بكين: يرى خبراء ان المشكلة الايرانية النووية المتفاقمة تسبب ارباكا للصين المضطرة للتوفيق بين علاقاتها مع الولايات المتحدة من جهة ومصالحها السياسية ومصالحها في مجال الطاقة من جهة ثانية.

وفي حين تلوح واشنطن بفرض عقوبات على طهران في اطار مجلس الامن الدولي لمعاقبتها على رفضها التخلي عما تصفه ببرنامج التسلح النووي، تحاول بكين القيام بدور متوازن وحذر.

وبما انها احدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، تتمتع بكين بحق النقض (الفيتو) التي يمكنها استخدامه للتصدي لاي قرار تقترحه واشنطن في هذا المجلس.

ويقول خبراء ان الصين لا ترغب في مواجهة مع الولايات المتحدة لكنها حريصة في الوقت ذاته على مصالحها في مجال الطاقة مع طهران.

ويضيفون ان سعي الصين الدائم لايجاد مصادر جديدة للنفط لتغذية اقتصادها المزدهر، بالاضافة الى تاريخها ونظرتها الى العالم وتحديدا معارضتها للهيمنة الاميركية تشكل كلها عوامل ستؤثر بشكل كبير على الموقف الذي ستتخذه بكين بشان الملف الايراني.

ويرى جوزف تشينغ المحلل السياسي لدى جامعة quot;سيتي يونيفرسيتيquot; في هونغ كونغ ان quot;الصين تنظر الى المسألة من منظورين، الاول مرتبط بهيمنة الولايات المتحدة على العالم وتحديدا على منطقة الشرق الاوسط، والثاني متعلق بسوق النفطquot;.

وتستورد الصين نحو اربعين بالمئة من النفط الذي تستهلكه، وهي نسبة مرشحة للازدياد في ظل النمو الاقتصادي المتسارع لاكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.

وتسعى الصين الى تنويع المصادر التي تستورد منها النفط علما ان سبعين بالمئة من وارداتها من الطاقة تأتي من الشرق الاوسط.

وعلى الرغم من ان الكميات التي تستوردها الصين من ايران لا تزال ضئيلة نسبيا، تسعى بكين الى زيادة مشترياتها ليس فقط من اللنفط بل من الغاز الطبيعي ايضا من الجمهورية الاسلامية التي تملك ثاني احتياطي للغاز والنفط في العالم.

وكان وفد صيني زار طهران الشهر الماضي لاحياء المفاوضات حول اتفاق مهم لتصدير الغاز والنفط بقيمة اكثر من مئة مليار دولار.

وفي حال تم هذا الاتفاق، سيكون احد اهم العقود التي تبرمها ايران مع الخارج، بينما تلتزم طهران عادة الحذر من عقد صفقات كبيرة مع دول اخرى.

في الوقت نفسه، تسعى طهران الى الحصول على حماية الصين في مجلس الامن.

ويقول فيكتور شوم الخبير في الشؤون النفطية لدى شركة quot;بورفين اند جيرتزquot; للاستشارات في مجال الطاقة ان quot;ايران والصين كانتا +تتغازلان+ في مجال النفط والغازquot;. ويضيف ان quot;الصين قلقة بشأن ضمان تزويدها (بالطاقة) لذلك سعت الى تحفيز الاستثمار وتطوير العلاقات مع الدول المنتجةquot; في هذا الاطار.

ويرى تشينغ ان بين الصين ودول العالم الثالث علاقة تقليدية تسعى من خلالها الى الحؤول دون تدخل الدول القوية في شؤونها الداخلية.

وتتلاقى الصين مع رغبة هذه الدول في ان تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، خصوصا انها ناضلت مائة عام وحتى سنة 1949 للتخلص من الاحتلال الاجنبي واقامة دولة تتمتع بسيادة.

وفي الوقت ذاته، تقف الصين الى جانب الولايات المتحدة في معارضتها لانتشار الاسلحة النووية خشية منها ان تؤدي زعزعة الاستقرار في العالم الى منعها من تحقيق اهدافها على الامد الطويل والمتمثلة في رفع مستوى معيشة مواطنيها والابقاء على الحزب الشيوعي في الحكم في آن معا.

ويضيف تشينغ ان بكين تخشى ايضا ان يؤدي انتشار الاسلحة النووية الى ازدياد الاعمال الارهابية. كما تخشى بكين ان يحصل الاويغور (الصينيون المسلمون) الذين يسعون الى انشاء دولة منفصلة في منطقة كسيجيانغ على اسلحة او اي دعم آخر من الناشطين الاسلاميين.

وامس الخميس، انتقدت الصين استئناف ايران لبرنامجها النووي المثير للجدل وحثتها على العودة الى طاولة المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي. لكن الصين تعارض تقليديا فرض عقوبات تعتبرها مواجهة غير ضرورية في النزاعات الدولية.

وقال وزير الخارجية الصيني جاو جيانغ في مؤتمر صحافي خلال زيارة الى طهران في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ان العقوبات quot;ستجعل حل المسالة اكثر تعقيدا وصعوبةquot;.

لكن الصين تتجنب عادة استخدام حق النقض ضد القرارات التي تقترحها الولايات المتحدة والتي تعارضها بكين كي لا تبدو وكانها في مواجهة مباشرة مع واشنطن.

ويقول تشينغ انه في مثل هذه الحالة، من المتوقع ان تسعى بكين الى حث الجانبين على التمسك بالحوار في محاولة منها لعدم اغضاب اي طرف.

ويعتبر الخبير انه اذا وصل الامر الى التصويت على العقوبات، سيكون السيناريو الاكثر ترجيحا هو ان تمتنع الصين عن التصويت وهو الطريق الاكثر امانا للخروج من هذه المعضلة.