أسامة العيسة من القدس: رضخت أميركا وإسرائيل، لقطب المافيا الإسرائيلية زئيف روزنشتاين، المعتقل في الولايات المتحدة الأميركية، وتراجعت أمام قوته، واكد ناطق بلسان وزارة العدل الإسرائيلية، تصريحات أدلت بها زوجة روزنشتاين، عن قرب توقيع صفقة معه. وقال موشي كوهين الناطق باسم وزارة العدل الإسرائيلية، ان الاتصالات مع روزنشتاين، لتوقيع صفقة ادعاء معه وصلت إلى مرحلة متقدمة، وسيتم بموجبها، إقرار قطب المافيا البارز بارتكابه عدد من الجرائم بما فيها الاتجار بالمخدرات، في حين سيوصي الادعاء بان تفرض عليه عقوبة السجن الفعلي لمدة اثني عشر عاما يقضيها في السجن الإسرائيلي.

والأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بحسب مقربين من روزنشتاين، فانه سيستفيد، من أنظمة السجون في إسرائيل، بتخفيض مدة حبسه إلى الثلث. وأثارت هذه الأنباء الجدل حول القوة التي تتمتع بها المافيا الإسرائيلية، ولهجة الخوف لدى كل من الادعاء في إسرائيل وأميركا.وبدأت قصة روزنشتاين، قبل اكثر من عامين، عندما اعترضته سيارة شرطة إسرائيلية، وطلب منه رجال الشرطة النزول من سيارته التي كان يقودها وبجانبه إحدى صديقاته، والذهاب معهم إلى مركز الشرطة في تل أبيب، فاخذ يسخر منهم، لان الشرطة لم تتمكن من إدانة روزنشتاين، رغم أن الخلافات بينه وبين أقطاب المافيا الآخرين انتقلت إلى التفجيرات التي هزت تل أبيب.وعندما وصل إلى مركز الشرطة، اخبره المحققون بأنه سقط أخيرا في شرك أعماله، وبان الأمر يتعلق هذه المرة بمذكرة توقيف أميركية فدرالية.وتوفر لدى السلطات الأميركية، كما أعلن ذلك في حينه وزير العدل الأميركي نفسه في مؤتمر صحافي، دلائل، على تورط روزنشتاين، بتهريب ملايين من حبات مخدر اكزستازي إلى أميركا.وقبل عشرة شهور، تم تحميل روزنشتاين، في طائرة إسرائيلية، بمرافقة محققين إسرائيليين وعملاء من مكتب التحقيق الفدرالي الأميركي، هبطت في ميامي حيث أودع في السجن، ينتظر الحكم عليه بالسجن 20 عاما وفقا للقوانين الأميركية.

ورافق مندوبو الصحف ووسائل الإعلام روزنشتاين في رحلته، التي توقع كثيرون أن يحدث فيها مفاجآت، وان يكون رفاق روزنشتاين، قد اعدوا خطة لإنقاذه بشكل ما، ولكن هذا لم يحدث.وبدت الأمور وكأنها تسير كما خطط لها الادعاء في إسرائيل وأميركا، وان (الذئب) كما يطلق عليه رفاقه، سيظل حبيس القفص، ولن تقوم له قائمة. وبقي كثيرون لم يصدقوا بان الذئب (اسم زئيف بالعبرية يعني الذئب)، الذي يدير إمبراطورية من الأعمال المشروعة وغير المشروعة سيستلم هكذا بسهولة، وعلى غير المتوقع ظهرت في الأسابيع الأخيرة زوجته في الصورة، ترتدي زي المتدينات اليهوديات، وكأنها زوجة حاخام، وليست قرينة بارون عصابات مافيا، وتتحدث لوسائل الإعلام، وتحاول أن تقدم صورة مختلفة لزوجها، بأنه مثلا شخص متدين، وأنها تتصل معه 3 مرات يوميا، ويقرا التوراة بانتظام، وأخذت تتحدث عنه وهي تتردد على الكنيس الكبير في القدس، وعن كتاب التوراة الذي أرسلته لها.

