نبيل شرف الدين من القاهرة: عشية الاستفتاء على تعديل دستوري هو الأول من نوعه منذ نحو ثلاثة عقود، دعا الرئيس المصري حسني مبارك المواطنين إلى المشاركة في الاستفتاء الذي دعت أربعة أحزاب معارضة فضلاً عن الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، وجماعة الإخوان المسلمين، إلى مقاطعة هذا الاستفتاء، الذي حشدت له الحكومة المصرية، والحزب الوطني (الحاكم) كل طاقاتها من أجل هذا الاستفتاء، إلى حد بات يوصف بأنه ليس مجرد استفتاء على تعديل الدستور فحسب، بل هو استفتاء على الحكم الذي يقوده الرئيس المصري حسني مبارك منذ نحو ربع قرن، وإن نفى ذلك بشدة نجله جمال مبارك، الذي يشغل منصباً حزبياً رفيعاً، قائلاً في أحد مؤتمرات الحزب التي تنظم على مدار الساعة، إن ذلك الاستفتاء ليس على الحزب الوطني، ولا على أحزاب المعارضة وليس استفتاء علي الرئيس حسني مبارك بل استفتاء لمستقبل الوطن ومستقبل شباب مصر"، على حد تعبير نجل الرئيس المصري .

وفي كلمته التي بثتها كافة وسائل الإعلام الرسمية المصرية، لفت مبارك إلى أن ضوابط الترشيح لانتخابات الرئاسة التي تمحورت حولها اعتراضات أحزاب المعارضة، قد استهدفت توفير خيارات حقيقية أمام الناخبين بمرشحين يمتلكون القدرة على ‏‏مواجهة قضايا الحاضر والرؤية الواضحة لتحقيق طموحات المستقبل، معتبراً أن مصر تقف الآن أمام لحظة فارقة في تاريخها المعاصر، داعيا في بيانه الرسمي المقتضب كل أبناء الشعب المصري، إلى "تحمل ما تمليه هذه اللحظة من مسؤولية وطنية بأمانة وشرف وتجرد"، على حد تعبير الرئيس المصري.

ومضى مبارك قائلاً "إن الوقت قد حان كي ينهض أبناء شعبنا بمسؤولياتهم ودورهم الوطني من اجل إنجاح هذه الخطوة على طريق مسيرتنا الديمقراطية ..في هذا المنعطف الهام من تاريخ الوطن"، وأضاف أن "القول الفصل في هذا التعديل الدستوري قد أصبح الآن في يد الشعب كي يقول كلمته في الاستفتاء غدا ولكي يشارك برأيه في صنع حاضر الأمة ومستقبلها".

واعتبر مبارك أن مبادرته بتعديل الدستور "تثبت دعائم النظام الجمهوري وترسخه، وتعلي دستور الدولة وتحتكم إليه وتؤكد سيادة الشعب وتحترم إرادته" منوها بأن ‏المبادرة "فتحت الباب أمام تفعيل أنشطة الأحزاب على ساحة العمل السياسي في مصر"، ووصف تلك المبادرة بأنها تشكل "نقلة نوعية" على طريق الإصلاح السياسي وتعزيز التجربة الديمقراطية في البلاد .

معارضة ومقاطعة
وبينما تعتبر أحزاب وقوى المعارضة أن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة ليست كافية وان التعديل "شكلي"، ويستهدف الالتفاف على أجندة الإصلاح، كما دعت المواطنيين إلى مقاطعة الاستفتاء، فقد فرقت قوات الأمن اليوم عشرات من أعضاء حزب الغد المعارض في وسط القاهرة حيث دعا رئيسه أيمن نور إلى تشكيل جبهة من أحزاب وجماعات المعارضة تضم جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، في مواجهة ما وصفه بالنظام البوليسي الشرس، داعيا المواطنين إلى مقاطعة هذا الاستفتاء، قائلاً إنه يحمل خيارين مرفوضين، كما تصدت قوات الأمن لحشد من أعضاء الحزب، حال تجمعهم أمام إحدى دور السينما وسط القاهرة، لمطالبة روادها بمقاطعة الاستفتاء، كما احتجزت إيهاب الخولي، الأمين العام المساعد للحزب، وعضو لجنة الشباب علاء المليجي عدة ساعات قبل أن تطلق سراحهما لاحقاً دون اتخاذ أية إجراءات قانونية بحقيهما.

وترى عدة أحزاب وقوى معارضة أن الصيغة التي سيجري الاستفتاء عليها بعد تمريرها في مجلس الشعب (البرلمان) للتعديل، من شأنها أن تكرس هيمنة الحزب الوطني الحاكم على منصب رئيس الجمهورية الى الأبد لأنها تضمنت شروطا معجزة للمستقلين والاحزاب السياسية، على اختلاف توجهاتها في البلاد.

من جانبه قال جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطني (الحاكم)، إن الاستفتاء ليس استفتاء على الحزب الوطني، ولا على أحزاب المعارضة وليس استفتاء على الرئيس حسني مبارك بل استفتاء لمستقبل الوطن ومستقبل شباب مصر، مؤكداً أن الحزب الوطني سينطلق عقب الاستفتاء إلى مرحلة جديدة من مراحل العمل الوطني يتحمل فيها الحزب مسؤوليته التي لم يغفلها نتيجة الجدل الذي جرى على مدار الشهرين الماضيين، مؤكدا أن الحزب يتحمل مسؤولية الاستمرار في عملية الإصلاح والاهتمام بمشاكل المواطنين، سواء في قضايا التشغيل أو الخدمات العامة، مشيراً إلى أن الحزب سيتناول هذه القضايا بالشرح بالتعاون مع الحكومة لتنفيذ ما وعد به في مؤتمره الأخير، حيث سيطرح الحزب رؤية جديدة للمستقبل، وتحديداً خلال الأعوام الخمسة القادمة .

ومضى نجل الرئيس المصري قائلاً إن الحزب الوطني تعهد بأن يأخذ بزمام المبادرة في عملية الإصلاح الشامل التي بدأت منذ فترة، وأن يواصل عملية الإصلاح الشامل، واضعا مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، وأن ينفتح على المجتمع وعلى الأحزاب السياسية، من خلال صياغة برامج وسياسات للإصلاح، مشيراً إلى تعهد الرئيس بأن يستمر في عملية الإصلاح برؤية للمستقبل وأن ينتقل بنا وبالمجتمع لآفاق جديدة في تاريخ عملنا الوطني المعاصر، على حد تعبير مبارك الابن.

وفي ختام كلمته دعا جمال مبارك الشباب إلى المشاركة في الاستفتاء، مؤكدا أن هذه فرصة تاريخية لتعديل انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري الحر المباشر بين أكثر من مرشح وصياغة رؤية جديدة للمستقبل، مشيرا إلي ضرورة احترام إرادة الشعب والحصول علي ثقته في السنوات القادمة.