مهند سليمان من المنامة:

كشفت مصادر عسكرية تحدثت إليها إيلاف أن البحرين سحبت آخر جنود لها في درع الجزيرة في منطقة حفر الباطن بالسعودية أمس، بعد انسحاب جميع القوات الخليجية على مدى العشر سنوات الماضية، وأكدت المصادر أن البحرين اتخذت الخطوة في إطار الخطة السعودية بتفكيك قوات quot;درع الجزيرةquot; المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد 20 سنة من انشائها، والاكتفاء بأن تشرف كل دولة على وحداتها المخصصة لدرع الجزيرة التي يمكن استدعاؤها في حال الضرورة.

وقالت المصادر إن البحرين ملتزمة بما وقعت عليه الدول الخمسة ( عمان والسعودية، والكويت ، وقطر والامارات ) في كانون الاول/ديسمبر 2000 في المنامة بمعاهدة دفاع مشترك تلتزم فيها بالدفاع عن اي دولة عضو في المجلس تتعرض لتهديد او خطر خارجي، واكدت ان الدول ملتزمة ايضًا بالمشاركة في التمارين الخليجية، والتي كان آخرها في عمان قبل شهرين حيث هدف التمرين الذى بدأ بالمرحلة الوطنية quot;تمرين الشموخquot;، وتمرين quot;درع الجزيرة 8 quot; الأهداف المرجوة من اقامته لإكساب الضباط الخبرات والمهارات فى مجال التخطيط وتنفيذ التمارين العسكرية خاصة المشتركة منها واختبار كفاءة الاسلحة والمعدات الحديثة التي زودت وتزود بها قوات السلطان المسلحة وتدريب الافراد عليها واكسابهم المهارات العسكرية المختلفة.

وكان مجلس التعاون الخليجي قد أنشأ قوات درع الجزيرة عام 1984، بهدف نجدة أي دولة عضو في المجلس تتعرض للهجوم ، وتتخذ هذه القوات من السعودية مقرًا لها، وتجري القوات المسلحة لدول مجلس التعاون تدريبات برية مشتركة مع قوة درع الجزيرة، كما تنفذ فيما بينها تدريبات جوية وبحرية مشتركة، وأعلن ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز في تصريحات نشرت في 25-كانون الأول/ديسمبر 2006 عن اقتراح للمملكة بتفكيك قوات quot;درع الجزيرةquot; المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد أكثر من 20 سنة من إنشائها، بعد اقترح العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على نظرائه في مجلس التعاون أثناء القمة الخليجية في 18 و19 كانون الأول/ديسمبر 2005، في ابوظبي إعادة هيكلة قوات quot;درع الجزيرةquot;، ولم تتمكن قوات quot;درع الجزيرةquot; من مواجهة الغزو العراقي للكويت في آب/اغسطس 1990 واضطرت دول المجلس الى الاستنجاد بتحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لإنهاء سبعة أشهر من الاحتلال العراقي للكويت.

ويرى اللواء - محمد جمال الدين مظلوم في تحليل عسكري له نشرته مجلة عسكرية سعودية أن عدم المشاركة الفعالة من دول المجلس في quot;درع الجزيرةquot; كان سببًا وراء الاقتراح السعودي الأخير فمعظم القوات المشاركة في الدرع تنتمي إلى القوات المسلحة السعودية، وأكد أن خطوة التفكيك تعد بمثابة إنهاء حلم الجيل المؤسس للنهضة الخليجية، والذي كان التعاون العسكري بين بلدان الخليج العربية أهم أهدافه.

وقال في تقريره العسكري،إن تشكيل قوة درع الجزيرة - سواء بوضعها السابق مجمعة، أو تمركزها على أراضيها رهن الاستدعاء - شمل خطوة بنّاءة في مسيرة العمل الخليجي والعربي، ربما سبقت دول وتكتلات سابقة عن إنشاء مجلس التعاون الخليجي، فالاتحاد الأوروبي والذي مثل مرحلة متقدمة للسوق الأوروبية المشتركة التي شُكلت عام 1957، شكّل قوة تدخل سريع عام 2004، أي بعد حوالى 50 عامًا من نشأته، في الوقت الذي شكلت فيه قوة درع الجزيرة الخليجية عام 1986 بعد إنشاء مجلس التعاون الخليجي بخمسة أعوام فقط، وينظر إليها العسكريون في الحقيقة كنواة لجيش عربي، فيما لو انتهجت باقي الدول العربية الأسلوب نفسه، خصوصًا بالنسبة إلى دول الهلال الخصيب، التي تضم كلاً من: العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، على اعتبار أن اليمن ستنضم إلى دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات القادمة.