وقالت الزوجة التي تتحدث عن زوجها وكأنه ملاك بريء quot;نتحدث معه ونمنحه القوة، أرسلت له كتاب صلاة بناء على طلبه، وهذا كل ما هو مسموح له في سجنهquot;.وأضافت quot;لي الشرف أن أرسل لزوجي كتاب صلاة، وبأنني أساعده في محنته، وأنا على ثقة بان وضعه سيكون افضلquot;. ثم فجرت ما اعتبر قنبلة عندما أكدت عن اتصالات يجريها الادعاء في إسرائيل وأميركا مع زوجها لإبرام صفقة معه، وقضاء فترة سجنه في إسرائيل، مما أوحى للرأي العام بان السلطات الأميركية تريد أن تتخلص من حبة البطاطا الساخنة التي عندها، رغم أنها بذلت جهدا للحصول عليها، وإعادتها لإسرائيل.

ومن الملاحظ أن اكثر الفئات التي تثير الرعب لدى الشرطة وحتى الصحافة هي عصابات وعائلات المافيا، فالشرطة ووسائل الإعلام في إسرائيل التي تبدو جريئة جدا في التعامل مع السياسيين وفتح ملفات فساد، تتعامل بحذر شديد مع رجال المافيا الذين لا يتورعون عن قتل أي أحد حتى القضاة. ولكن الأنباء الأخيرة حول الصفقة، جعلت الرأي العام يشعر بان الأميركيين أيضا يبدو انهم يخشون روزنشتاين، لان الحديث عن الصفقة يأتي بعد إصدار لائحة اتهام ضده في ميامي، لتسويقه ملايين من حبوب الهلوسة في أميركا، جعلها تقطع الطريق من إسرائيل، ليس إلى أميركا فقط، ولكن إلى استراليا، عبر أوروبا.

وقالت زوجته بثقة بان زوجها ينفي التهم الموجهة إليه، وانه سيعود إلى إسرائيل سالما غانما، بعد إبرام الصفقة ولن يقضي 12 عاما في السجون الإسرائيلية، لأنها ستخفض إلى الثلث، وهذا يعني انه سيطلق سراحه بعد عام أو اثنين، رغم انه سيعترف بموجب الصفقة بأنه تاجر في المخدرات، وهذا يعني أن إسرائيل وأميركا اكثر دولتين في العالم تبديان تساهلا مع تجار المخدرات، فقط إذا كانوا بقوة روزنشتاين.وتشير لهجة الثقة التي تتحدث فيها زوجة روزنشتاين، إلى حجم القوة التي يتمتع بها زوجها، وبالنسبة لكثيرين فان مجرد عودته ومكوثه في سجن إسرائيل فان هذا يعتبر إنجازا له، لانه سيعيش حتى وهو داخل السجون كإمبراطور، وسيجد كثيرين في خدمته ومن بينهم ضباط كبار في الشرطة، سيعرضون خدماتهم عليه، خشية منه.

وحاول الناطق بلسان وزارة العدل الإسرائيلية أن يجمل الاتفاق المتوقع توقيعه مع بارون المافيا، الأسبوع المقبل، بالقول بان الأمر يجري في إطار قانوني، وان وزارته حريصة على ان تكون الصفقة محكمة، ولهذا الغرض فان خبراء وزارته يفاوضون في أميركا محامي روزنشتاين.أما السلطات الأميركية فتبرر تهاونها مع بارون المافيا الإسرائيلية، رغم ما أبدته من حزم اتجاهه سابقا، بالقول، بان ما يجري من صفقة يتم في إطار نظام العدالة الأميركي وبما تسمح به قوانين ولاية فلوريدا.

ولكن ما يتحدث عنه مسؤولو وزارتي العدل في إسرائيل وأميركا، غير قادر على إقناع الرأي العام والمتابعين لقضية روزنشتاين، في حين أن اتباعه يزدادون ثقة بالذئب الذي ستشكل عودته إلى إسرائيل حدثا في عالم المافيا الإسرائيلية والعالمية.