القوات الاميركية تغلق سجن ابو غريب خلال 3 اشهر
عراقيون : المطلوب وقف التجاوزات لا الترحيل
أسامة مهدي من لندن: اعتبر عراقيون ان قرار القوات الاميركية في العراق يوم الخميس اغلاق سجن ابو غريب سيء الصيت بضواحي بغداد الذي ارتبط اسمه بفضائح التعذيب والاذلال الجنسي ليس هو المهم في هذه القضية وانما وقف هذه التجاوزات والاسراع في الانتهاء من التحقيق مع الاف المعتقلين واطلاق الابرياء منهم . واشارالعراقيون الذين تحثت معهم quot;ايلافquot; الى ان سجن ابو غريب الذي وصم quot;الديمقراطية الاميركيةquot; بالعار اصبح على مايبدو يشكل كابوسا للادارة الاميركية التي تدعي انها تريد نشر الديمقراطية في المنطقة انطلاقا من العراق الذي حررته من دكتاتورية الرئيس العراقي السابق صدام حسين ربيع عام 2003 . واضافت ان على القوات الاميركية ان تحاول الاسراع في الانتهاء من التحقيق مع الاف المعتقلين في هذا السجن من دون محاكمة منذ اكثر من ثلاث سنوات .
واكد رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال بيتر باس ليل الخميس الجمعة ان المعتقلين العراقيين في سجن ابو غريب سينقلون الى سجن آخر يجري بناؤه حاليا. وقال الجنرال الاميركي انه سيعود الى الحكومة العراقية امر البت في اغلاق سجن ابو غريب. واوضح باس لصحافيين quot;لدينا خطط ونقوم ببناء مرافق جديدة لنقل معتقلي القوات الاميركي من ابو غريبquot;. واضاف ان quot;سجن ابو غريب سيعود بذلك الى الحكومة العراقية بملكيته وادارته وستبت الحكومة بنفسها بموعد اغلاقه اذا قررت ذلكquot;.
وكان متحدث عسكري اميركي صرح الخميس ان الجيش الاميركي سينقل في الاشهر الثلاثة المقبلة 4537 سجينا من سجن ابو غريب الى سجن آخر اقيم في معسكر كروبر قرب مطار بغداد. وقال متحدث اميركي في بيان quot;سننقل العمليات من ابو غريب الى كامب كروبر الجديد بعد انتهاء اعمال بناء مركز جديد للاعتقالquot; واوضح انه quot;لم يتم تحديد موعد لذلك لكن الخطة يفترض ان تطبق خلال شهرين او ثلاثة اشهرquot;. وقال المتحدث باسم الجيش الاميركي اللفتنانت كولونيل باري جونسون ان معتقل ابو غريب سيسلم الى السلطات العراقية، التي ستقرر ما ستفعله به.
وفي واشنطن قال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية quot;لبنتاغونquot; إنه لا يوجد جدول زمني وأن مدة الشهرين أو الثلاثة إنما فيها تفاؤل أكثر مما ينبغي واضاف إن معتقل أبو غريب سيتم تسليمه إلى السلطات العراقية ولا يعرف إلى ماذا سيؤول مصيره. وكان السجن الذي يقع في غرب بغداد مركزا للتعذيب في عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قبل أن تمنحه صور لجنود امريكيين وهم يسيئون للمعتقلين في عام 2003 بعدا جديدا لسوء سمعته.
ومعسكر كروبر هو مركز احتجاز في القاعدة العسكرية الامريكية بمطار بغداد ويقع قرب ابو غريب. ويضم المعسكر حاليا 127 فقط من السجناء quot;المهمينquot; بينهم صدام حسين ذاته. ويقول مسؤولون عسكريون اميركيون ان بناء سجن لخدمة غرض محدد في معسكر كروبر سيوفر اوضاعا افضل للعراقين المحتجزين للاشتباه في انهم من المسلحين. وتحتجز القوات الامريكية في الوقت الراهن 14589 سجينا في اربعة سجون بالعراق اكثر من نصفهم في معسكر بوكا في الجنوب.