واضاف: quot;إذا كان مثل هذا الحلم بدا ترفًا في الماضي، فقد أصبح ضرورة ملحة في زمن زادت الأطماع بمنطقتنا أكثر، حيث يعاد رسم خريطة العالم وفقًا لأهواء القوى العظمى، وحيث أصبحت كوابيس الاستعمار العسكري تطل برؤوسها من أقبية التاريخ القديم، لقد أعادتنا التغيرات التي طرأت على العالم مؤخرًا إلى مفاهيم كنا نعتقد أنها أصبحت قديمة، فبعد عقود كنا نؤمن فيها بأن المعيار الحقيقي لقوة أي دولة أو أي حلف أو تجمع سياسي استراتيجي هو قوة اقتصادية، وقوة الميزان التجاري، وليس أي شيء آخر، عدنا بعد عودة مبدأ فرض الهيمنة بالقوة، والذي أعاد معه أشباح مفاهيم الاستعمار القديم ندرك أن الاقتصاد لا شيء، أو بمعنى أدق، إنه لا يساوي شيئًا، إذا لم تكن هناك قوة عسكرية تحميهquot;.

واكد اللواء محمد، أن خبرة quot;درع الجزيرةquot; قدمت نموذجًا يمكن الاحتذاء به من قبل تجمعات إقليمية أخرى، خصوصًا على المستوى العربي، وعلى وجه التحديد جامعة الدول العربية، وهو ما قد يكون موضع معارضة من قبل قوى خارجية ترغب في تجنب أي جهود جادة في المنطقة، قد توفر لها مكانة كبيرة في التوازنات الإقليمية والدولية بشكل قد يؤثر على مسار الأحداث بالمنطقة وسبل التعامل مع صراعاتها المزمنة، فضلاً عن موازين القوى الإقليمية.

واشار إلى ان أي توجُّه نحو quot;تفكيكquot; قوة quot;درع الجزيرةquot;، بمعنى تلاشيها بشكل تام، قد تكون له العديد من الآثار السلبية على دول مجلس التعاون الخليجي في المجال العسكري، ومن قبيل ذلك ضعف مستويات التنسيق الدفاعي بين أطرافه، وانخفاض مستوى التجانس بين القوات المنتمية إلى دوله، وهو ما كان قد تم التوصل إليه خلال فترة تواجد قوة quot;درع الجزيرةquot;. ويضاف إلى ذلك تعاظم الاعتماد على القوى الأجنبية في توفير الحماية لأي من دول المجلس في فترات الأزمات، بما لذلك من آثار سلبية على الاوضاع الداخلية وأمام مواطنيه من جانب، وصورة دول المجلس على الساحة الدولية من جانب آخر، فضلاً عن سلب دول مجلس التعاون الخليجي القدرة على المناورة الدبلوماسية في القضايا التي قد تضعها في مواقف متعارضة مع مواقف القوى الخارجية التي توفر (بشكل مطلق) صمام الأمان لدول المنطقة في مواجهة التهديدات العسكرية الخارجية، وعلى وجه التحديد التهديدات الإقليمية التي تتمحور حاليًا بشكل رئيس حول القوة العسكرية الإيرانية.

وأوصى اللواء في تقريره حول عملية quot;إعادة الهيكلةquot; تحديد عدد القوات التي تخصصها كل من دول مجلس التعاون الخليجي لـ quot;درع الجزيرةquot; وأماكن تمركزها في دولها، ودورية عمليات التدريب والمناورات المشتركة بين كافة الوحدات، وهو ما تم الموافقة عليه في القمة الأخيرة، وإيجاد آلية محددة لاستدعاء وحدات القوة في فترة زمنية محددة مع تأمين وسائل النقل والدعم اللوجستي اللازمة لذلك.

وقال إن تشكيل قوة درع الجزيرة يمثل بداية عمل جماعي متكامل، يتضمن تدريبات مشتركة، وتوحيد المفهوم والتنظيم، وتوحيد نوعيات الأسلحة وطرازاتها، إعدادًا للعمل العسكري المشترك، وأن يمتد لإنشاء صناعات أسلحة مشتركة كخطوات رئيسة في العمل الاستراتيجي المشترك لدول المجلس، واكد أن منطقة الخليج العربي - إن لم تكن المنطقة العربية بأكملها - في أشد الحاجة إلى التعاون العسكري بين دوله، ومنها منطقة الخليج بخاصة، حيث تتهدها الأحداث الدامية في العراق، بما لها من تأثيرات على دول المنطقة، علاوة على تصاعد تداعيات البرنامج النووي الإيراني أيضًا على دول المنطقة، ما يعني ضرورة العمل الجدي للتعاون العسكري بين دوله.