خلف خلف من رام الله: حذرت أوساط فلسطينية من الخطر المحدق بمدينة القدس المحتلة، وذلك في ظل استمرار إسرائيل في بناء الجدار الفاصل حول المدينة ، وتشددها في عدم السماح للمقدسيين بالتصويت في الانتخابات التشريعية المقررة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وفرضها العديد من القوانين التي تضيق على سكان المدينة العرب مثل سياسية لم الشمل وهدم البيوت ، وذلك في محاولة إسرائيلية لتغيير معالم المدينة المقدسة وتجريدها من تاريخها العربي والفلسطيني، كما يرى المراقبون.

وكان مجموعة الباحثين الفلسطينيين وممثلين عن المؤسسات الرسمية والشعبية وممثلي المؤسسات الدينية في فلسطين شددوا على ضرورة التصدي للمشروع الإسرائيلي الذي يهدف إلى تهويد مدينة القدس المحتلة، وطالب الشيخ الدكتور عكرمة صبري مفتى الديار الفلسطينية بضرورة تخصيص ميزانية لمدينة القدس من أجل الحفاظ على عقاراتها وأبنيتها، ومن أجل دعم مؤسساتها الدينية والصحية والطبية والتعليمية والتربوية والثقافية والاجتماعية والإنسانية.

مناشدة للحكام والملوك العرب مناشدا خلال مؤتمر القدس السابع الذي عقدته جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس في الضفة الغربية مؤخرا الملوك والحكام في العالمين العربي والإسلامي العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس المعرضة للتهويد يومياً، وشدد الشيخ عكرمة صبري في كلمة له على أهمية القدس باعتبارها جوهرة فلسطين وقلب العالم الإسلامي، ولذلك تشكل جزءا من عقيدة وإيمان المسلمين، قائلا: الاستيطان يشكل سرطاناً قاتلاً للبلاد المباركة المقدسة بما فيها مدينة القدس، مشيرا إلى أن اليهود لا يملكون أصلاً أرضاً في فلسطين وليس لهم تواجد فيها وبالتالي فإنهم يركزون منذ القرن التاسع عشر على امتلاك أراض في فلسطين بطريقة أو بأخرى، وذلك تمهيداً لإقامة دولتهم العبرية، مستغلين ضعف الدولة العثمانية رغم رفض السلطان عبد الحميد السماح للهيود بالهجرة إلى فلسطين، وانشغال الأتراك في مشاكلهم الداخلية، ثم استغلوا أحداث الحرب العالمية الأولى وصدور وعد بلفور المشؤوم في عام 1917م.
وعرج مفتى الديار الفلسطينية على الإجراءات التعسفية الإسرائيلية منذ عام 1948، مشددا على أنها تهدف إلى نزع ملكية الأراضي العربية من أصحابها بما في ذلك الأراضي الوقفية والمساجد والأضرحة والمقامات والمقابر، كما أشار إلى الهدف من إقامة هذه المستوطنات والتي تتمثل بإقامة الدولة العبرية وإحاطة القدس بالمستوطنات وعزلها عن سائر المناطق الفلسطينية، وعرقلة وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، والتركيز على الأغلبية السكانية اليهودية بالقدس.

كارثة تحدق بالمدينة المقدسة

وبدوره شدد غبطة البطريرك الدكتور عطا الله حنا على ضرورة حضور القدس في كل المؤسسات الفلسطينية والإسلامية، للارتباط الروحي والقومي بها، مشيرا إلى الكارثة التي تتعرض لها المدينة، قائلا: يهدف الإسرائيليون إلى تحويل الكنائس والمساجد إلى متاحف ، وذلك بهدف القول أن هذا المكان يرتبط بعقيدة وتاريخ معين، ولا يريد القول أن هذه مقدسات للشعب الفلسطيني، وتطرق البطريرك إلى موجة الاستيطان التي تحاصر المدينة المقدسة قائلا: السياسة الإسرائيلية تتضمن تهويد مدينة القدس وتعمل المؤسسة الإسرائيلية لتحقيق هذا الهدف، وهنا أشار إلى أن محاربة الاستيطان والتهويد تقع على عاتق الأثرياء العرب ، فالمدينة تحتاج منا إلى الحفاظ عليها وعلى طابعها العربي والإسلامي والمسيحي، مؤكداً أن الديانة المسيحية هي ديانة شرقية باعتبارها جزءا من الشعب الفلسطيني، ووجه رسالة إلى الأمة العربية والإسلامية بضرورة التحرك لحماية القدس من المخطط الصهيوني باعتبار هذه المدينة تمثل نموذجاً لوحدة الأديان .

