بغداد-وكالات: يمثل رئيس النظام العراقي المخلوع صدام حسين وستة من رموز نظامه أمام القضاء العراقي اليوم بموجب الجرائم التي ارتكبها ضد السكان العراقيين في ما عرف بقضية (الانفال). و بحسب الناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية العراقية فإنه سيتم تبليغ كافة ذوي العلاقة بالموعد المحدد للمحاكمة، وفقاً لأحكام القانون العراقي.

وكان الإدعاء العام قد وجه اتهاماً رسمياً إلى الرئيس المخلوع ورموز نظامه، في الرابع من أبريل/ نيسان الماضي، بارتكاب مجازر جماعية بحق الأكراد. وقال قاضي التحقيقات رائد جوحي في ذلك الوقت: quot;نعلن لشعبنا ولضحايا النظام السابق، أن التحقيق انتهى في قضية الأنفال، وأن الأشخاص السبعة المتهمين بالإبادة الجماعية وبجرائم ضد الإنسانية، أحيلوا إلى المحاكمة.quot;

وتتهم المحكمة الجنائية العراقية العليا، صدام حسين بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الأكراد في شمال العراق، في إطار حملة quot;الأنفالquot; العسكرية، التي قام بها الجيش العراقي بين العامين 1987 و1989، والتي يعتقد أنها أسفرت عن مقتل نحو مائة ألف شخص من الأكراد، بالإضافة إلى تدمير ما لا يقل عن ثلاثة آلاف قرية.

و كان المجتمع الدولي دان قمع الشعب العراقي وبخاصة الاكراد اذ أصدر مجلس الامن الدولي عام 1991 القرار رقم (688) الذي ندد بشدة عمليات قمع المدنيين العراقيين والاكراد وطالب المجلس بوضع حد لذلك مشيرا الى ان نتائج القمع تهدد السلام والامن الدوليين. كما اصدر المجلس بيانين آخرين في ال 11 من مارس و ال 23 من نوفمبر عام 1992 تلاهما رئيس مجلس الامن الدولي في ذلك الحين اعرب فيهما عن قلق المجلس البالغ ازاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان التي ارتكبتها حكومة العراق ضد شعبها ولا سيما في المنطقة الشمالية (كردستان) من العراق ومراكز الشيعة في الجنوب واهواره.

و تشمل المحاكمة 6 آخرين من رموز النظام، كانوا يتولون مناصب رئيسية إبان حملة الأنفال، وفي مقدمتهم علي حسن المجيد، المعروف باسم علي الكيماوي، والذي كان يشغل منصب أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي، والذي كان مخولاً صلاحيات خاصة يمارسها على شمالي العراق تعادل صلاحيات الرئيس. كما تضم قائمة المتهمين وزير الدفاع العراقي السابق سلطان هاشم أحمد، القائد العسكري للحملة، وصابر عبد العزيز الدوري؛ رئيس الاستخبارات العسكرية. ومن بين المتهمين أيضاً، حسين رشيد محمد التكريتي، عضو القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية والقائم بالعمليات، وكذلك طاهر توفيق العاني، عضو القيادة العامة لحزب البعث، محافظ الموصل في ذلك الوقت، وفرحان مطلق الجبوري قائد الحرس الجمهوري، ومسؤول الاستخبارات العسكرية في شمالي العراق.

وتتشكل هيئة المحكمة من خمسة قضاة، وتعقد جلساتها برئاسة القاضي عبد الله العامري. وسوف يحضر جميع أعضاء فريق الدفاع عن المتهمين في قاعة المحكمة، وهم نفس الفريق الذي تولى الدفاع عن صدام في قضية الدجيل. ويتوقع أن يمثل أمام محكمة الأنفال ما بين 120 و140 من شهود الإثبات، بناء على طلب الإدعاء، وسوف يقدم فريق الدفاع قائمة بأسماء شهود النفي، بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

هيومان رايتس تطالب بمحاكمة نزيهة

من جانب آخر، طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان، المحكمة الجنائية العراقية العليا، بتوفير الضمانات لإجراء محاكمة نزيهة للرئيس العراقي المخلوع ومعاونيه، في قضية الأنفال. وقالت المنظمة في بيان لها، إن المحكمة العراقية يجب أن ترفع مستوى أدائها، إذا أرادت أن تقيم العدالة في قضية الأنفال، والتي يتهم فيها صدام حسين وعلي حسن المجيد بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

وبناء على مراقبة شاملة لسير المحاكمات الأولى في قضية الدجيل، التي اتهم فيها صدام حسين وسبعة آخرون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تعتقد هيومان رايتس ووتش أن المحكمة العليا العراقية quot;عاجزة في الوقت الحالي عن النظر في قضية إبادة جماعية بنزاهة وفعالية، طبقاً للمعايير الدولية والقانون الجنائي الدولي.quot; وأكدت هيومان رايتس أن مراقبتها لمحاكمات الدجيل، التي نسب فيها إلى المتهمين، الأمر بقتل قرويين من الدجيل، إثر محاولة اغتيال فاشلة لصدام حسين، مواطن ضعف وقصور خطيرة في عمل المحكمة.

وأوضحت أنه بدا لها أن أي من القضاة والمحامين قد أظهر فهماً للقانون الجنائي الدولي. كما كانت إدارة المحكمة quot;فوضوية وقاصرة، مما جعلها تعجز عن إجراء محاكمات بهذا الحجم بنزاهةquot;، حسب بيان المنظمة. وأضاف أن المحكمة اعتمدت بصورة مكثفة، على شهود مجهولين، إلى حد أنها حجبت عن المتهمين الحق في مواجهة شهود الإثبات ضدهم، واختبار أدلتهم بصورة فعالة.

كما أشار البيان إلى أن مواطن الضعف التي شابت المحاكمة، تزامنت مع التدهور الحاد للأجواء الأمنية في العراق، بما في ذلك فشل المحكمة في حماية محاميي الدفاع الذين تعرض عدد منهم للاغتيال.