إقرأ أيضا
رشوة وشراء أصوات وتمويل خارجي
مجدلاني لـإيلاف: الدعاية الانتخابية غير نزيهة

إيلاف تلتقيمرشحا علنيا في مكان سري
أغرب حملة انتخابية لأقدم مطارد فلسطيني

الملصق الانتخابي لابي شحاده
أسامة العيسة من القدس: يخوض محمد شحادة (43 عاما)، المرشح للفوز بمقعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، ما يمكن اعتباره، اغرب حملة انتخابية، بسبب ظروف المطاردة التي يعيشها. ويعتبر شحادة الذي يطلق عليه محبوه (أبو شحادة) اقدم مطلوب فلسطيني لسلطات الاحتلال، فهو مطلوب لهذه السلطات منذ اكثر من 12 عاما، ونجا خلال السنوات الماضية من عدة محاولات اغتيال، ويعتبر أمثولة في أساليب الاختباء، وانكشفت مجموعات من المستعربين، اكثر من مرة، من خلال عمليات اقتحام استهدفت اغتياله. ويتمتع أبو شحادة بشعبية جارفة، ويكاد يكون المرشح الوحيد الذي يعتمد في حملته الانتخابية على التبرعات، والمتطوعين الذي يقودون حملته الانتخابية ومن بينهم مجموعة من المطاردين الذي يرافقونه ويتولون حمايته.

ويقدم ميسورون ومعدمون تبرعات لابي شحادة، تعبيرا عن تعاطفهم معه، بينما تشكل سيرته الحياتية والكاريزما التي يتمتع بها إعجابا من الشبان المفتونين بالأفكار الثورية وأحلام تغيير العالم.

وفي حديث مع إيلاف، تأجل اكثر من مرة بسبب ظروف أبو شحادة الأمنية واجري في مكان سري، قال بأنه يفاجيء الجمهور في تجمعات عديدة، بحضوره، برفقة المسلحين الذين يتولون حمايته، ويستطيع أن يوصل فكرته لهم، في وقت قصير ثم يغادر المكان، لأسباب أمنية.

ابو شحادة في مهرجان جماهيري خلال الانتفاضة
يمكن للقارئ أن يتصور كيف يلتقي هذا المرشح بجمهوره وهو مهدد بأية مفاجأة من قوات الاحتلال يمكن أن تضح حدا لحياته، وكيف يتحدث بشكل محسوب، وعليه أن ينهي كلامه ويغادر عندما تاتيه أية إشارة من مرافقيه. ويستخدم أبو شحادة الوسائل الحديثة في التواصل مع الجماهير، ويتحدث معهم عبر الهاتف، بحيث يكون مؤيدوه اعدوا مسبقا لاجتماع ما في مكان معين، ثم يتحدث هو ويتم بث صوته عبر سماعات كبيرة، وفي أحيان كثيرة وعبر هذه التقنية يرد على أسئلة الجمهور.

وردا على سؤال كيف سيقوم بدوره كنائب إذا تم انتخابه، للمجلس التشريعي، قال أبو شحادة إنه يعيش في القرن الواحد والعشرين، وسيتواصل عبر التكنولوجيا الحديثة ليس فقط في المجلس، ولكنه أيضا يتواصل الان مع العالم عبر الإنترنت. وافتتح مؤيدو أبو شحادة مقرا انتخابيا له، ولكنه لا يتواجد فيه، ويزور المقر، لفترات قصيرة جدا، وفي أوقات متباعدة، ويشغل مؤيدوه أشرطة فيديو يتحدث فيها أبو شحادة، وأفلام لمقابلات له لمحطات التلفزة.

ويتنقل أبو شحادة من مكان إلى مكان من دون أن يفارقه سلاحه الكلاشنكوف، واصبحت ملامحه المتواضعة ولحيته الكثة، معروفة للكثيرين، الذين إذا ما شاهدوه يهرعون إليه، خصوصا وانه وجوده في مكان ما عادة ما يكون مفاجأة.