المعتقلات الأميركية في العراق
تحتجز القوات الأمير كية السجناء العراقيين في ثلاث منشآت رئيسة وهي سجن أبو غريب ومعسكر بوكا جنوب العراق ومعسكر كروبر إضافة إلى سجون ميدانية مؤقتة.ومن بين السجون الميدانية المؤقتة غير المشهورة سجن يسميه بعض العراقيين quot;الديسكوquot; في مدينة الموصل شمال العراق لأن الجنود الأميركيون يرفعون صوت الموسيقى الصاخبة ويرغمون المعتقلين على الرقص.
وقالت الضابطة السابقة في وحدة 101 التابعة للجيش الأميركي في العراق، كيلي ويليامز، التي كانت تعمل مترجمة بسجن في الموصل، وهو على الأغلب سجن الديسكو المذكور بأنها كانت تستهزئ من القدرة الجنسية لمعتقل عراقي وتسخر من حجم عضوه التناسلي.
من جانبها، ذكرت منظمة quot;هيومان رايتس واتشquot; لحقوق الإنسان، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أن الانتهاكات مستمرة في هذه المنشآت المؤقتة، التي هي عبارة عن سلسلة عربات مقطورة تحيط بها أسلاك شائكة. وأشارت ديبورا بيرلستاين، مديرة برنامج القانون والأمن الأمريكي بالمنظمة، إلى أن معدلات أعداد المعتقلين حاليا في العراق تقارب نظيراتها المسجلة في أواخر عام 2003.
ويذكر أن هنالك الكثير من الادعاءات عن انتهاكات خطرة ترتكب داخل السجون التي تديرها السلطات العراقية.
فقد أكد الدكتور ليث كبة المتحدث باسم الحكومة العراقية في وقت سابق عن quot;إحالة وزير الداخلية مؤخرا أربعة ضباط مسؤولين عن حالات تعذيب وضرب، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم.quot; من جهته، قال عبد الحسين شندل، وزير العدل العراقي إن السجون العراقية تضم حوالي عشرة الاف معتقل عراقي من دون توجيه تهم لهم لفترة قد تمتد إلى أشهر وأضاف أن الحكومة العراقية طالبت القوات الأمريكية بإخلاء سبيل جميع هؤلاء المحتجزين .
وقد قيل الكثير عن تصنيف المعتقلين، بعضهم عدّ إرهابيا، وبعضهم صنّف خارجا عن القانون أو متمردا، بينما يدّعي آخرون أنهم مجاهدون. وصنف الدكتور ليث كبه السجناء العراقيين على أساس اتهامهم quot;بجرائم إرهاب أو جرائم عاديةquot;. وأوضح بأن العملية القانونية تسير بثلاث طرق: quot;إما أن يحال المعتقلون إلى المحاكم، أو يطلق سراحهم، أو ينظر لاحقا في قضاياهم إذا كانت معقدة.quot; وأضاف بأن القضايا المعقدة تشمل quot;الذين يعدون خطرين حسب قناعة المحققين، لكن الأدلة ضدهم غير كافية. ونظرا إلى عدم وجود أجهزة أمنية كافية لمتابعتهم، فإن إبقائهم في السجن أفضل من إطلاق سراحهم، لأن الوضع الأمني قد يتفاقم.quot;
وفي تصنيف آخر، يقول اللفتنانت كولونيل غي روديزيل لسي ان ان إن المعتقلين على ثلاثة أنواع:
1- - المحتجزين الإجراميين الذين اعتقلتهم قوات التحالف لارتكابهم جنحا حسب قانون العقوبات العراقي.
2- المحتجزين الأمنيين المعتقلين في ضوء قرار مجلس الأمن المرقم 1546، لأنهم يعدون تهديدا إلى أمن واستقرار العراق.
3- أسرى الحرب الأعداء وهم الأشخاص الذين تنطبق عليهم المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بحماية أسرى الحرب، والمشتركين بأعمال عدائية بسبب أوامر من حكومتهم، وتم على أثرها اعتقالهم.
