمال البلطجة التي مارسها الحزب الوطني الحاكم تسيء لسمعة وكرامة مصر"، لافتاً إلى أن "اعتقال أعضاء في الجماعة من أقصى جنوب مصر في محافظة قنا إلى أقصى شمالها في الإسكندرية يعني ان الحزب الوطني الحاكم حزب فاشل لا يرعى حرمة لمصر ولا لمستقبل ولسمعة مصر"، على حد تعبير مرشد الإخوان .

الإخوان والمعارضة
وتخوض الجماعة المحظورة منذ العام 1954 كل الانتخابات العامة بمرشحين يصنفون رسمياً كمستقلين وأعلن قادة الجماعة التي لم تحصل في الانتخابات البرلمانية التي جرت في العام 2000 سوى على 17 مقعداً، إنها تولي الانتخابات التشريعية أهمية خاصة، وهو ما حدث بالفعل إذ تمكنت الجماعة من مضاعفة مقاعد نوابها في البرلمان خمس مرات خلال الانتخابات الجارية حالياً، على الرغم من انها لم تنافس سوى على ثلث الدوائر الانتخابية فقط، وفي ختام الجولة الثالثة التي تنطلق الخميس، يتوقع ان تحصل الجماعة على ربع مقاعد مجلس الشعب (البرلمان) لتصبح القوة البديلة الوحيدة للحزب الوطني (الحاكم) المسيطر على الساحة السياسية منذ تأسيسه حتى الآن قبل أكثر من ربع قرن .

وبينما يصف نشطاء الحركة المصرية من أجل التغيير المعروفة باسم "كفاية" موقف الإخوان بالانتهازية، فقد اعتبر الناشط السياسي البارز سعد الدين إبراهيم أن الإخوان يجيدون اللعب جيداً بأوراقهم السياسية المتاحة في الظروف الراهنة التي تمر بها مصر، مشيراً إلى إدراكهم أنه لن يكون بوسعهم خوض الانتخابات الرئاسية، وبالتالي ركزوا جهودهم في الاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية"، معرباً عن اعتقاده بأنهم "حققوا كثيرا من التقدم، مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية هم الآن أبرز من أي وقت مضى".

وعلى الرغم من مكاسب الجماعة في الانتخابات البرلمانية الجارية إذ حصدت خلال الجولتين السابقتين 76 مقعداً، إلا أنها تقول إن قوات الأمن منعت كثيرا من ناخبيها من دخول لجان الاقتراع في دوائر لم ينجح فيها مرشحون لها، غير أن مراقبين للشأن المصري يعتقدون أن جماعة الإخوان المسلمين رغم كونها محظورة رسميا فقد تمكنت خلال العقدين الماضيين من حكم الرئيس المصري حسني مبارك من السيطرة على أبرز مؤسسات المجتمع المدني مثل النقابات المهنية، مع زيادة إضفاء الطابع الاسلامي على المجتمع والدفع به الى قدر لا يمكن تجاهله من المظاهر الدينية المشوبة بالاحتقان والاندفاع العاطفي على النحو الذي ظهر جلياً أثناء أحداث العنف التي جرت أمام إحدى كنائس مدينة الإسكندرية الساحلية، والتي قيل إنها عرضت مسرحية اعتبرت مسيئة للإسلام، وهو ما نفته كافة المرجعيات المسيحية .

حديث الصفقة
وأوقفت أجهزة الأمن المصرية مئات من عناصر الجماعة بسبب مظاهرات نظمتها في أيار (مايو) الماضي، غير أنها عادت وأطلقت سراح كل من احتجزتهم كما أخلت سبيل بعض القياديين البارزين مثل عصام العريان، والأمين العام لمكتب الإرشاد في الجماعة محمود عزت، الذي يوصف بالرجل الثاني في الجماعة بعد مرشدها العام، وذلك قبيل أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية الجارية حالياً .

ونفى مهدي عاكف المرشد العام للجماعة ونائبه محمد حبيب خلال الفترة الماضية وجود أي صفقة أبرمتها الجماعة مع الحكومة، غير أن حديثاً راج مؤخراً بشدة في الشارع السياسي المصري عن "صفقة ما" بين الحكومة وحزبها الحاكم من جهة، وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى مفاده أن تلتزم الأخيرة بالتهدئة خلال إجراء الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية، وأن تدعو إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية الماضية كما لا تتبنى موقف المقاطعة الذي تبنته قوى وأحزاب أخرى، كحزب التجمع (اليساري)، والحزب الناصري، والحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وغيرها وهو ما حدث بالفعل، إذ دعا مهدي عاكف مرشد الإخوان إلى المشاركة في الانتخابات، وإن لم يعلن تأييده لأي من مرشحي الرئاسة صراحة .