القدس: يدلي الاسرائيليون بأصواتهم لانتخاب حكومة جديدة في فبراير شباط وهو ما يقضي تقريبا على أحدث عملية للسلام مع الفلسطينيين برعاية الولايات المتحدة ويثير تساؤلات بشأن قابلية النظام السياسي للحياة.
وعمر الحكومة في اسرائيل أقل من عامين في المتوسط وهي واحدة من أقصر الولايات على مستوى العالم. ويقول موقع البرلمان نفسه على الانترنت quot;خلافا لمعظم الديمقراطيات البرلمانية الغربية النظام في اسرائيل يتبع بشكل مفرط.quot;
وينحي البعض باللائمة في الابطاء من الاصلاحات السياسية الداخلية وايضا في لعب دور في اعاقة الجهود الرامية الى انهاء 60 عاما من الصراع مع الجيران العرب على نظام انتخابي يجعل العديد من الاحزاب الصغيرة المعنية بقضية واحدة تتحول الى أحزاب صانعة للقرار قادرة على احتجاز رؤساء وزراء رهينة لمصالح راسخة.
وبعد استقالة رئيس الوزراء ايهود اولمرت بسبب فضيحة فساد حاولت تسيبي ليفني خليفته في رئاسة حزب كديما تشكيل حكومة جديدة.
لكنها فشلت حين طالب حزب شاس - وهو حزب ديني وركيزة أساسية في الائتلافات - بزيادة الدعم لطائفة يهود السفارديم ورفض السماح لها بالتفاوض على منح أجزاء من القدس لدولة فلسطينية.
وقال وزير الخارجية الاسرائيلي السابق شلومو بن عامي وهو يساري يعمل حاليا لحساب منظمة تسعى الى حل الصراعات quot;النظام السياسي الاسرائيلي غير قادر تماما على التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين.quot;
وقال جيرالد شتاينبرج رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بار ايلان الاسرائيلية quot;النظام السياسي عتيق الطراز.quot; لكنه حذر من أنه لا توجد مؤشرات تذكر على وجود توافق في الاراء بخصوص تغييره اذ أن الاحزاب التي تمثل المجموعة المتباينة من الطوائف العرقية والدينية متشبثة بالنفوذ الذي تتمتع به.
وأضاف quot;المجتمع المعقد ينعكس في السياسة التي تسودها الانقسامات والاحزاب الصغيرة لن ترغب في التخلي عن سلطتها... يمكن اعادة فحص النظام فقط حين تكون هناك قيادة سياسية مستقرة..quot;
وستجرى الانتخابات في العاشر من فبراير شباط اي قبل اكثر من عام من الموعد المحدد لها حيث يفترض اجراؤها كل أربع سنوات.
ولا يزال اولمرت قائما بأعمال رئيس الوزراء لكن بدون تكليف بالالتزام بابرام اي اتفاقات مهمة وبالتالي فان محادثات السلام معلقة.
وتظهر استطلاعات للرأي أجريت الاسبوع الماضي تعادل حزب كديما الذي تتزعمه وزيرة الخارجية ليفني ويمثل الوسط مع حزب ليكود اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو فيما يحتل حزب العمل بقيادة وزير الدفاع ايهود باراك الشريك الرئيسي في ائتلاف اولمرت المركز الثالث.
كما تظهر الاستطلاعات أن من غير المرجح أن يحصل الحزب quot;الفائزquot; مجددا على اكثر من ربع مقاعد البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) البالغ عددها 120 مما يمنحه أسبقية في اختيار رئيس الوزراء لكن في الوقت نفسه يكون الفائز بحاجة للعديد من الحلفاء لتشكيل ائتلاف حاكم.
وقال يوسي شين المحلل السياسي الاسرائيلي بجامعة جورج تاون ان النظام الانتخابي وضع قيودا ثقيلة على حرية الزعماء الاسرائيليين في اتباع جدول أعمالهم الخاص عندما يتولون السلطة.
وأضاف quot;النظام يفرض عليهم حدودا. ما دام لا يوجد حزب مهيمن كل شيء خاضع لضوابط يفرضها شركاؤهم في الائتلاف.quot;
وتمت مضاعفة الحد الادنى من الاصوات اللازمة لشغل مقعد واحد الى اثنين في المئة في انتخابات عام 2006 لكن هذا لم يسهم بشيء يذكر في الحد من تفتيت الاصوات. وتشغل 12 جماعة مقاعد البرلمان الحالي.
وعلى الرغم من أن 20 في المئة فقط من الاسرائيليين من اليهود المتشددين فان 26 من الحكومات الاحدى والثلاثين الماضية ضمت أحزابا دينية مثل شاس الذي منحته مقاعده الاثنا عشر ثلاثة مناصب بالحكومة في عهد اولمرت.
ويواجه رؤساء الوزراء تهديدات مستديمة بالانشقاق. وفي العام الحالي ضعف اولمرت حين خرج حزب يمثل المهاجرين الناطقين بالروسية احتجاجا على تجديده محادثات السلام.
ومن بين هؤلاء الذين دقوا جرس الانذار في الاونة الاخيرة بشأن الصلة بين النظام الانتخابي الاسرائيلي والاخفاق في تحقيق السلام صحيفة ايكونوميست التي دعت في عدد خاص منها كرسته لاحياء الذكرى الستين لقيام دولة اسرائيل في مايو ايار الى اجراء تغيير جذري.
وكتبت الصحيفة quot;من أجل أمنها الداخلي وصالحها هي تحتاج الان الى نظام يجعل الساسة مسؤولين امام الناخبين وليس امام ساسة اخرينquot; مشيرة الى مستوى أعلى للفوز بالمقاعد وتصويت تبعا للدوائر الانتخابية واجراءات أخرى قالت انها ستضعف أحزاب الاقلية التي لا تقبل الحلول الوسط.
لكن الكثير من الاسرائيليين فخورون بنظامهم. وذكر موقع الكنيست على الانترنت أن هذا النموذج quot;قائم على الحماس الذي تحارب به أحزاب سياسية متنوعة... من أجل الحفاظ على استقلاليتها.quot;
ويقول البعض ان فرض قيود على أحزاب الاقلية قد يجازف بأن تعبر هذه الجماعات عن شكاواها بأساليب أخرى عنيفة.
وعلى الرغم من صعوبة التعامل فيما يبدو مع النظام البرلماني وقعت اسرائيل معاهدتي سلام مع مصر والاردن كما سحب رئيس الوزراء السابق ارييل شارون قواته من غزة عام 2005 وسط معارضة شديدة من دوائر كثيرة.
وقال مسؤول اسرائيلي انخرط طويلا في محادثات السلام ان الاخفاق في تحقيق السلام ليس اخفاقا للنظام الحزبي بل مسألة ظروف بسبب الافتقار للارادة والقيادة سواء في اسرائيل او بين الفلسطينيين الذين يواجهون انقسامات عميقة.
ومضى يقول quot;ليس النظام.. انها قلة التصميم والافتقار للرؤية... كان هذا شيئا رأيناه مع شارون الذي استطاع أن يجبر النظام على التماشي معه