ويشير روديزيل الى إن هنالك 11 أسير حرب عدو من بين المعتقلين ذوي الأهمية العالية، الذين تحتجزهم القوات الأميركية في معسكر كروبر الواقع قرب مطار بغداد الدولي. وتم اعتقال أسرى الحرب الأعداء هؤلاء quot;خلال النزاع المسلح الأخير قبل حصول العراق على استقلاله وسيادته، وقبل تأسيس الحكومة العراقية الانتقالية.quot; ومصطلح أسير حرب عدو quot;يستخدمه الجيش الأميركي إذا ما اعتقل عدوا، لكن في حال أسر جندي أمريكي، فإننا نصنفه أسير حرب،quot; حسب تصريح روديزيل.
وتقول المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ندى دوماني، بأن quot;التسمية القانونية لأسير الحرب العدو غير موجودة إطلاقا، لكن هنالك أسرى الحرب في حالة النزاعات الدولية المسلحة، حسب اتفاقية جنيف الثالثة.quot; ويذكر أن تصنيف أسرى الحرب يندرج ضمن شروط معينة من ضمنها أن يكون أحد quot;أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة.quot; أو أن يكون أحد quot;أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً... بما فيها حركات المقاومة المنظمة.quot;
سجن أبو غريب
يقع سجن أبو غريب على بعد 32 كيلو متراً غرب بغداد، وهو الذي اشتهر إبان عهد صدام بممارسات التعذيب والتصفية بحق السجناء السياسيين. وتفجرت في السجن فضيحة مدوية لانتهاكات واسعة النطاق بحق المعتقلين، إثر نشر التقرير الذي قدمه الصليب الأحمر الدولي للإدارة الأميركية، ويحوي وصفا دقيقا لأحوال المعتقلين، وذكر فيه أن معاملة السجناء موازية لدرجة التعذيب.
ونشر بعدها تقرير أعده اللواء الأمريكي، أنطونيو تاغوبا، الذي تناول quot;عدة حوادث من الممارسات السادية والوقحة وجرائم الاستغلال الفاسقةquot; لعراقيين معتقلين في أبو غريب، وquot;خروقات خطيرة للقانون الدوليquot;، بحسب ما جاء في التقرير.
ونُشرت التحقيقات للمرة الأولى في مجلة نيويوركر حيث أشار تقرير quot;تاغوباquot; لانتهاكات حدثت في سجن أبو غريب في الفترة ما بين منتصف 2003 وبداية 2004. وشملت الانتهاكات بحق المعتقلين من العراقيين، الممارسات الجنسية والضرب والتهديد، وسكب الماء البارد على أجسامهم العارية، وربط أطرافهم، وإجبارهم على المثول في أوضاع غير لائقة، وغيرها من الانتهاكات التي وثقتها صور التقطها أفراد الجيش الأمريكي للسجناء، وتكشفت تباعا.
وقد صنف quot;تاغوباquot; ممارسات التعذيب المستخدمة إلى عدة أصناف، مثل تسجيل وتصوير السجناء عراة، سواء أكانوا نساء أم رجالا، وإرغام المعتقلين من الرجال على ارتداء ملابس داخلية نسائية، والاعتراف بأن أحد مسؤولي الحراس اغتصب معتقلة، إضافة إلى وصف الضرب والصفع والقفز في بعض الأحيان على أقدام المعتقلين الحافية.
وأعلن الجيش الأمريكي عن عدة إصلاحات في سجن أبو غريب بعد كشف فضيحة الانتهاكات، ومنها حظر تغطية رؤوس المعتقلين، وحرمانهم من النوم أو بقائهم في أوضاع غير مريحة، إضافة إلى منع التماس الجسدي معهم، وتحديد مدة الاستجواب بما لا يزيد عن ست ساعات، وتقليل عدد المسجونين. وأجرى الجيش الأمريكي عددا من المحاكمات العسكرية لعناصره المتورطة في الفضيحة، انتهى بعضها إلى عقوبات جنائية وتأديبية. وقرر الجيش الأمريكي تسريح 17 عسكريا أمريكيا من الخدمة في شباط (فبرياير) عام 2004 .