إحدى الحلول..حزام بشري

ومن ناحيته، دعا البرفسور عبد الستار قاسم لضرورة إيجاد حزام بشري حول القدس، لكي لا يمتد السرطان الإسرائيلي حولها، مشيرا أن هذه أحدى السبل التي بإمكانها إيقاف الإخطبوط الاستيطاني حول المدينة، وناشد قاسم المؤسسات الفلسطينية بضرورة رصد الخطر الاستيطاني الداهم على المدينة ومحاولة عزلها عربيا وإسلاميا، وتغييبها عن وجدان وفكر الأمة الإسلامية.
ومن جانبه، شدد رئيس جامعة النجاح الدكتور رامي الحمد الله على أهمية تدارس موضوع مدينة القدس، وما تتعرض له في ظل تغاضي العالم عما يجري لهذه المدينة المقدسة، وأكد أن جدار الفصل العنصري الذي يبنى حولها يعيد إلى الأذهان جدار برلين، مشيرا إلى ضرورة العمل نحو إيجاد سبل لمعالجة المخاطر المحدقة بالمدينة المقدسة.
وتطرق الدكتور حسن السلوادي من مدينة القدس في كلمته لأهمية القدس الدينية والاقتصادية، مشيراً إلى الجدار الذي حولها إلى معتقل كبير وعزلها عن محيطها العربي والإسلامي، وطرح عدة تسؤلات حول ماذا أعددنا للقدس؟، وماذا نقول لربنا؟، قائلا: أن الواجب يقتضي أن نتصدى لمشاعر اليأس والإحباط التي يحاول المهزومون ترسيخها في قلوب الأمة، وهذه مهمة العلماء والمفكرين والكتاب فلديهم رصيد ضخم من الحقائق الايجابية والتاريخية والواقعية لجعلهم قادرين على بعث الأمل في النفوس.

حلول مقترحة وآمال معلقة

وقد شدد الباحثون على عدة أمور في نهاية المؤتمر منها، ضرورة عقد هذا المؤتمر في كل عام، وحث المؤسسات الوطنية على إعطاء مدينة القدس الأهمية القصوى في تفكيرهم وابحاثهم ونشاطاتهم، وإصدار كتاب سنوي عن مؤتمر يوم القدس، والاتصال بالمؤسسات العربية والاسلامية خارج فلسطين لحثها على المشاركة في أمال المؤتمر، وعقد مؤتمرات مشابهة.
وذكر الدكتور خليل عودة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر أن هذه السنة السابعة التي يعقد خلالها هذا المؤتمر، مشددا على ضرورة الاهتمام بالاوراق العلمية والبحثية المتعلقة بالمدينة المقدسة ومشاكلها وهمومها وخاصة الاستيطان، ذاكرا أنه تم تقديم عشرون ورقة عمل من باحثين فلسطينيين للمؤتمر من مختلف الجامعات الفلسطينية وتناولت موضوعات البحث قضايا هامة خاصة بالاستيطان، ومحاصرة الاستيطان الاسرائيلي لمدينة القدس، وحجم الاستيطان الاسرائيلي في القدس بعد عام 67، والتحليل المكاني للمستوطنات الاسرائيلية اليهودية في مدينة القدس، والصراع على العاصمة، ولكن يبقى السؤال مطروحا من يوقف المد الإسرائيلي الزاحف نحو المدينة المقدسة؟.