إيلاف ndash; الرياض : ذكرت صحيفة الفايننشال تايمز في افتتاحيتها ليوم يوم السبت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قام بخطوة جريئة أيقن الكثيرون أنه لن يقدر عليها؛ فقد أعطى حركة حماس مدة 10 أيام فرصة للتفكير فيما إذا كانت ستقبل بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية, وإلا فإنه سيجري استفتاءً عاماً من المؤكد أنه سيربحه. وتمثل هذه خطوة سياسية من شأنها أن تحول النزاع في الشرق الأوسط.

ولن تمثل هذه الخطوة إنذاراً نهائياً للمعترضين من الجانب الفلسطيني وحسب, بل إنها تمثل كذلك تحدياً للسياسة الاسرائيلية التي تحاول أن تستولي على الأراضي العربية المحتلة عام 1967. وهذا يدفع الوسطاء الدوليين إلى إعادة إحياء المفاوضات ضمن إطار برنامج الأرض مقابل السلام الذي أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وإلى أن تقدم عباس بهذه الخطوة, كانت دولة اسرائيل هي المسيطرة على الوضع الدبلوماسي. وكانت حكومة إيهود أولمرت الجديدة قد انتُخبت على أساس التزامها بتأسيس حدود جديدة ودائمة لدولة اسرائيل أكثر توسعاً. وهذا يتطلب الاستيلاء على ما يقارب نصف الـ 22% من الأراضي الفلسطينية التي قبلت منظمة التحرير أن تقيم دولتها عليها.

وتتابع الصحيفة أنه مع اندلاع الانتفاضة الثانية والمراوغة في قرارات ياسر عرفات كان باستطاعة شارون الادعاء بأنه لا يجد شريكاً للتفاوض معه بشأن السلام. وحينما استلم عباس الحكم لم يتفاوض معه الاسرائيليون وواصلوا بناء جدار الفصل على الأراضي الفلسطينية, وعزلوا القدس الشرقية, كما أغلقوا وادي الأردن. وفي أبريل من العام 2004, منح الرئيس جورج بوش عدداً ضخماً من أراضي الضفة الغربية للاسرائيليين. وفي الأسبوع الحالي أعطى بوش دعماً مشروطاً لاستراتيجية أولمرت التي تدعو إلى الاستقلالية في السياسة الخارجية, مضيفاً أنه حاول التحدث إلى عباس من قبل. ويبدو أن هذه الديناميكية تغيرت الآن.

كيف يمكن للاسرائيليين أن يزعموا أنهم لا يجدون مفاوضاً في عملية السلام في الوقت الذي يدعم فيه معظم الفلسطينيين التفاوض والحل القائم على تأسيس دولتين؟

تعتمد الخطة التي قدمها عباس على وثيقة صاغها مروان البرغوثي ومُوقّعة من قبل قيادات حماس الموجودين في السجون الاسرائيلية. وهذا يضيف ثقلاً أخلاقياً, إضافة إلى الثقل السياسي, إلى المجتمع الفلسطيني.

وإذا نجحت خطط عباس فإن حماس إما ستلتزم بالشروط أو أنها ستكون مجبرة على القبول بنتيجة الإنذار النهائي الذي يتضمن الاعتراف الفعلي بدولة اسرائيل ضمن حدود 1967. ودعت خطة الأسرى إلى أن تصبح حماس عضواً في منظمة التحرير (التي تعترف بدولة اسرائيل), كما دعمت المبادرة العربية للسلام عام 2002 للاعتراف بدولة يهودية ثابتة الحدود.

وهذا يضع الكرة في الملعب الاسرائيلي, وهناك الكثير الذي لن يقبلوا به. فعلى سبيل المثال, لن يقبل الاسرائيليون بعودة أكثر من 4 ملايين لاجئ إلى بلادهم. ولكن المبادرة العربية للعام 2002 كانت قد اقترحت quot;حلاً وسطاquot; لقضية اللاجئين يقدم تعويضاً لهم بدلاً عن حق العودة.

وفي المقابل, تدعم الغالبية الاسرائيلية المحافظة على المستعمرات الرئيسية. وفي حال نجح عباس في دفع حماس إلى طريق المفاوضات, فإن ذلك الإجماع لا بد من أن يُعاد تقييمه. ولأنه طال النقاش في هذا الأمر, فإن أمن اسرائيل بعيد المدى يكمن في حل النزاع وليس في المحافظة على المستعمرات.