شيراك يلتقط اليد السعودية الممدودة لفرنسا
نجاح سياسي فوري وحصاد اقتصادي مؤجل

اندريه مهاوج من باريس: مع عودته الى باريس في ختام زيارة الدولة الى المملكة العربية السعودية تعالت اصوات في المعارضة الفرنسية وفي تعليقات بعض الصحف الاقتصادية المتخصصة تشكك بنجاح هذه الزيارة وبجدوى السياسة الاقتصادية التي يعتمدها شيراك في الدفاع عن المصالح الفرنسية وفي ايجاد اسواق جديدة في مواجهة المنافسة الدولية خصوصا الاتية من بلدان انغلو ساكسونية .

وازاء واقع عدم تحقيق اختراقات كبيرة في السوق السعودية اكتفى الرئيس شيراك على مدى ثلاثة ايام بلعب ورقة التفاهم والحوار بين الثقافات كوسيلة للحصول في المستقبل على حصص في سوق المملكة التي تعرف انطلاقة اقتصادية واعدة من جراء زيادة مداخيلها النقدية والارباح الضخمة الناجمة عن ارتفاع اسعار النفط الى حدود قياسية .

واستنادا الى ما قاله شيراك امام اعضاء الجالية الفرنسية في السعودية والذي اختتم به لقاءاته امس يبدو ان الرئيس الفرنسي يراهن على المدى المتوسط والبعيد لجني ثمار سياسة التقارب الحضاري والثقافي مع المملكة السعودية . quot; ان المملكة العربية السعودية هي بلد يخفى فهمه من نظرة سطحية للامور وقد تعلمنا اكتشاف زواياه الخفية واعطاءه التقدير والحب اللذين يستحق بكل زواياه الخفية quot;.

هذه الزيارة انتهت من دون ان يتمكن اربعة عشر من كبار رجال الاعمال ومدراء الشركات الذين رافقوا شيراك من توقيع عقود ولكن قصر الاليزيه كان استدرك هذا الامر بالتاكيد ان الهدف الاساسي للزيارة ليس الحصول على عقود فورية وقد اعترف شيراك بعدم التوصل الى نتيجة حاسمة في المفاوضات على اكبرعقدين يتم التفاوض بشأنهما وهما مشروع مراقبة حدود المملكة وبيع طائرات رافال وقال ان الرياض تتابع بشكل فاعل دراسة مختلف الخيارات بشكل مفصل وعميق وسوف تتخذ القرارات التي تتناسب مع مصالحها وتابع قائلا ان الامور تتم في اجواء جيدة جدا بينما اعلنت رئيسة اتحاد ارباب العمل في فرنسا لورانس باريزو التي رافقت شيراك في هذه الزيارة انها لمست لدى السعوديين رغبة كبيرة في العمل معنا . ونخطئ اذا لم نستطع فهم هذه الرسالة ولكن المقاربة الزمنية في بلد مثل السعودية تختلف كليا على ما هي عليه في فرنسا في اشارة منه الى توخي اصحاب القرار في السعودية التروي وعدم الاسراع في حسم الامور واتخاذ القرارات الكبيرة .

بالمقابل يمكن القول ان زيارة شيراك استطاعت على الصعيد السياسي ترسيخ الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين منذ عام 1996 وقد تجلى التقارب في النظرة السياسية الى معالجة الملفات الساخنة مثل النووي الايراني ومستقبل الاوضاع الفلسطينية الاسرائيلية بعد فوز حماس في الانتخابات والعلاقات اللبنانية السورية والتطورات في العراق . وقد جاهر شيراك بصداقته الخاصة مع العاهل السعودي الملك عبدالله التي ادت الى بروز تناغم واضح في المواقف على الصعيد السياسي مرفق بارادة مشتركة في تخطي quot;صراع الحضاراتquot; الذي اطلق عليه شيراك تسمية quot;صراع الجهل quot; مضيفا ان كل واحد يعرف ان حرب الحضارات التي رافقتها عوامل لا تبشر بالخير هي الفخ الاكبر للعالم الجديد.

وبشأن ايران كان شيراك واضحا في التعبير عن خيبة امله من موقف طهران ولكنه لم يفقد الامل قائلا ان ايران بلد ذات حضارة قديمة وعريقة وينبغي وضعها امام مسؤولياتها.

وفيما صدر اعلان من وزير الخارجية السعودي عن زيارة مرتقبة لوفد من حركة حماس اتخذ شيراك موقفا شبه مؤيد من خلال تعبيره عن ثقته باحتمال اعتراف حركة حماس باسرائيل واعرب عن امله في ان يؤدي الحوار الذي بدأه البعض مع حماس الى نتيجة اساسية لان على الحركة الان ان تتحمل مسؤولياتها معبرا عن معارضته للعقوبات التي تلوح بها اسرائيل والولايات المتحدة لانها ستؤدي فقط الى الحاق الضرر بالشعب الفلسطيني.

في الختام يمكن القول ان شيراك كان يتوقع عدم النجاح في تحقيق الاختراق الاقتصادي المطلوب و هذا ما اشار اليه صراحة الناطق باسم الرئاسة الفرنسية قبل بدء الزيارة بيوم واحد اي يوم الجمعة الماضي عندما قال ان الغاية هي زيادة التعاون الاقتصادي على المدى المتوسط وتمكين فرنسا من مساعدة السعودية في عمليات التطوير الاقتصادي والنمو الذي تشهده المملكة . وانطلاقا من كل هذه الاستنتاجات ختم شيراك زيارته بالاشادة بالتوجهات الجديدة للملك عبدالله قائلا ان السعودية تغذي روح الطموح المشروعة لتسريع عملية النمو وزيادة اشعاعها في الخارج وتأمين امنها . وهي تمد يدها لنا ومن واجبنا ان نلتقط هذه اليد الممدودة .