بهية مارديني من دمشق: لا يمكنك العيش دون سقف يأويك، ولا يمكنك أن تختار المكان أو الحجم، فالمهم أن يتناسب مع امكانياتك، وبعد الإنتهاء من هذه المعضلة الكبيرة في سوريا وسط غلاء اسعار العقارات يبقى فرشها بأثاث جديد وأدوات كهربائية مشكلة جديدة، وهنا لا نتحدث عن الرفاهيات بل نتحدث عن أبسط الأمور التي يريدها الإنسان في احتياجاته اليومية، ويبقى التقسيط كحل تلجأ إليه بعض العائلات والأفراد، وخاصة الموظفين الذين يملكون دخلاً شهريًا ثابتًا يمكن التحكم به.

ويعتبر معن (موظف) أن التقسيط فن من فنون التحايل على مشقات ومصاعب الحياة، ويساعد أصحاب الدخل المحدود على اقتناء أشياء تعتبر من ضروريات حياتهم، وأشار إلى ان محلات التقسيط وإن كانت تأخذ فائدة كبيرة وفرت للمواطن الذي راتبه ضعيف فرصة أن يعيش ويستعمل الأشياء التي يحتكرها الأغنياء، خصوصًا في بلدنا، أصبح هناك طبقة غنية تتمتع بكل أشكال الرفاهية ومستلزمات الحياة الضرورية وغير الضرورية. وقال معن إن هذه المحلات وفرت للشخص المتوسط الحال أن يمنح لنفسه بعض من الضروريات ومن المكملات، صحيح أن الفائدة مرتفعة لكن يمكن أن يتلف الشيء الذي أخذته بالتقسيط ولم تدفع ثمنه بالكامل لصاحب المحل، ومن خلال هذا الأمر تنشط حركة البيع والشراء فصاحب المحل يحقق أرباح من خلال عدم تكديس البضائع في محله وبالمقابل المواطن يستفيد من أشياء، هو بحاجة إليها لا يستطيع أن يشتريها عندما يراها على واجهات المحلات بسبب أسعارها النارية لكن المأخذ على هذا الموضوع أن بعض البائعين معدومي الضمير يستغلون جهل أو حاجة الشخص إلى الغرض فيضاعفون سعره ويشعر المواطن بالاستغلال لكن يسكت كونه بحاجة إلى الغرض فلا يوجد من يحمي حقوقه التاجر يضمن حقه من خلال التوقيع على مستندات ورهن وإلى ذلك، أما المواطن لا أحد يضمن حقه فيمكن أن يأخذ الغرض ويعطب بعد فترة قصيرة عندها ويضيع حقوقه، في النهاية المواطن هو الخاسر لأنه ضحية حكومة لا تمنح رواتب تمكن من العيش بمستوى لائق وبين بعض التجار عديمي الضمير هدفهم الربح واستغلال الناس.

ويوافق وسام (موظف) على الفكرة الاولى ويجد ان: التقسيط يأتي حلاً ينقذ أصحاب ذوي الدخل المحدود من ورطة الدفع النقدي لمبالغ كبيرة لا يمكنه أن يخصصها لشراء شيء بأمس الحاجة إليه، فجاء التقسيط كحل له وفك لهذه العقدة، وهذا الأسلوب ليس حسن نية من التجار بل هو تصريف لبضاعة كاسدة في ظل زيادة الإنتاج وضعف القدرة الشرائية للمواطن الذي لا يكفي راتبه لتغطية ربع متطلبات الحياة، والتقسيط نوع من أنواع السرقة المشروعة لأن المنتج يباع بأضعاف كلفته الحقيقية، ويبقى التقسيط هو خيار المواطن الوحيد وخصوصاً الموظفين منهم، وفي جميع دول العالم هذا الأمر موجود لكن بضوابط وقوانين تضمن حق المواطن إلا في سوريا المواطن هو الخاسر الوحيد في هذه المعادلة الاقتصادية.

واعتبرت هبة (موظفة) ان : التقسيط من حاجات ضرورية للكثير من العائلات المحتاجة أو المتوسطة الدخل وخصوصًا المؤسسات الحكومية التي وفرت للناس أشياء ضرورية وبأسعار الفائدة عليها قليلة مقابل المحلات الخاصة، فلولا التقسيط هناك عائلات كثيرة لا يوجد لديها براد أو غسالة أو حتى فرن غاز حتى الثياب نشتريها أحياناً بالتقسيط، فمثلاً مع قدوم المدارس الآن وتعبئة المؤن من يستطيع أن يوفر من أصحاب الدخل المحدود مبلغ كبير لأولاده ولمصروف المؤن مع الارتفاع الكبير في الأسعار، لا بد أن يلجأ الموظف إلى التقسيط، الشخص يشعر بالإحباط والخيبة حين يرى أنه دفع مبلغ كبير فوق السعر الحقيقي لأي قطعة لكن يهون على نفسه بأنه غير متوفر معه المبلغ كاش فقط الأمور بخير لو أنهم يراقبون الفائدة التي يضعها صاحب المحل على مزاجه ويستغل المواطن فيها.

