في اليوم الثاني للزيارة... محادثاتلدعم سلام هش :
الملك عبد الله يستضيف بوش في مزرعته بالجنادرية
الرياض، وكالات: بعد أن أعلنت الإدارة الأميركية عن خطوة أولى بإتجاه إبرام صفقة للأسلحة مع المملكة يواصل الرئيس الأميركي جورج بوش اليوم الثلاثاء محادثاته مع العاهل السعودي الملك عبد الله عبد العزيز.
واستضاف الملك عبد الله بن الرئيس بوش في مزرعته في الجنادرية اليوم. وبعد أن يترك جانبًا المحادثات الجادة عن السلام بالشرق الأوسط والتحديات التي تمثلها إيران وصفقات الاسلحة التي هيمنت على اليوم الأول من زيارته للسعودية، سيتخفف من ملابسه الرسمية وسيقضي ليلته في مبنى مقام على شكل خيمة تزدان جدرانه بالحرير.وسيقوم بوش بجولة سياحية وسيلتقي برجال أعمال سعوديين ويزور العاملين بالسفارة الاميركية.
وقد أجرى بوش والملك عبد الله محادثات ليل الاثنين الثلاثاء تناولت تطورات القضية الفلسطينية والعراق وجهود مكافحة الارهاب ومجمل القضايا الاقليمية والدولية، حسبما ذكرت وكالة الانباء السعودية. واضافت الوكالة ان المحادثات جرت بعد عشاء اقامه العاهل السعودي على شرف الرئيس الاميركي والوفد المرافق له، وقلد خلاله بوش قلادة الملك عبدالعزيز التي تمنح لكبار قادة وزعماء العالم.
وقالت الوكالة إن المحادثات بين بوش والملك عبد الله التي جرت بحضور ولي العهد السعودي الامير سلطان بن عبد العزيز وكبار الامراء من الاسرة الحاكمة ومنهم وزير الخارجية الامير سعود الفيصل، تناولت quot;مستجدات الاحداث في المنطقة وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية في ضوء مؤتمر انابوليسquot;. وقد ناقشا quot;الجهود الدولية المبذولة لتحقيق السلام في المنطقة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وفقًا لرؤية الرئيس الاميركي (...) وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدوليةquot;. واضافت الوكالة ان اللقاء تناول ايضًا quot;الوضع في العراق وضرورة الحفاظ على سيادته وامنه ووحدة اراضيه وتحقيق الوفاق والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اطياف الشعب العراقيquot;. وتابعت ان بوش والملك عبد الله ناقشا quot;الجهود الدولية المبذولة في مكافحة الإرهاب بجميع اشكالهquot;.
وقد طلب العاهل السعودي ان quot;تشمل الامم المتحدة تحت مظلتها المركز الدولي لمكافحة الارهابquot; الذي كان دعا الى اقامته خلال المؤتمر الدولي الاول لمكافحة الارهاب في الرياض في 2005. وقالت الوكالة ان المباحثات تطرقت الى quot;مجمل القضايا الإقليمية والدولية وموقف البلدين الصديقين منها (...) وآفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقينquot;. واوضحت الوكالة ان quot;مباحثات الجانبين ستتواصل خلال ايام الزيارة لتشمل الوضع في لبنان وعددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشتركquot;.
ويسعى بوش خلال جولته في الخليج التي شملت ثلاث دول اخرى قبل السعودية الى الحصول على دعم لجهوده الرامية لاحتواء ايران ودفع عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين قدمًا. وصرح ايد جيليسبي احد المقربين من الرئيس الاميركي ان بوش ناقش الارتفاع الكبير في سعر النفط مع قادة الدول الخليجية الاخرى التي زارها خلال جولته الحالية، اي الكويت والبحرين والامارات العربية المتحدة. وخلال وجود الرئيس الاميركي في الرياض، اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان ادارة الرئيس ابلغت الكونغرس الاثنين انها تعتزم بيع السعودية اسلحة بقيمة 120 مليون دولار. والصفقة تندرج في اطار عقود تسلح كبيرة اعلنت عنها ادارة بوش في تموز/يوليو وتبلغ قيمتها عشرين مليار دولار مخصصة للسعودية ودول خليجية اخرى. ووصل بوش الى السعودية من دبي الاثنين اليوم السادس من جولته في المنطقة، في اول اول زيارة للمملكة اول مصدر للنفط في العالم والحليف الاول للولايات المتحدة في الخليج.
