مثل المراهق الذي لا يريد تنظيف غرفته, لا يريد الرئيس ترك العراق. تصفه بذلك الكاتبة جون فينوتشي قائلة أن جورج و. بوش يبدو كالمراهق الذي يملؤه التحدي.

كان المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس حلقة أخرى للثائر الذي يحمل قضية لم يعد يؤمن بها سوى عدد ضئيل من الأميركيين.

يتعهد بوش, أو أنه يهدد, قائلاً: quot;لن نرحل طالما بقيت أنا الرئيس.quot;

وباعترافه أن التأييد الشعبي لهذه الحرب في تضاؤل مستمر, قال الرئيس: quot;إنها أوقات تحدٍ, وهي أيضاً أوقات عصيبة, وهؤلاء يثقلون على روح البلاد.quot; ولكن كما أشار السناتور جون كيري فإن quot;المشكلة ليست في الروح الأميركية, بل في السياسة المشؤومة لهذه الإدارة في العراق.quot; وفي الحقيقة, فإن الروح الرئاسية, وليست الروح الوطنية, هي التي تمثل مشكلة كبرى.

وتقول فينوتشي في صحيفة بوسطن غلوب الأميركية أن بوش العنيد لن يترك العراق, والأسوأ من ذلك أنه لن يعترف بالأخطاء المتعلقة بإحضارنا هناك في المنزلة الأولى أو بأخطائه العسكرية بما أنه يحكم علينا, حينما يتعلق الأمر بتنفيذ المهمة, أن نقطع نفس الدرب المُضلَّل طالما بقي في البيت الأبيض.

ماذا على الشعب أن يفعل؟ أن يُجلِس القائد الأعلى طيلة الفترة المتبقية من ولايته؟

يريد بوش ndash; أو بالأحرى كارل روف ndash; أن تبقى العراق موضوع نقاشات حاسمة في الانتخابات القادمة. إنهم يراهنون عليها. إذ يعتقدون أن بإمكانهم أن ينجزوا رغم الصعاب أغنية ورقصة جمهورية مرة أخرى, فهم يثيرون الخوف في البلاد ويهمّشون أولئك الذين يعترضون على الحرب في العراق باعتبار انتمائهم إلى الجناح اليساري الذي لا يدرك الطبيعة الحقيقة لخطر الإرهاب.

إن السبب الجوهري الذي تطرحه هذه الرئاسة للبقاء في العراق ما زال نفس السبب القديم, وبات الناس متعبين منه.

اعترف بوش خلال المؤتمر الصحفي بأن ليس للعراق صلة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الإرهابية. كما اعترف بأن quot;البعض لا يظنون أنه يجدر بنا أن نكون هناك في المنزلة الأولى.quot; لكن الرحيل الآن quot;قبل أن تكتمل المهمة سيبعث برسالةٍ خاطئة إلى العدو وسيخلق عالماً أكثر خطراً... ستكون الفوضى في العراق مقلقة للغاية في المنطقة.quot; ليس عليك أن تكون وزير خارجية الولايات المتحدة لتستنتج أن المنطقة تبدو مزعزعة. لقد بُتِرت فترة الصيف بمشاهد المجازر في الحرب بين إسرائيل وحزب الله, وذلك ما دفع بأخبار العراق اليومية بعيداً عن الصفحة الأمامية, لكنه لم يمحُ إدراك البلاد لما يحدث في ذلك البلد المتفجر.

ما زلنا نسمع القيادة المركزية الأميركية تعترف بأن حرباً أهلية قد تنشب في العراق. وكما شهد الجنرال جون أبي زيد أمام اللجنة العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ: quot;أعتقد أنه من المحتمل أن يكون العنف الطائفي بالسوء الذي رأيته, وفي بغداد خاصة, وإذا لم يتوقف فمن المحتمل أن تسير العراق نحو حربٍ أهلية.quot;

وكما نرى وجوه الجنود التي تظهر بكثرة على صفحات جرائدنا وشاشاتنا التلفزيونية, فإن المحظوظ منهم أصيب بإعاقاتٍ لكنه حي, الأسوأ حظاً لقوا حتفهم, ولم يعودوا يتحدوا آباءهم في القيام بالواجبات المنزلية.

وبالنظر إليها جميعا, تجعل تلك الصور من الصعب أن يتصور المرء لهفة السياسيين من كلا الحزبين على تبني موقف بوش في العراق. فقد خسر السناتور الأميركي جوزيف ليبرمان الانتخابات الديمقراطية في كونيكتيكت, نظراً لتأييده سياسة بوش في العراق. والآن بينما يخوض الانتخابات كمستقل, أصبح ليبرمان ينتقد بوش لعدم إرساله مزيداً من الجنود إلى العراق. وحتى أولئك الذين توصلوا بتردد إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تترك العراق للفوضى, يجب عليهم أن يرحبوا بخطة جديدة لإنجاز هذه المهمة.

قال بوش في مؤتمره الصحفي: quot;لن نترك العراق قبل أن تكتمل المهمة, وسنكمل هذه المهمة في العراق. ولا أستطيع أن أخبركم متى ستنتهي بالتحديد.quot;

ولا يمكن للرئيس أيضاً أن يخبرنا كيف.

حينما يتعلق الأمر بالعراق, يواصل بوش الثائر من أجل قضية خاسرة تحدي أمراً واحداً قبل كل شيء: المنطق.

ترجمة: سامية المصري
الرياض