وقال مؤيد وهو (صاحب محل أدوات كهربائية يبيع بالتقسيط): صحيح أننا نصرف بضاعتنا ونحميها من التكديس فوق الرفوف لكن بالمقابل نحن نحل أزمة لدى الشخص ونفتح الباب أمامه لاقتناء ما يلزمه، ولا تكون الفائدة كبيرة عن السعر الكاش وهذا حقنا لأن سعر القطعة يمكن أن يظل سنتين حتى يكتمل ونأخذه بالكامل أيضًا هناك الكثير من الزبائن من يدفع مبلغ صغير وبعدها لا نرى وجهه ولا نستطيع أخذ أي قرش منه فتذهب من ربحنا، واضاف مؤيد هناك بعض المحلات التي تستغل الموظفين لكن المسؤولية تقع على المواطن فيجب أن يسأل في البداية ويبحث عن المكان المناسب ويأخذ منه بالتقسيط لا مجرد أن تقع عينه على محل يذهب ويأخذ منه، وأصبحنا نتفنن في موضوع التقسيط من خلال الإعلانات المغرية أو من خلال طريقة التقسيط مثلاً مئة ليرة في الأسبوع أو خمسين ليرة في اليوم....، أنها منافسة وفن بين التجار والتجارة شطارة.

وتروي ناديا (ربة منزل) معاناتها وتقول : لا أحد يتصور صعوبة البيت فارغ من دون براد أو من دون غسالة، ولا يستطيع صاحب البيت أن يشتريها لأن راتبه لا يكفي إطعام أولاده، واكدت ان محلات التقسيط حلت لنا أزمة كبيرة على الأقل لا تحس بهذا المبلغ الكبير الذي سندفعه كاش، ولا نضطر للاستدانة لجلب قطعة إلى البيت، على الأقل تكف وجه الموظف عن حاجة الناس ولو دفع الفائدة عالية الحياة صعبة ورب الأسرة لا يمكن أن يؤمن طلباتها مع هذا الارتفاع الكبير في الأسعار وخصوصًا إذا كان أحد في البيت مريض، فالواقع الاقتصادي السيء هو الذي يدفع بنا إلى مثل هذه العروض.

واعتبر فارس (موظف) ان: التجار وأصحاب المحلات فهموا اللعبة جيداً وتحايلوا على ضعف الطلب على منتجاتهم فلجأووا إلى هذه الطريقة ولكنه قال أنا لا أحبذ التقسيط مهما كان راتبي ضعيفًا لأنني سأدفع أضعاف سعر القطع ولست مضطرًا لذلك على العكس أفضل أن استدين على ألا آخذ بالتقسيط، لأنني أعرف أن الدين مبلغ كذا وسيعود إلى صاحبه كما هو أما التقسيط ستكون السرقة برضا الزبون كل شيء حولنا أصبح بالتقسيط حتى محلات الأدوات الصحية تقسط، حتى الأفراح أصبحت بالتقسيط فهناك أصحاب صالات تدفع لهم دفعة أولى وبعدها تقسط لهم كل شيء مبلغ معين هذا الوضع السيء لأن رواتبنا ضعيفة جداً وبالمقابل ارتفاع أسعار هائل، هل من المعقول أن تعيش أسرة بكاملها على 7000 ل. س. في الشهر إذا كان (كيلو البندورة في الصيف الذي يعتبر موسم البندورة بzwj; 30 ل. س.) ماذا سيأكل المواطن، كيف سيعيش والتقسيط ليس إلا حيلة من الحيل التي يتم فيها سرقة المواطن الذي تدفعه الحاجة إلى القبول بهذا الاستغلال.

وتساءل عمار (موظف): كيف سيتمكن شاب مثلي راتبه 6000 ل. س. من الزواج إذا لم يأخذ كل لوازم البيت بالتقسيط من التلفزيون إلى الغسالة إلى براد حتى الكراسي أخذتها بالتقسيط ولم أشتر كاش سوى أدوات المطبخ الزجاجية، وشدد ان التقسيط حتى لو دفع الموظف مبلغ معين كل آخر شهر أفضل من أن يبقى بحاجة طوال عمره خصوصاً أن الأمل عنده بأن يصبح معه مبلغ كبير ويشتري حاجاته، هكذا تكون ملزماً كل نهاية شهر بالدفع، المشكلة أن هذه المحلات تغري الشخص وتورطه وتشتري أحياناً أشياء لست بحاجة لها لأننا نراها أمامنا ونحب أن نقتنيها ونقول إنها بالتقسيط لكن لا ندري أن الفاتورة تجمع الكثير وبعد أن ندفع المبلغ نندم، وقال إن محلات التقسيط أصبحت مثل الفخ تورط الشخص لكنها وللأمانة حلت لنا مشاكل كبيرة.