وقد اعلمت الادارة الكونغرس الاميركي بهذه الصفقة عقب وصول بوش الى الرياض، حيث يحق للكونغرس الاعتراض على الصفقة خلال 30 يوميًا. وتشمل الصفقة تزويد السعودية باسلحة متقدمة من بينها قنابل ذكية مما يمكن ان يثير قلق اسرائيل التي تعارض تزويد الدول العربية باسلحة متقدمة لكي تحافظ على تفوقها العسكري. وأعلن الناطق باسم البيت الابيض ان الحكومة الاميركية اعلمت الكونغرس عن عزمها بيع السعودية 900 قنبلة موجهة بواسطة الاقمار الاصطناعية تزيد قيمتها على 120 مليون دولار.
كما يأتي الاعلان عن هذه الصفقة بعد التصريحات المتكررة للرئيس بوش خلال هذه الزيارة الى الشرق الاوسط عن التهديد الذي تمثله ايران على الاستقرار في المنطقة. فقد اعلن في الامارات العربية المتحدة التي زارها قبل زيارة السعودية ان الولايات المتحدة تعزز التزماتها الامنية تجاه حلفائها في المنطقة وتحشد اصدقاءها حول العالم لمواجهة ما اسماه الخطر الايراني قبل فوات الاوان. وكانت السعودية قد عبرت اكثر من مرة عن شعورها بالقلق من تزايد نفوذ ايران في المنطقة. كما عارضت السعودية الغزو الاميركي للعراق عام 2003 والذي ادى الى تقوية النفوذ الايراني في العراق بعد وصول الاحزاب الشيعية الموالية لإيران الى الحكم.
مواجهة النفوذ الايراني
وينظر المراقبون الى خطط الادراة الاميركية تزويد حلفائها العرب باسلحة بعشرات المليارات من الدولارات على انها تأتي في اطار الجهود الاميركية لمواجهة النفوذ الايراني المتنامي في المنطقة. ويرجح ان تسعى الادارة الاميركية عن طريق بيع السعودية هذه الاسلحة الى اقناع الاخيرة، وهي ذات نفوذ كبير في المنطقة، الى الانضمام الى المساعي الاميركية لاحتواء نفوذ ايران في المنطقة. وتعارض السعودية قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية الى ايران بسبب الشكوك الاميركية حول النوايا الحقيقية لإيران في المجال النووي، حيث اعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان السعودية حريصة على السلم والاستقرار في المنطقة.
كما ان السعودية تقوم بدور كبير في العديد من الملفات الاقليمة مثل الصراع العربي الاسرائيلي والازمة الداخلية في لبنان وغيرها من الملفات الساخنة في المنطقة. ففي الملف الفلسطيني تسعى الادارة الاميركية الى الحصول على دعم السعودية للمفاوضات الجارية بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني والتي تتناول القضايا الجوهرية حاليا بعد جهود اميركية مكثفة لاطلاق المفاوضات بين الطرفين وبغية التوصل الى اتفاق نهائي قبل انتهاء ولاية الرئيس بوش اواخر هذا العام.
