مجلس العمل التحكيمي ضمان للعامل المصروفين
حرب إسرائيل في لبنان خلقت أزمة بطالة

ريما زهار من بيروت: لم تقتصر الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني على الخسائر المادية والأضرار الملموسة فقط، بل تعدتها لتشمل خسائر من نوع آخر تتمثل بفقدان العمال لوظائفهم في ظل دمار المصانع التي كانوا يعملون فيها وانعدام فرص العمل، الأمر الذي حمل ببعض أرباب العمل على صرف موظفيهم أو تخفيض أجرورهم. وعلى اعتبار أن أي عامل هو معيل لعائلته وعليه أن يضمن لها الحق الطبيعي بحياة كريمة، فكيف للعمال أن يطالبوا بحقوقهم في لبنان أمام هذا الوضع الاجتماعي الصعب؟ في هذا الإطار، يقول المحامي حكمت العيد (نائب رئيس حركة اليسار الديموقراطي) لـquot;إيلافquot; إن من يضمن حقوق العامل الذي صرف من عمله بسبب الحرب هو مجلس العمل التحكيمي، ويقدم شكوى ويتابعها، فاذا ظهر ان هناك صرفًا تعسفيًا يتم مقاضاة رب العمل، لكن الامر يتطلب وقتًا، قد يصل إلى سنة كاملة كحد أدنى.

ويقول العيد quot;يتوجب على العامل الذي صُرف من عمله ان يقدم دعوى إلى مجلس العمل التحكيمي خلال فترة شهر وبعد هذه الفترة لا يمكن ان يتقدم بدعوى صرف تعسفي. يضيف quot;ومجلس العمل التحكمي هو الذي يقرر اذا ما كان الصرف تعسفيًا، وفي حال وجوده يترتب على صاحب العمل ان يؤمن راتب للمصروف بمقدار شهرين او 12 شهر، اما اذا كان المصروف ضمن النقابة فله آلية مختلفة قانونيًا، ففي هذه الحال هو يحتاج الى اذن مسبق من مجلس العمل التحكيمي لصرفه، واذا لم يعط هذا الاذن المسبق فيكون قد خالف قاعدة جوهرية، فيتقدم المصروف اي العامل المنضوي تحت النقابة بدعوى امام مجلس العمل التحكيمي بفرض اعادته الى العمل وان يدفع له كل الرواتب حتى لو لم يشتغل حتى اعادته للعمل، واذا رفضت المؤسسة اعادته للعمل تدفع اضافة لراتبه ما بين 6 اشهر و36 شهرًا تعويضًا لهquot;.

قد يعتبر مجلس العمل التحكيمي ان هناك قوة قاهرة كالحرب وفي هذه الحال لا يعتبر صرفًا تعسفيًا بل لأسباب مقبولة. اما بالنسبة لتخفيض معاشات بعض الموظفين وآلية العودة الى معاشاتهم السابقة، يقول العيد إنه لا يحق للشركات بتخفيض المعاشات من دون موافقة الطرف المعني، وعليه ان يقدم دعوى في حال لم يرجع الى معاشه السابق.

والامر برأيه يتعدى العلاقة بين رب العمل والعامل، اذ كما صنف السنيورة الأمر فإن لبنان بلد منكوب بازمة البيوت ومؤسساته وحلت به مصيبة ولا يملك القدرة لمواجهتها وهذا يتطلب حلًا عامًا، وهي حالة اجتماعية جماعية ظاهرة وهي احدى جوانب الكارثة التي حلت بالبلد.

الاتحاد العمالي
امام هذا الواقع الذي سببته الحرب، يبدو ان الاتحاد العمالي عالق بين سندان العمال ومطرقة اصحاب العمل. فهو وان كان يدافع عن حقوق العمال ويعمل على المطالبة بضمانات لهم حتى ولو استدعى الامر النزول الى الشارع، الا انه حاليا لا يستطيع الا التمني على اصحاب المؤسسات النظر بعين الرأفة الى العمال.

من هنا اتت مبادرة رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن الى التحرك لدى وزارة العمل ولدى بعض الهيئات الاقتصادية والمطالبة بتأليف لجنة من العمال وأصحاب العمل والدولة بهدف معالجة عمليات الصرف، بما يضمن التخفيف منها. ويؤكد غصن ان الاجتماعات مع الهيئات الاقتصادية على قدم وساق للحد من استثمار نتائج الاعتداءات للقيام بعمليات الصرف الواسعة، معتبرًا ان هدف الاتحاد واللجنة هو الاستعجال في تقديم المساعدات للمؤسسات المتضررة، والتعويض عليها، وتأمين التسهيلات، بما يحول دون تهديد استمرارية العمل.

ويضيف غصن :quot; هناك ضرورة على مبدأ استمرار العمل في جميع المؤسسات، خصوصًا في ظل الظروف الحالية التي تتطلب تضامنًا بين العمال واصحاب العمل، ومن هنا يتابع الاتحاد العمالي الشكاوى التي ترده عن حالات صرف فردي او جماعي في بعض البلدات اللبنانية، ويجري الاتحاد لهذه الغاية سلسلة من الاتصالات واللقاءات مع وزارة العمل والنقابات المعنية لمعالجة هذه الحالات والحد من ازديادها.

ورغم ذلك، يتم الحديث عن حالات صرف واسعة في عدد من القطاعات لم يتبلغ بها الاتحاد والوزارة لغاية الآن. ورغم تعميم وزير العمل وتأكيد الوزارة والاتحاد العمالي على معالجة حالات الصرف، يبدو ان حجم المشكلة اوسع من الشكاوى التي تصل اليهما، وفي هذا السياق ، شدّد غصن على ضرورة التزام المؤسسات كافة بتعميم وزير العمل القاضي بالامتناع عن صرف أي عامل تحت أي ذريعة كانت.

من الواضح، ان الحرب الاسرائيلية على لبنان أسفرت عن نكبات متعددة الوجوه، لعل أبرزها الخسائر بالأرواح والمساكن. ولكن إحدى المشكلات الأخرى تتمثل بارتفاع نسبة البطالة وخسارة السوق لليد العاملة المتخصصة في القطاعات الانتاجية، بسبب حجم الخسائر المباشرة الذي أصابتها وتوقف العمل طوال الأزمة واستمرار الحصار الاسرائيلي حتى اليوم. هذه القطاعات الاقتصادية الشاملة توجهت مباشرة الى البحث عن التعويض وتخفيف الخسائر. فكان الهدف الاول هو تقليص الكلفة الادارية، والبحث في صرف أو تعليق عقود عمل العمال، أو إعطاء إجازات من دون رواتب للقسم الاكبر من الموظفين والعمال. وكل هذه الدروب تؤدي الى عنوان واحد هوquot;البطالةquot; إضافة الى تهديد استمرارية فرص العمل لحوالى 30% من القوى العاملة اللبنانية في القطاعات الانتاجية.