وفي وقت لاحق، صدرت أحكام قضائية بالسجن ثماني سنوات ضد السيرجنت إيفان فريدريك، وبالسجن عشر سنوات للجندي الأمريكي تشارلز غرانز، وبالسجن عاما للجندي جيريمي سيفتس. كما وجه الجيش الأمريكي تأنيبا لستة من جنوده، وخطاب لوم إلى زميل آخر، إضافة إلى مواصلة محاكمة عناصر أخرى.
وفي نيسان (ابريل) الماضي، برّأ الجيش الأمريكي ساحة أربعة من كبار قادته، من بينهم الفريق quot;ريكاردو سانشيزquot; من ارتكاب أخطاء في فضيحة انتهاكات سجن أبو غريب.
وقال مسؤول، رفض الكشف عن هويته، إن التحقيق خلص إلى quot; ثبوت صحة اتهامات الإهمال في أداء الواجبquot;، بقضية العميد quot;غنيس كاربنسكيquot; التي كانت تقود اللواء 800 في الشرطة العسكرية حيث ارتبط اسمها بفضيحة أبو غريب. وأضاف المسؤول أن كاربنسكي لن تواجه اتهامات جنائية، ولكنها تلقت خطاب تأنيب رسميا من جنرال كبير بالجيش، وأعفيت من مهامها القيادية. ولكن بعد الفضيحة، لا يزال سجن أبو غريب هدفا لهجمات المسلحين بالعراق، كما تنشب به أعمال شغب مستمرة بين المعتقلين والجنود الأمريكيين.
وكان أحدث فصل في مسلسل انتهاكات وخروقات حقوق الإنسان التي ما زال يشهدها العراق هو اكتشاف القوات الأمريكية نحو 175 معتقلا في ظروف صحية مزرية في مركز اعتقال تابع لوزارة الداخلية العراقية بضاحية الجاذرية جنوب بغداد في تشرين الثاني (اوفمبر) عام 2005.
معسكر بوكا :
أقامت القوات الأمريكية معسكر اعتقال quot;بوكاquot; في جنوب العراق بعد فترة قصيرة من الغزو الأمريكي للعراق في آذار (مارس) عام 2003 لإيواء الأسرى من القوت العراقية في المراحل المبكرة من الحرب.
ويقع المعسكر- الذي يضم في إحصاء غير رسمي نقلا عن تقارير صحفية استشهدت بمسؤولين أمريكيين، حوالي ستة آلاف معتقل - في البصرة قرب الحدود الكويتية. وقال متحدث عسكري أميركي مؤخرا أن المعتقل يأوي حاليا quot;معتقلين أمنيينquot; أكثر من مجرمين اعتياديين.
وتؤثر أحداث العنف والشغب على الانتهاكات التي تلحق بالمعتقلين في المعسكر، حيث شهد المعسكر في نيسان (ابريل) الماضي أحداث شغب أسفرت عن إصابة أربعة من الحرس و12 سجينا، قبل السيطرة على الاضطرابات. وفي آذار (مارس) الماضي، اكتشفت القوات الأميركية نفقا بطول 600 قدم في المعسكر يمتد من الداخل إلى الخارج شقه المعتقلون في محاولة للهروب.
وقد أشار تقرير quot;تاغوباquot; أن هنالك أكثر من 26 حالة هروب أو محاولة هروب من السجون التي تديرها القوات الأميركية، خاصة في سجن أبو غريب ومعسكر بوكا، اللذين وصفهما quot;بأنهما يعملان فوق طاقتهما، في الوقت الذي لا يكفي عدد الحراس لتوفير الحماية المطلوبة لهما.quot; ومطلع العام الماضي أدى شغب بذات المعتقل إلى مصرع أربعة سجناء، وجرح ستة عناصر من القوات الأمريكية.
ويذكر أن الجيش الأميركي تلقى أوامر مؤخرا بإرسال 700 مظلي من الكتيبة 82 ، من أجل توفير الحماية والأمن داخل وحول سجن أبو غريب. وفي ظل التصريحات الأميركية الأخيرة بشأن بقاء القوات الأميركية لأربعة أعوام قادمة، ستستمر هذه السجون والمعسكرات على الأغلب في العمل في خضم التقارير الكثيرة التي تفيد بإنشاء سجون جديدة في العراق .
التعليقات