ومن المرجح ان يسعى بوش الى اقناع السعودية بتليين موقفها من اسرائيل وفتح باب الاتصال معها في اعقاب مشاركة السعودية في مؤتمر انابوليس في الولايات المتحدة اواخر العام الماضي الى جانب العديد من الدول ومن بينها اسرائيل والذي نجح في اطلاق المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني. ويقول السؤولون السعوديون ان تطبيع العلاقات مع اسرائيل سوف يتم فقط بعد تحقيق السلام في الشرق الاوسط واستعادة العرب الاراضي التي احتلتها اسرائيل في اعقاب حرب عام 1967.
بوش يسعى للحصول على التأييد السعودي من اجل مباحثات سلام هشة
بهذا العنوان الذي تصدر تغطية صحيفة الجارديان لزيارة بوش الى السعودية، رأت الصحيفة ان اهم اهداف زيارة بوش للملكة هو دعم العملية السلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين التي انطلقت في مدينة انابوليس الاميركية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبذلك تراجع الملف الايراني- الذي بدا بارزًا في زيارة بوش للامارات- وان كان جاء تاليًا لصالح ملف مباحثات السلام نظرًا للاهمية الاقليمية التي تتمتع بها السعودية ودورها الفاعل على الصعيدين العربي والاسلامي. وتقول الصحيفة ان النفط والاسلحة عنصران مهمان في العلاقة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة الاميركية. ولم تغفل الجارديان أيضًا المسألة الديمقراطية حيث نقلت الصحيفة عن ستيفن هادلي المستشار القومي للرئيس الاميركي قوله ان قضية الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم العربي طرحت ايضًا على بساط البحث خلال كل اجتماع عقده بوش مع القادة العرب.
الديمقراطية تتراجع
أما صحيفة الفايناشيال تايمز فقد سلطت الضوء في مقالها التحريري على ما وصفته بالتغيير في السياسة الاميركية تجاه المنطقة والذي أكدته جولة بوش الموسعة للشرق الاوسط. كما اثارت الصحيفة الشكوك حول مقدرة بوش في عامه الاخير في مقعد الرئاسة على الانجاز. فقد اشارت الصحيفة الى انه لشهور مضت تميز بوش بصياحه من اجل تحقيق الديمقراطية في العالم العربي بينما احجم عن دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وتقول الصحيفة ان هذا التوجه قد تغير وهو ما كشفت عنه الجولة الحالية. ابرزت الصحيفة قول بوش في رام الله بانه ينبغي ان تكون هناك quot; نهاية للاحتلال الاسرائيلي الذي بدا عام 1967quot;. وبينما يمثل ذلك تصعيدًا في لهجة بوش في مقاربة عملية السلام، فقد تراجعت تلك اللهجة كثيرًا في ما يتعلق بنشر الديمقراطية في العالم العربي.
أما الديلي تليغراف، وفي تغطيتها للزيارة نفسها، فقد غابت كل القضايا السياسية والامنية الكبرى التي عنونت زيارة بوش لتبرز الصحيفة مسألة المعتقلين السعوديين الباقين في معتقل غوانتنامو وعددهم 13 معتقلاً. الصحيفة تقول ان الرياض ستستغل زيارة الرئيس الاميركي للضغط من اجل الافراج عن هؤلاء المعتقلين. ونقلت الصحيفة عن مسؤوليين سعوديين قولهم ان غضب الراي العام المتنامي، الذي غذته الصحافة، اجبر الرياض على وضع غوانتنامو في قلب الاستعدادات لزيارة الضيف الكبير. وفي دلالة على متانة العلاقات بين واشنطن والرياض اوردت الديلي تيلغراف ان عدد المعتقلين السعوديين، الذين نجحت الرياض في الافراج عنهم من المعتقل السيئ الصيت هو 100 معتقل بينما افرجت السلطات الاميركية عن 13 معتقلاً يمنيًا فقط حيث تتمتع اليمن بعلاقات ضعيفة مع الادارة الاميركية.
بوش في مزرعة الملك عبد الله |
الملك عبد الله وجورج بوش يشاهدان استعراضا للخيول في مزرعة الجنادرية |
التعليقات