وعندما أجريت معه هذه المقابلة في ظروف معقدة، حضر أبو شحادة بسلاحه مع مرافقيه الظاهرين والمختفين، على دفعات، بالإضافة إلى مستشاره الإعلامي، وهو صحافي وصديق شخصي مقرب له، واخرين من رفاقه وجميعهم مطلوبين لسلطات الاحتلال ويعيشون نفس ظروفه. وقال رفيقه المطارد عاطف الكامل quot;عشنا مع ابي شحادة في غرف تحت الأرض مع القوارض، ودائما أعطى المثل في القائد المضحي، واستيقظت مرة ورايته وقد غطاني ومطارد آخر ببطانية، بينما جلس ينفخ داخل قميصه ليحصل على قليل من الدفءquot;.

ابو شحادة مع حارس
تلخص سيرة أبو شحادة، مسيرة جيل من الشعب الفلسطيني نشا في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وانخرط مبكرا في المقاومة، بأدوات بدائية، وفي عام 1980 التحق أبو شحادة بحركة فتح، وبعد عام اعتقل بعد تنفيذه عملية فدائية، وحكمت عليه محكمة عسكرية إسرائيلية، بالسجن لمدة 25 عاما، ولكن أطلق سراحه في عام 1985، في صفقة تبادل إطلاق الأسرى الشهيرة بين الجبهة الشعبية القيادة العامة وإسرائيل.

وانتمى أبو شحادة لحركة الجهاد الإسلامي، واصبح أحد رموزها، ولكنه تميز بتفكيره المستقل، ساعده في ذلك ثقافته وانفتاحه على التيارات الفكرية في العالم، حتى انه اختار عبارة لمفكر فرنسي لحملته الانتخابية الحالية وهي (لا وطن مع الظلم)، وهو يخوض الانتخابات بعيدا عن أية حركة سياسية.

واعتقل اكثر من مرة، وابعد عام 1992 إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني، وخلال مسيرته، تمكن أبو شحادة من أن يشكل قدوة لمجموعات شبابية، ومنذ أعوام يعيش مطاردا، وبعد انطلاقة انتفاضة الأقصى، اخذ يعيش تحت الأرض.

ويقر أبو شحادة انه اضطر لتغيير بعض عاداته في الظهور والاختفاء بعد أن قرر ترشيح نفسه، ولكنه ما زال يبتعد أن أي سلوك حياتي روتيني، لان في ذلك مقتلا للمطارد كما يقول، ولا يركب أية سيارة اكثر من مرة، ويعتمد على شبكة من المساعدين الذي يؤمنون وصوله إلى أي مكان وكذلك إخراجه منه.

ولا يعتبر أبو شحادة نفسه يمثل حركة أو حزب معين أو حتى تيار، قائلا بأنه أممي التفكير، وبان الأطر مهما كانت تشكل عائقا أمام التفكير الحر. وقال quot;أنا انتمي لكل الأحرار في العالم، وافخر بان مؤيدي من المسلمين والمسيحيين، والعلمانيين واليساريينquot;. واضاف quot;أسعى لتشكيل تجمع مفتوح يضم كل الأحرار، بغض النظر عن معتقداتهم وأفكارهمquot;.

ابو شحادة يتوسط اثنين من اتباعه
واعلن كثير من المطاردين عن دعمهم لابي شحادة رغم تعدد انتماءاتهم السياسية، ولا يخلو مقره الانتخابي من المؤيدين والمؤيدات، خصوصا من أمهات الأسرى والجرحى والشهداء.

وحول شعبيته لدى هذه الفئات قال أبو شحادة quot;انهم يرون أبنائهم في، ويرونني بمثابة الشهيد الحيquot;. واضاف quot;أنا منحاز لصف المظلومين من مختلف الفئات والشرائع التي تعاني القهر السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وسأحارب كل من يستقوي بالسلطة أو بسرقة أموال الناس، وسأبقى ملتزم بالوفاء لدماء الشهداءquot;.

ومثلما كان اللقاء انتهى، وغاب أبو شحادة متمنطقا سلاحه وفي جيوب سترته العديدة عدة كتب كما هي عادته، وانطلق إلى المجهول، وكأنه أحد أبطال الروايات التي يقراها.